يهود يتعرضون للاعتقال لدعمهم غزة وفضحهم صهيونية إسرائيل وأميركا.. ما قصتهم؟

في 18 أكتوبر/ تشرين الأول 2023 اقتحم متظاهرون مبنى مكتب “كانون هاوس بيلدينغ”، في الكابيتول هيل في واشنطن، حيث مقر الكونغرس الأميركي للمطالبة بوقف قصف إسرائيل لقطاع غزة.

وإلى جانب المقتحمين، تجمع خارج مقر الكونغرس الأميركي بمجلسيه النواب والشيوخ، حشد كبير “لدعم أولئك الذين يتم اعتقالهم من الداخل”.

حث المتظاهرون، الذين ظلوا يهتفون “دعوا غزة تعيش”، و”أوقفوا إطلاق النار”، وهم يرفعون لافتات تحمل نفس الرسالة، نواب الكونغرس على اتخاذ إجراءات لوقف إطلاق النار في غزة.

وارتدى المحتجون وهم يدخلون المبنى التابع للكونغرس قمصانا سوداء كتب عليها “اليهود يقولون: وقف إطلاق النار الآن” وجلسوا في الردهة، وهم يغنون ويصفقون رافعين لافتات الدعم لمن تقتلهم إسرائيل في غزة.

وظهروا داخل أروقة المبنى التابع للكونغرس، وهم يرتدون ملابس الصلاة اليهودية، ويتلون الصلاة، للمطالبة بإنهاء الإبادة الجماعية الإسرائيلية للفلسطينيين.

وقالت طليب، العضو الفلسطيني الأميركي الوحيد الحالي في الكونغرس وهي تبكي: “أتمنى أن يرى كل الشعب الفلسطيني ذلك (التضامن من يهود أميركا مع غزة ضد إسرائيل)، أتمنى أن يروا أن أميركا ليست بأكملها تريدهم أن يموتوا، وأن لديهم الحق في الحياة”.

واعتقلت الشرطة عدة منهم، بينهم نائبان عن نيويورك وحاخامات، لأنهم رفضوا الخروج، لأنه لا يُسمح بالمظاهرات داخل مباني الكونغرس، كما قالت شرطة الكابيتول الأميركية في بيان لاحقا.

من جانبها، قالت منظمة “الصوت اليهودي من أجل السلام” (Jewish Voice for Peace)، إنه “تم اعتقال 500 يهودي”، بعد أن خرج 10 آلاف إلى الشوارع للمطالبة بإنهاء الإبادة الجماعية في غزة.

وأضافت عبر حسابها على منصة إكس: “لقد أغلقنا الكونغرس لجذب الانتباه إلى أن أميركا تدعم القمع الإسرائيلي المستمر ضد الفلسطينيين، لكن عملنا لم ينته بعد”.

ليتبين أن من قادوا هذه الاحتجاجات ضد إسرائيل والدعم الأميركي غير المشروط لها، غالبيتهم من منظمة “الصوت اليهودي من أجل السلام ومنظمة “إف نوت ناو” IfNotNow، اللتين تضمان يهود أميركيين.

“الصوت اليهودي من أجل السلام”

وتأسست منظمة “الصوت اليهودي من أجل السلام” في عام 1996 من قبل نشطاء مناهضين لإسرائيل، منهم الكاتب الأميركي توني كوشنر، والفيلسوف الأميركي نعوم تشومسكي.

وهي منظمة غير حكومية وغير ربحية بالولايات المتحدة، تؤكد أن هدفها دعم حق الفلسطينيين في التحرر وللتعبير عن اليهودية غير صهيونية، كما يبين موقعهم.

وتدعم المنظمة عودة اللاجئين الفلسطينيين، ولم شملهم مع عائلاتهم ومجتمعاتهم، منتقدة سياسات الحركة الصهيونية لمحو تاريخ الشتات اليهودي ولغاته وتقاليده.

وتقول المنظمة في تعريف نفسها على موقعها الإلكتروني، “نحن نتصور عالما يعيش فيه جميع الناس، من الولايات المتحدة إلى فلسطين، في حرية وعدالة ومساواة وكرامة”.

يرون أن الطريقة الوحيدة لتحقيق السلام والأمان للجميع هي من خلال ضمان العدالة والمساواة للجميع، معتبرين أن “هذا يعني الوقوف تضامنا مع الفلسطينيين، وبناء عالم يتجاوز الصهيونية”.

يؤكدون أن “جذور العنف هي القمع، ونحن هنا لنقول لا بأسمائنا (كيهود)، ولدينا القدرة على وقف الفظائع المستمرة ضد الفلسطينيين، ونحن نرفض مشاهدة ارتكاب الحكومة الإسرائيلية إبادة جماعية ضد الفلسطينيين في غزة”.

يرون أن المشكلة تتمثل في أن إسرائيل تحتل منذ 75 عاما، بشكل غير قانوني، الأراضي الفلسطينية وتقوم بعمليات تطهير عرقي هناك ضد العرب الفلسطينيين.

منظمة “إف نوت ناو”

بجانب حركة الصوت اليهودي، نشأت عام 2014 حركة يهودية أميركية جديدة ناشطة توصف في إعلام أميركا بأنها “تقدمية يسارية متطرفة” لأنها تعارض الاحتلال الإسرائيلي للضفة الغربية وقطاع غزة.

هذه الحركة هي “إف نوت ناو”، أو “مؤسسة السلام في الشرق الأوسط”، أو “مقاتلون من أجل السلام”، وفق تعريفات مختلفة في الإعلام الأميركي والصهيوني لها.

تصف نفسها عبر موقعها الإلكتروني بأنها “حركة لإنهاء دعم الجالية اليهودية الأميركية للاحتلال والحصول على الحرية والكرامة لجميع الإسرائيليين والفلسطينيين”. 

وتقول حسابات لهم على منصة إكس أن هدفهم كيهود أميركيين هو “إنهاء الدعم الأميركي لنظام الفصل العنصري الإسرائيلي والمطالبة بالمساواة والعدالة والمستقبل المزدهر للجميع”.

وتأسست “إف نوت ناو” خلال حرب غزة عام 2014 على يد شباب يهود غاضبين من رد الفعل المتشدد للمؤسسات اليهودية الأميركية في دعم تدمير إسرائيل لغزة، ويستخدمون كوسيلة لإظهار مقاومتهم الطقوس اليهودية.

تتمثل الأنشطة الأساسية لمنظمة “إف نوت ناو” في الاحتجاجات والاعتصامات في المقرات الرئيسة للمنظمات المجتمعية اليهودية الأميركية الرائدة، وشاركوا بنشاط كبير في التعاون مع منظمة الصوت اليهودي في الاحتجاج أمام البيت الأبيض واقتحام الكونجرس.

وقد تعرضت هذه المنظمة أيضا لانتقادات واسعة النطاق من اللوبي الصهيوني في أميركا وإسرائيل، لأنها تسعى إلى “تفكيك الصهيونية والفصل العنصري” و”إنهاء الدعم اليهودي الأميركي للاحتلال”.

غضب إسرائيلي

وفي السنوات الأخيرة، قد ألقت صحف تل أبيب الضوء على خطورة المنظمات اليهودية المعادية لإسرائيل وفي مقدمتها “الصوت اليهودي من أجل السلام”، وحذرت من ممارساتها في توفير دعاية مضادة سلبية ضد الصهاينة.

وكتبت صحيفة “هآرتس” في 29 مارس/آذار 2017 تصف المنظمة بأنها “تساعد وتحرض أولئك الذين قد يؤذون إسرائيل، أو حتى يزيلونها، إذا كان ذلك ممكنا”، مؤكدة أن حكومة إسرائيل ترى أن “صوت اليهود من أجل السلام” تجاوز الحدود.

قالت إن إسرائيل أصدرت قانونا جديدا عام 2017 لـ “حظر السفر” يمنع دخول أي مواطن أجنبي يدعو علنا إلى مقاطعة إسرائيل أو المستوطنات.

وأوضحت أن القانون استهدف “ريبيكا فيلكومرسون”، المديرة التنفيذية لمنظمة الصوت اليهودي من أجل السلام، رغم أنها أمضت ثلاث سنوات في إسرائيل، وهي متزوجة من إسرائيلي.

والسبب هو أن هذه المنظمة التي كرست لها فيلكومرسون حياتها لا تؤيد فقط المقاطعة وسحب الاستثمارات وفرض العقوبات ضد إسرائيل، بل تتبنى هذا التكتيك بحماس، وتعمل بنشاط على تشجيع انتشاره في جميع أنحاء أميركا.

وأنها تدعو المؤسسات في الولايات المتحدة إلى مقاطعة كاملة لجميع الهيئات الإسرائيلية (التجارية أو الثقافية أو الأكاديمية) التي تسهم، بشكل مباشر أو غير مباشر، في الاحتلال المستمر والقمع للفلسطينيين.

مقالات ذات صلة