
يكرهون المسلمين ويدعمون إسرائيل.. ماذا تعرف عن عقيدة اليمين الأميركي المتطرف؟
بينما يشتد العدوان الإسرائيلي على قطاع غزة، كان على الجانب الآخر من العالم، يجلس الطفل الفلسطيني الأميركي وديع الفيومي (6 سنوات) مع والدته في منزلهم بولاية إلينوي بالولايات المتحدة.
وخلال القصف الإسرائيلي الذي يحصد منذ 7 أكتوبر 2023 مئات الأطفال الفلسطينيين في غزة، كان الطفل وديع على موعد مع حادثة مروعة هزت أركان العالم.
تاريخ اليمين
وفي 15 أكتوبر 2023، فوجئت والدة وديع بجارهم الأميركي جوزيف تشوبا (71 عاما) باقتحام المنزل وتوجيه الطعنات لها، قبل أن تنجح في الهروب منه، لكن تشوبا لم يتوقف وتوجه إلى غرفة وديع ووجه له 26 طعنة قاتلة.
تشوبا وهو يوجه الطعنات للطفل، قال “يجب أن تموتوا أيها المسلمون”، وكانت آخر كلمات الطفل قبل أن تصعد روحه “لا تقلقي يا أمي أنا بخير” حسبما أفاد عمه يوسف حنون.
الحادثة التي أثارت الجدل في الرأي العام الأميركي، دفعت للتساؤل ما الذي دفع رجلا مسنا إلى قتل طفل يبلغ من العمر 6 سنوات بهذه الوحشية.
هذا ما أشار إليه مساعد مدعي الدولة مايكل فيتزجيرالد، في بيانه الأولي عن الحادثة، بأن تشوبا، كان يستمع إلى البرامج اليمينية المتطرفة، ما أدى إلى شعوره باضطراب الشك والارتياب بشكل متزايد بشأن وجود أسرة فلسطينية بجواره.
ووفقا لزوجة تشوبا فإنه تأثر تماما بمتابعته للقنوات ذات الاتجاه اليميني، عقب أحداث 7 أكتوبر (عملية طوفان الأقصى)، وأصبح يخشى تعرضهما لهجوم من قبل أشخاص من أصول شرق أوسطية.
وذكرت أنه كان قلقا من وقوع كارثة على شبكة الكهرباء الأميركية، وقام بسحب ألف دولار من أحد البنوك.
ولا يغفل أن هذا التيار يضم حركات أشبه بالمليشيات ودعاة عنف ويحملون السلاح، منهم تيار الكلو كلكس كلان، والجماعات النازية الجديدة.
وكذلك الجمعية الوطنية للبنادق، وحركة المليشيات المسلحة، وحركة المواطنين أصحاب السيادة، وحركة فرسان القسم، وحركة الثلاثة بالمئة.
وانضم إليهم في السنوات الأخيرة حركات مثل “كيو أنون”، و”الفتيان الفخورين”.
صعود اليمين
وتشترك تلك الاتجاهات اليمينية في تبني أيديولوجية ثابتة قائمة على العنصرية وتفوق الجنس الأبيض، وتطهير الولايات المتحدة من الأجناس الأخرى خاصة المسلمين والآسيويين، مع إعطاء الحق الكامل للمواطن الأميركي في حمل السلاح.
ويشكلون جماعة ضغط قوية تمنع أي فكر أو مشروع قانون داخل الكونغرس يدعو إلى حد انتشار الأسلحة.
ومن اللافت أن الكثير من هذه الحركات تضم أعضاء حاليين وسابقين في الشرطة والجيش.
وهناك حركات تتشكل بالكامل من هذه الفئة مثل حركة فرسان القسم التي تؤكد على ضرورة قيام أعضاء الجيش بحماية الدستور في مواجهة محاولات الحكومة الفيدرالية لتوسيع سلطاتها.
يذكر أن تشوبا، قاتل الطفل الفلسطيني، والذي تأثر بأفكار اليمين ودعايته، هو ضابط سابق في سلاح الجو بالجيش الأميركي، واستخدم سكينا عسكرية خلال مهاجمته الطفل ووالدته.
وفي 20 مارس/ آذار 2023، كتب الباحث محمد دياب ورقته البحثية عن صعود اليمين الشعبوي الأميركي، والتي نشرها “المركز العربي للدراسات والأبحاث والسياسة”.
علاقته بإسرائيل
وأورد: “كان ريغان أول من دعم واعتمد على هذا التيار بقوة، وبناء على ذلك نشأ يمين أميركي متطرف، تجسد في تحالفه كيمين ديني مسيحي متصهين مع اليمين العلماني (المحافظون الجدد)”.
واستطرد: “في ذلك الوقت كان هناك تأثير متعاظم للوبي اليهودي على مواقف التحالف اليميني الأميركي الجديد وسياساته، بحيث صار من المستحيل الفصل بين السياسة الأميركية والسياسة الإسرائيلية”.
ونظرتي الطرفين إلى الصراع في الشرق الأوسط وتصورها لحل الصراع العربي الإسرائيلي وللقضية الفلسطينية.
وفي 19 سبتمبر/ أيلول 2022، نشر مركز “مدار للدراسات الفلسطينية” تقريرا عن التحالف بين اللوبي الصهيوني واليمين المتطرف في الولايات المتحدة.
وذكر أنه رغم قوة بنية العلاقات بين واشنطن وتل أبيب، لكن العام 1980 أخذ منحى مختلفا عندما تبنى ريغان الذي اعتمد على اليمين المتطرف سياسة أكثر حسما ووضوحا بالقرب من إسرائيل.
مسيحية يهودية
رغم أن الولايات المتحدة تمثل مهد النيوليبرالية والاتجاهات التقدمية، لكنها غارقة أيضا في الأفكار الراديكالية التي يحركها ويغذيها اليمين.
ففي 18 ديسمبر/ كانون الأول 2022، نشر موقع هيئة الإذاعة البريطانية “بي بي سي” تقريره عن الفكر اليميني الأميركي.
وذكر أن هذا التيار حاليا في حالة صعود عالية لأن المسيحيين المحافظين يشعرون أنهم في الجانب الخاسر من التغييرات الديموغرافية والثقافية.
واستشهد التقرير بأفكار كين بيترز، وهو قس ينتمي لما يعرف بالكنيسة الوطنية ويبشر بأن مكان الرب هو الحكم، ومن أقواله “نرغب في العيش في أمة يهودية مسيحية ذات قيم يهودية مسيحية”.
وتناول التقرير بأن دعم إسرائيل جزء أساسي من عقيدة اليمينيين الأميركيين، لأنهم يؤمنون بأن “العهد القديم” معصوم من الخطأ وأن “العهد الجديد” جاء ليكمل التلمود وليس لينقضه.
تأثيرهم ورموزهم
وبلغ تأثير اليمين الأميركي ذروته خلال عهد الرئيس السابق دونالد ترامب، وكانوا من الأسباب الرئيسة للضغط لأن تكون القدس عاصمة لدولة الاحتلال الإسرائيلية.
ففي 17 مايو/ أيار 2017، عشية زيارة ترامب إلى إسرائيل، دعت جهات رفيعة في اليمين الأميركي ترامب، إلى تنفيذ تعهده بنقل السفارة الأميركية إلى القدس.
ونشر حينها القس الإنجيلي، جون هاغي، أحد رموز اليمين، رسالة قارن فيها الوضع الحالي بالقرار التاريخي الذي اتخذه الرئيس هاري ترومان في 1948 بالاعتراف بإسرائيل، رغم المعارضة الشديدة التي أبداها وزير الخارجية (آنذاك) جورج مارشال.