وعد بتحقيقها في عدوانه على غزة.. ماذا تعني “نبوءة أشعياء”

مع تصاعد العدوان الإسرائيلي على غزة، وغضب الاحتلال من دعم الشعوب العربية للمقاومة، هدد رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو في خطاب تلفزيوني في 25 أكتوبر/تشرين الأول 2023، بأنه سيحقق “نبوءة إشعياء”، التوراتية.

قال، وهو يعلن أن قرار غزو غزة تحدد يومه لكن لن يتم إعلانه حاليا، إن في الحرب على غزة، ستتحقق “نبوءة إشعياء”.

وجَّه كلامه للإسرائيليين قائلاً: “سنحقق نبوءة إشعياء، لن تسمع بعد الآن خراباً في أرضك، سنمنح المجد لشعبك، سنقاتل معاً وسننتصر”.

ومضى يقول: يجب على الأمة الاستعداد لما أسماها “معركة بين النور والظلام”، واصفا الفلسطينيين بـ”أبناء الظلام”، والإسرائيليين بـ”أبناء النور” على حد زعمه.

فما نبوءة إشعياء التي تحدث عنها نتنياهو؟ وماذا يعني تأكيد المسيحيين الإنجيليين في أميركا، أن الحرب بين إسرائيل وحماس “جزء من هذه النبوءة”؟

ما نبوءة إشعياء؟

بحسب موقع “كل إسرائيل”، قال رئيس الوزراء الإسرائيلي في نهاية خطابه يوم 25 أكتوبر: “بالقوات المشتركة، وبإيمان عميق بعدالة قضيتنا وبأبدية إسرائيل، سوف نحقق نبوءة إشعياء 60: 18”.

وهذه النبوءة رقم 18 في سفر إشعياء تقول: “لاَ يُسْمَعُ بَعْدُ ظُلْمٌ فِي أَرْضِكِ، وَلاَ خَرَابٌ أَوْ سَحْقٌ فِي تُخُومِكِ، بَلْ تُسَمِّينَ أَسْوَارَكِ: خَلاَصًا وَأَبْوَابَكِ: تَسْبِيحًا، بحسب موقع “الأنبا تكلا هيمانوت”، الذي يعرض السفر كاملا من 1 إلى 66.

وذلك في إشارة لما قاله نتنياهو عن أنهم سيدمرون غزة ومن يقف معها ويوفرون الأمن للإسرائيليين ويحمون حدود دولتهم.

برغم أن نتنياهو استشهد تحديدًا بالإصحاح 18 من سفر إشعياء، في العهد القديم وهو يتحدث عن رؤيا رآها أشعياء عن “بني إسرائيل”.

إلا أنه أشار إلى الإصحاحات الأخرى من 18 إلى 60، وهي تتضمن نبوءات أخرى عن مصر والعراق والسودان وفلسطين، إذ إن سفر إشعياء مليء بالنبوءات.

هذا يعني أن سعي إسرائيل ليس فقط لإبادة غزة، وإنما أيضا خراب مصر والعراق والسودان وإحداث فوضى كبيرة بها، وإنشاء وطن يمتد من مصر إلى العراق، ومؤشر على أن حرب الاحتلال على غزة، ستمتد لدول المنطقة كافة.

ويؤكد عبد الناصر سلامة رئيس التحرير السابق لصحيفة الأهرام لموقع “رأي اليوم” في 26 أكتوبر 2023، أن نبوءة إشعياء التي يتحدث نتنياهو عن تنفيذها حالياً تستهدف مصر بالدرجة الأولى”.

أوضح أن “هدف هذه النبوءة هي السعي لتعطيش وتجويع واحتلال مصر، وافتعال احتراب داخلي بها”.

وتحذر تقارير دولية من أن محاولة إسرائيل وأميركا تهجير أهالي غزة إلى مصر خصوصا يعني حربا بين مصر وإسرائيل وتوسيعا للحرب لتشمل دولا أخرى منها لبنان والعراق وربما منطقة الخليج.

ووصفت صحيفة “ديلي بيست” خطاب نتنياهو بأنه “يستحضر النبوءة الدينية في خطاب الحرب بين إسرائيل وغزة”.

وقال موقع “كلاش ريبورت” إن خطاب نتنياهو وحديثه عن نبوءة إشعياء التي تصور استعادة إسرائيل ومجيء “ملك مسياني”، يعني أن “نتنياهو يصور نفسه أنه الملك المسيحاني”.

ويقول مفسرون إنه لم يرد في القرآن ولا في السنة النبوية ذكر لنبي بهذا الاسم مطلقا (إشعياء) ويقول بعضهم إنه من الأنبياء الذين قتلهم بنو إسرائيل، كما يقول الطبري.

إنجيليون مع النبوءة

تزامن الخطاب الديني لنتنياهو مع اصطفاف مكثف لليمين الإنجيلي الأميركي مع إسرائيل، حيث يؤمن هذا التيار أن عودة المسيح ستتم بمجرد عودة اليهود في الشتات إلى فلسطين، وقيام حرب هرمجدون مع “الشر”.

وقد نشر موقع وكالة “بلومبرغ” الأميركية مقالاً لـ “ستيفن ميهم”، أستاذ التاريخ بجامعة جورجيا، في 25 أكتوبر، يتحدث فيه عن “توافق بين اليهود والإنجيليين”، وهو يفسر اصطفاف أميركا والغرب خلف إسرائيل.

قال إن “هناك عددا كبيرا من المسيحيين الإنجيليين يرون أن إراقة الدماء في حرب إسرائيل وغزة تمهد الطريق للمجيء الثاني للمسيح”.

وأن هذا التوافق بين اليهود والإنجيليين (ضد العرب والمسلمين) عززه رئيس الوزراء السابق مناحيم بيغن على نحو متزايد مع الحزب الجمهوري بقيادة رونالد ريغان في الثمانينيات.

وأنهم أصبحوا “حلفاء في هرمجدون”، يوحدهم طموح مشترك لرؤية إسرائيل تنتصر على أعدائها.

وحين اندلعت حرب غزة، قال السيناتور الأميركي الجمهوري، ليندسي غراهام، وهو من المنتمين لهذا التيار من المسيحيين الإنجيليين في تعليقه على حرب غزة “نحن في حرب دينية” حسب ما صرح به لقناة “فوكس نيوز”.

قالت في تحليل بمجلة “فورين أفيرز” في 25 أكتوبر، إن “الاضطرابات في غزة ليست أمرا سيئا تماما بالنسبة لنظام السيسي، وهو سعيد لرؤية إسرائيل تقضي على حماس، التي انبثقت من جماعة الإخوان المسلمين التي يعد عدو السيسي”.

وأضافت أنه أيضا مع تعثر الاقتصاد المصري، قد يرى السيسي أيضا فرصة للضغط من أجل تخفيف الديون وتقديم الدول والمؤسسات الغربية والدولية له “تنازلات”، مقابل فتحه ممرات المساعدات الإنسانية وتسهيل مغادرة الرعايا الأجانب من غزة.

قالت أندرسون إن حديث السيسي الإعلامي الرافض لتدمير غزة وحماس على يد إسرائيل، “يغازل به المعارضة في الداخل، والجمهور المصري الغاضب من القصف الإسرائيلي المستمر على غزة والهجوم البري المحتمل”.

وأوضحت أن أميركا لا يهمها سوى مصالحها، رغم أنها تعد نظام السيسي “استبداديا” لأنها تفضل الاستقرار على عقاب السيسي حول حقوق الانسان، رغم زيادة خيبة أمل المصريين الغاضبين من النظام الذي يعمل على إفقارهم.

مقالات ذات صلة