واشنطن بوست: إغاثة المتضررين أهم من خطابات الساسة الفارغة

في مقال له قال هوكستادر، المعلق في صحيفة “واشنطن بوست” وعضو هيئة التحرير أن تركيا تريد مساعدتنا بشكل عاجل وعلينا أن نقدمها لها سريعا وبتفان، مشيرا غلى إن تركيا شهدت في عام 1997 زلزالا أسوأ من الزلزال الجديد، وأودى آنذاك بحياة 17 ألف شخص.
ويضيف الكاتب: “تركني ذلك الزلزال بلوحة من الذكريات المرعبة والفجيعة، كنت قد هرعت إلى هناك من القدس، حيث كنت مدير مكتب واشنطن بوست، وغمرتني المشاهد التي لم أنسها، وليس أقلها الدعم الذي لا ينتهي والتضحية بالنفس الذي قدمه الأتراك لبعضهم البعض”.
وقال الكاتب أن كان هناك مشهد آخر لا يمحى من الذهن وهو الفريق ذو الحرفية العالية، المتخصص بالرد على الكوارث، والذي جاء من مقاطعة فيرفاكس الأمريكية، حيث لم يحتاجوا سوى أقل من يوم لنشر معدات زنتها 30 طنا، و76 خبيرا في الإنقاذ، وقضوا ليالي وهم يبحثون بين أنقاض البنايات المتهدمة عن الضحايا بمساعدة أدوات تكنولوجية عالية التقنية وحساسة، تستطيع الاستماع لدقات القلب، ومحاولة شخص تنشق هواء من تحت الأرض. وفي واحدة من الليالي، نظر مئات الأتراك وقد قطبوا حواجبهم وكانوا يصلّون بصمت، عندما أنقذ فريق فيرفاكس طفلا مرعوبا عمره 7 أعوام من تحت الأنقاض، وأنقذوا حياة امرأة عمرها 24 عاما التي مزحت وابتسمت مع فرق الإنقاذ، وهم يحاولون تقطيب جرحها، كما أنقذوا حياة امرأة عمرها 43 عاما كان شقيقها متأكدا من موتها وجلب معه الكفن ليأخذ جثتها من تحت الأنقاض الملتوية، حيث كانت تعيش في شقة وسط البناية.
ويعتقد الكاتب أن هذا العمل الإغاثي الذي قدمته أمريكا، وقدرتها على نقل معدات وفرق إلى بلد حليف بحاجة ماسّة للمساعدة، وتقع على بعد خمسة آلاف ميل، فعل الكثير للمس قلوب وعقول الأتراك أكثر من مئات الخطابات الفارغة من الساسة والدبلوماسيين، وهو ما تحتاجه تركيا الآن وحالا، حيث تواجه كارثة جديدة هزت أيضا شمال سوريا.
ويرى الكاتب أن الولايات المتحدة وتركيا في تحالف غير مريح، وهما ضررويتان لبعضهما البعض، ولطنهما في مماحكة مستمرة في قضايا ونزاعات مختلفة، وفوق كل هذا، الموقف من توسيع عضوية الناتو، حيث تعتبران من أكبر الأعضاء فيه.
ولا تزال أنقرة تقف أمام انضمام السويد وفنلندا اللتين تخلتا عن الحياد الطويل، وقدمتا طلبا لعضوية الحلف العسكري. ولكسر الجمود، اقترح الرئيس جو بايدن على الكونغرس الموافقة على طلب تركي لشراء مقاتلات أف-16 وتحديث أسطولها، والذي يبدو أن المشرّعين الأمريكيين، غير راغبين في الموافقة عليه.
وتظل مشكلة أف-16 واحدة من القضايا العالقة بين تركيا وحلفائها في الناتو، حيث تصر على ترحيل ستوكهولم أكرادا يعيشون في السويد تتهمهم تركيا بأعمال إرهابية. ورفض السويديون الطلب، متذرعين باستقلالية القضاء. وفشلت الدبلوماسية حتى الآن في عقد صفقة. وعندما تفشل الدبلوماسية السياسية، فإن الدبلوماسية الإنسانية قد تنجح في كسر الجليد.
ولم يوفر الأمين العام للناتو، يانس ستولتنبرغ، أي وقت عندما أعلن أن أعضاء الحلف تعهدوا بدعم تعافي تركيا، و”التضامن الكامل مع الحليف التركي بعد الهزة الرهيبة”.
وأشار الكاتب إلى أن إسرائيل تحضّر لإرسال فرق إنقاذ ومساعدات طبية إلى تركيا. وورد عن بنيامين نتنياهو، أن سوريا طلبت منه المساعدة عبر قنوات دبلوماسية، وقال: “أمرت بذلك”.
ويعلق الكاتب أن اللفتة الإسرائيلية لن تؤدي لتقارب مع نظام بشار الأسد، بل ربما تؤدي لنتائج في المستقبل.
وقال الكاتب إن الهزات الأرضية كتلك التي ضربت تركيا لا يمكن توقعها، على خلاف الأعاصير، وهي تعبير عن دمار لا يمكن وصفه، وتخلّف وراءها مدنا وبلدات سُويت بناياتها بالتراب، لتظهر وكأنها تعرضت للقصف. وهناك قلة من الدول لديها الوسائل للرد على كوارث كهذه بنفسها، ومن لديها المصادر للرد، فعليها واجب المساعدة.
وفي حالة تركيا حيث استخدم رجب طيب أردوغان الخطاب المعادي لأمريكا من أجل تعبئة قاعدته الانتخابية، فيجب تقديم المساعدة سريعا وبتفانٍ، وربما تترك تلك المساعدات أثرا يذكّر تركيا بأصدقائها الحقيقيين وأين تقع مصالحها.