هل يتغلب الاتحاد الأفريقي على تحدياته في مجموعة الـ20؟

ظل الاتحاد الأفريقي منذ فترة طويلة يطالب بمزيد من التمثيل في الإدارة الاقتصادية والسياسية العالمية ثم أصبح الآن عضواً كامل العضوية في مجموعة الـ20 المكونة من 19 دولة إضافة إلى الاتحاد الأوروبي.
بات الاتحاد الأفريقي جنباً إلى جنب مع الاتحاد الأوروبي الذي يمثل مصالح أوروبا في المجموعة، بينما يمثل المصالح الاقتصادية والسياسية المشتركة لأفريقيا، ومن المرجح أن يؤدي توسع المجموعة إلى تسمية جديدة تعبر عن هذه الإضافة.
اقترح رئيس الوزراء الهندي ناريندرا مودي في رسالة إلى زعماء التكتل، في يونيو (حزيران) الماضي، منح الاتحاد الأفريقي العضوية الكاملة في الكتلة، وقبل ذلك سعت الدول الأفريقية إلى انضمام منظمتها الإقليمية ثم دعمت عديد من القوى العالمية هذه الدعوة، بما في ذلك الولايات المتحدة والصين وألمانيا وفرنسا والاتحاد الأوروبي والسعودية.
تتلخص الفكرة التي تتبناها الهند في شأن “الحوكمة العالمية” في الجمع بين العالم المتقدم والنامي لمواجهة التحديات المشتركة، وترى نيودلهي أن بإمكانها أن توفر بديلاً لقوى أخرى مثل الصين تقف إلى جانب الدول النامية،
ودعم ذلك القرار أغلبية الأعضاء الذين رأوا أنه لكي تحتفظ مجموعة الـ20 بأهميتها، عليها أن تتواصل مع هذه المناطق الجغرافية مما يجعلها أكثر شمولاً وتمثيلاً للنظام العالمي الناشئ، ويعيد الثقة في المجموعة ويجعلها أكثر دينامية، في وقت تتصاعد فيه التوترات الجيوسياسية بين القوى الكبرى.
وعلى الرغم من أن أفريقيا تشوبها انقسامات عدة فإن القضية التي تبدو دولها موحدة إزاءها، هي أن النظام العالمي القائم على القواعد يصعد إلى القمة على أكتافهم ويبقيهم في الأسفل.
صوت الجنوب
يضم الاتحاد الأفريقي الذي أسس عام 2002 بديلاً لمنظمة الوحدة الأفريقية نحو 55 دولة في القارة السمراء تمثل أحد أصوات “الجنوب العالمي”، وهو المصطلح الذي يشمل البلدان النامية في آسيا وأفريقيا وأميركا اللاتينية، أما الظروف التي ولدت فيها مجموعة الـ20 في عام 1999 فقد كانت للبحث عن حلول دائمة للأزمات الاقتصادية المتجددة. ويمثل أعضاء المجموعة أكثر من 80 في المئة من الناتج المحلي الإجمالي في العالم و60 في المئة من سكانه.
ومن خلال الجمع بين البلدان الغنية التي تمثل أكبر الاقتصادات في العالم، والاقتصادات الناشئة يتخذ الإجماع بعداً مهماً في المداولات للوصول إلى قرارات تفضي إلى التركيز على التنمية الاقتصادية وتحقيق الاستقرار، كما أنها تسهم في الحد من التوترات الناجمة عن التنافس بين القوى العظمى.
حضر الاتحاد الأفريقي قمة مجموعة الـ20 لأول مرة في عام 2010، ومنذ ذلك الحين تمت دعوته وبرنامجه للتنمية الاقتصادية “الشراكة الجديدة لتنمية أفريقيا” (نيباد) بانتظام لحضور مؤتمرات القمة. وبعد سنوات من ذلك الحدث، أطلق اتفاق مجموعة الـ20 مع أفريقيا لزيادة مشاركة التكتل مع البلدان الأفريقية بشكل منفرد، ولأن دولة جنوب أفريقيا العضو الأفريقي الوحيد في المجموعة فقد تبنت تمثيل مصالح القارة بديلة للاتحاد الأفريقي.
وعندما قررت دول القارة الخروج من دور ضحية الاستعمار والحروب الأهلية والمجاعات بينما تضطرها هذه الكوارث إلى اتخاذ حليف دولي قوي ضد آخر، كلفها هذا القرار ثمناً باهظاً، ونتيجة لسعي أفريقيا لجذب الاستثمار والاهتمام السياسي العالمي خارج إطار الدول الغربية، كانت الصين أكبر شريك تجاري لها وواحدة من أكبر دائنيها، أما روسيا فقد تمثلت علاقتها معها في التعاون العسكري، ويتواصل البحث عن شراكات تجارية أو عسكرية من جانب تركيا وإيران وإسرائيل.
مكاسب الانضمام
تحقق عضوية الاتحاد الأفريقي في مجموعة الـ20 مكاسب عدة أهمها، أن أفريقيا هي القارة التي تتوفر فيها فرص هائلة بفضل معدلات النمو المتزايدة ومع تزايد التركيبة السكانية المثيرة للاهتمام في قارة يبلغ عدد سكانها نحو مليار نسمة، ويمكن أن يشكل ربع سكان الكوكب بحلول عام 2050،
كما ستتيح الفرصة للمجموعة بمضاعفة قدرة مصادر الطاقة المتجددة ثلاث مرات بحلول عام 2030، لا سيما مع امتلاك القارة الموارد التي يحتاج إليها العالم لمكافحة تغير المناخ، الذي تسهم فيه أفريقيا بقدر أقل ولكنها الأكثر تأثراً به، وسيعزز صوت الأفارقة في شأن سياسة المناخ والطاقة وكذلك التوزيع الأكثر إنصافاً للثروة.
وستستفيد الدول الأفريقية من خطوات مجموعة الـ20 نحو تشكيل أجندة تمويل الصحة في مرحلة ما بعد جائحة “كورونا” بشكل جماعي، مما يعيد الحكومات الأفريقية إلى مسؤولية تحديد الأولويات الصحية وتمويل الخدمات الأساسية، مع استعادة المساعدات إلى مكانتها كخدمة صحية تكميلية.
نظام التكتلات
لا تقتصر التحديات التي ستواجه عضوية الاتحاد الأفريقي في مجموعة الـ20 على تلك التي سيتم التعامل معها وإنما ما يرتكز منها على سياق إشكالية التعامل مع نظام التكتلات، ومنها التحدي الأول حيث تقف الصين اليوم في مواجهة الغرب، في حين ترى الهند نفسها بمثابة جسر ممهد لتنفيذ سياسة الغرب، وفي حين أن البلدين يدعمان ضم الاتحاد الأفريقي إلى مجموعة الـ20،
فإن بكين وجهت انتقاداً لنيودلهي واتهمتها بخلق الانقسامات والخصومات حينما استضافت “قمة صوت الجنوب العالمية” عبر الإنترنت في وقت سابق من هذا العام من دون توجيه دعوة للصين، التي اتهمت الهند باستغلال رئاستها لمجموعة الـ20 لتكون بمثابة ممثل للجنوب العالمي. وبالنظر إلى الطريقة التي تسير بها العلاقات الهندية- الصينية، سيكون الأمر مثيراً للقلق إذا لم يكن للهند وجود كاف على ساحة هذه التكتلات.
والتحدي الثاني هو إن كانت القوى الدولية تؤيد عضوية الاتحاد الأفريقي الدائمة في مجموعة الـ20 لأسباب جيوسياسية، فإن الولايات المتحدة مهتمة بذلك بغرض مواجهة نفوذ الصين المتزايد في أفريقيا، خصوصاً مع قيام بكين بفرد جناحيها في المنطقة، لتصبح شريكاً مهماً لعديد من دول القارة السمراء.
ومع إعلان زعماء مجموعة الـ20 عن مشروع دولي كبير للبنية التحتية لربط الهند والشرق الأوسط وأوروبا بالسكك الحديدية وخطوط الشحن وأنابيب الطاقة، ستكثف الصين جهودها لتوفير بنية تحتية أيضاً لمشروعها “مبادرة الحزام والطريق” بالتركيز على الجزء المتعلق بأفريقيا “الحزام”، وستتجه إلى إطلاق مزيد من مبادرات البنية التحتية في مناطق أخرى من الجنوب العالمي للمساعدة في بناء الثقة السياسية.