هكذا يهدد ممر “الهند-الشرق الأوسط” أرباح قناة السويس

بعد أسابيع قليلة من الكشف عن الممر الاقتصادي بين الهند والشرق الأوسط وأوروبا والأحاديث عن قرب التطبيع بين السعودية وإسرائيل، بدأت المقاومة الفلسطينية عملية “طوفان الأقصى” ضد الاحتلال في 7 أكتوبر/ تشرين الأول 2023.
وأُعلن عن الممر الاقتصادي بين الهند والشرق الأوسط وأوروبا (IMEC) في قمة قادة مجموعة العشرين في نيودلهي يومي 9 و10 سبتمبر/ أيلول 2023.
بديل قناة السويس
واستعرض “معهد دراسات جنوب آسيا” تأثير الممر الاقتصادي بين الهند والشرق الأوسط وأوروبا على قناة السويس، مؤكدا أن الشركات العالمية تشعر بالقلق من ازدحام القناة.
وكشف عن المر حكومات 7 دول: الهند، والولايات المتحدة، والمملكة العربية السعودية، والإمارات العربية المتحدة، وفرنسا، وألمانيا، وإيطاليا، هذا بجانب الاتحاد الأوروبي.
وأكد المعهد، الذي يتخذ من سنغافورة مقرا له، أن هذا الممر حاز اهتماما كبيرا لأهميته الجيوسياسية، إذ وُصف بأنه بديل إستراتيجي لمبادرة الحزام والطريق الصينية، اقترحته الولايات المتحدة وحلفاؤها.
فقد لوحظ أيضا أن الممر جاء انعكاسا لانخراط الهند استراتيجيا مع دول الشرق الأوسط وأوروبا والولايات المتحدة، ويتضح ذلك من خلال “مبادرة I2U2″، التي تضم الهند و”إسرائيل” والإمارات والولايات المتحدة.
وتُعد “I2U2” مجموعة للتعاون الاقتصادي في الاستثمارات المشتركة، والمبادرات الجديدة في المياه والطاقة والنقل والفضاء والصحة والأمن الغذائي، تأسست في 14 يوليو/ تموز 2022.
وقد أدى التركيز الجيوسياسي على الممر الهندي-الشرق أوسطي-الأوروبي إلى صرف الانتباه عن آفاقه الاقتصادية.
وأكد المعهد السنغافوري أن الممر “خيار بديل وفعال من حيث التكلفة لنقل البضائع من الهند إلى أوروبا”.
وأوضح المعهد أن للمر جانبا شرقيا وآخر شماليا. الأول سيربط الهند والشرق الأوسط عبر الخليج العربي، بينما سيربط الأخير الخليج العربي بأوروبا.
بديل قناة السويس
وأشار معهد دراسات جنوب آسيا إلى أنه “في الوقت الحاضر، تمر معظم البضائع البحرية الهندية الأوروبية عبر قناة السويس”.
وأضاف أن “قناة السويس -الممر المائي الاصطناعي الموجود في مصر والذي يعمل منذ ما يقرب من قرن ونصف- تُعتبر أسرع طريق لنقل البضائع من المحيط الهندي إلى أوروبا”.
وتربط قناة السويس -التي يبلغ طولها 193 كيلومترا- البحر الأبيض المتوسط بخليج السويس في البحر الأحمر.
وتفصل القناة بين قارتي آسيا وأفريقيا، وتعد أقصر الطرق البحرية بين أوروبا والبلدان الواقعة حول المحيط الهندي وغرب المحيط الهادي.
وتعد قناة السويس واحدة من أكثر قنوات الشحن ازدحاما في العالم -إلى جانب “مضيق ملقا” في جنوب شرق آسيا و”مضيق هرمز” في الخليج العربي- وتمثل حوالي 13 بالمئة من تجارة السلع العالمية.
وجدير بالذكر أن قناة السويس أحد أكثر مصادر النقد الأجنبي أهمية في مصر، إذ حققت 9.4 مليارات دولار في 2022-2023، مقارنة مع 7 مليارات في السنة المالية السابقة.
وتأمل مصر زيادة حركة الملاحة بنسبة 28 بالمئة، مع الانتهاء من مشروع تطوير المجرى الملاحي للقناة خلال 3 أعوام.
مصلحة مشتركة
ويرى المعهد أن “الهند والجهات المعنية الأخرى، المنخرطة في مشروع الممر من أوروبا والشرق الأوسط، لديهم ضرورات قوية لتحديد بديل لقناة السويس”.
وينبع هذا من مصلحتهم المشتركة في حماية سلاسل التوريد، حيث من المتوقع أن تتوسع التجارة بين الهند والشرق الأوسط وأوروبا سريعا، بعد إتمام الهند إبرام اتفاقيات للتجارة للخارجية مع أوروبا ودول شرق أوسطية.
فقد وقعت الهند والإمارات اتفاقية تجارة حرة ثنائية، دخلت حيز التنفيذ في 1 مايو/ أيار 2022، وتجري المفاوضات حاليا بين الهند من جانب والاتحاد الأوروبي والمملكة المتحدة من جانب آخر، بشأن اتفاقيتي تجارة حرة مع الجانبين.
ومن المقرر أن تمكن اتفاقيات التجارة الحرة الهند من الحصول على شروط تفضيلية متبادلة للوصول إلى الأسواق وتحقيق التكامل التجاري مع فرنسا وألمانيا وإيطاليا (أعضاء الاتحاد الأوروبي) والمملكة المتحدة، وفق التقرير.
وكانت صحيفة “غلوبس” الاقتصادية قد أوردت أن المشروع سيقنع الكثير من الدول وشركات النقل باعتماده بدلا من قناة السويس.
وأضافت الصحيفة أن مشروع الممر سيهدد مكانة قناة السويس كممر لنقل البضائع؛ لأن استخدامه سيقلص الفترة الزمنية التي يستغرقها نقل البضائع من آسيا إلى أوروبا والعكس، إذا ما قورن بقناة السويس.
وحسب مختصين تحدثوا للصحيفة، فإن النقل عبر الممر الهندي-الشرق أوسطي-الأوروبي، سيقلص كلفة النقل بنسبة 30 بالمئة مقارنة بكلفة النقل عبر قناة السويس، علاوة على أنه سيقلص الوقت بنسبة 40 بالمئة.
لكن في المقابل، قال رئيس هيئة قناة السويس السابق، مهاب مميش، إنه “لا بديل عن قناة السويس، كأسرع طريق للنقل البحري”.
ورأى مميش أن مشروع الممر “ستكون عملية النقل به مكلفة ومضيعة للوقت، وضد اقتصاديات النقل البحري”.