هكذا ينتظر الفلسطينيون في الخارج خبراً من أهلهم في غزة

في مخيم برج البراجنة للاجئين الفلسطينيين في لبنان، لا تنفك حياة شحادة عن مشاهدة التلفاز، بينما تحمل هاتفها الخلوي متلهفة لتلقي رسالة من ابنتها العالقة مع أولادها الثلاثة في قطاع غزة بعدما انقطعت أخبارهم لأسبوع.
في شقتها المتواضعة بالمخيم المكتظ في الضاحية الجنوبية لبيروت، تقول شحادة (69 سنة) لوكالة الصحافة الفرنسية “منذ أن بدأت الحرب في غزة وأنا في حالة قلق. أستيقظ عند الثالثة أو الخامسة فجراً، وأشغل التلفاز”.
وتضيف “أبكي لا على ابنتي فحسب، بل على أهالي غزة كلهم”.
بصعوبة، تتمكن شحادة من التواصل مع ابنتها، وجل ما تتمناه يومياً أن تصلها مجرد رسالة “نحن بخير”.
وتشرح السيدة بينما يلهو أحد أحفادها على الأرض قربها، “أتكلم معها أحياناً، تقول لي فقط إنها بخير”، إذ إنها لا تستطيع استخدام الهاتف مطولاً في ظل صعوبة شحن البطارية جراء انقطاع التيار الكهربائي في القطاع وعدم توافر الوقود للمولدات.
ومذ شنت حركة “حماس” هجوماً غير مسبوق على إسرائيل الشهر الماضي، أطبقت الدولة العبرية حصارها على القطاع الفلسطيني وقطعت إمدادات المياه والكهرباء والغذاء والوقود، وبات سكانه البالغ عددهم 2,4 مليون نسمة يعيشون في وضع كارثي وأزمة إنسانية.
وفي ظل صعوبة التواصل، تحاول شحادة أن تتمالك نفسها، لكن خوفها على ابنتها يبدو واضحاً في صوتها المرتجف، وتروي بأسى كيف أن ابنتها، التي فضلت عدم ذكر اسمها، وزعت أطفالها على أقاربها في محاولة لحمايتهم.
وتوضح “قبل أكثر من أسبوع، كانت تبكي وقالت لي وزعت أولادي حتى إن مات أحدهم يبقى الآخرون على قيد الحياة”.
دفعت العمليات الإسرائيلية أكثر من 1.65 مليون فلسطيني في غزة للنزوح من منازلهم جراء القصف، وبعد إنذارات إسرائيلية بضرورة مغادرة شمال القطاع والتوجه إلى جنوبه، الذي لا يسلم كذلك من الغارات الجوية الإسرائيلية.
وفي ظل الحصار المطبق وقلة المواد الغذائية، حذر برنامج الأغذية العالمي الخميس المنصرم من أن سكان غزة يواجهون “احتمالاً مباشراً للموت جوعاً”. وانقطعت خلال اليومين الماضيين الاتصالات بشكل شبه كامل جراء نفاد الوقود.
وعائلة شحادة من بين 750 ألف فلسطيني اضطروا إلى مغادرة قراهم وبلداتهم خلال النكبة، خصوصاً بعد مجزرة قرية دير ياسين التي ارتكبتها ميليشيات صهيونية في أبريل (نيسان) 1948، أودت بأكثر من 100 من أهالي القرية القريبة من القدس.
حين تتذكر زيارتها الأخيرة إلى قطاع غزة في يوليو (تموز) الماضي، تغرورق عيناها بالدموع، وتبتسم حين تستعيد صور أفراد عائلتها يستقبلونها بلهفة على وقع الطبل والزمر عند معبر رفح الحدودي مع مصر.
وتقول “ليتني لم أذهب يوماً إلى غزة ولم أر الناس الطيبين” فيها.
وتضيف “ليت غزة تعود كما كانت… لكن وإن كان الجميع يطالب بوقف إطلاق النار، فإن إسرائيل لا تسمع أحداً”.