هكذا حاربت دول غربية مناصري فلسطين وتكالبت لتبرير جرائم إسرائيل

بعدما أعادت عملية “طوفان الأقصى” في 7 أكتوبر/ تشرين الأول 2023 ضد معسكرات الجيش الإسرائيلي وبعض المستوطنات في محيط قطاع غزة، روح التضامن مع القضية الفلسطينية، لجأت دول أوروبية لتهديد الأصوات المؤيدة لها بعقوبات قاسية.

وحققت عملية المقاومة الفلسطينية على مستوطنات غلاف قطاع غزة ردا على انتهاكات الاحتلال في القدس، نتائج غير مسبوقة في تاريخ الصراع الفلسطيني الإسرائيلي.

إذ نتج عن العملية مقتل أكثر من ألف و300 جندي ومستوطن وأسر عدد غير معروف.

ودعا ذلك الخرق الكبير في عمق معاقل العدو الإسرائيلي، إلى تشكل موجة دعم وتأييد كبيرين في عدد من دول العالم للقضية الفلسطينية سواء بالمظاهرات أو الخطابات والبيانات المؤيدة لحقوق الشعب الفلسطيني.

لكن هذه الحالة الجمعية لم ترق لدول الغرب التي تدعم إسرائيل؛ الأمر الذي دعاها لتشديد الإجراءات ضد المتضامنين مع فلسطين والتلويح بعقوبات رادعة لكل من يؤيد المقاومة الفلسطينية على أراضيها.

تهديدات علنية

فقد سارع وزير العدل الفرنسي إريك دوبوند موريتي للقول أمام مجلس الشيوخ: “أريد أن أذكركم أيضا أن كل من يدعو الناس لإصدار حكم إيجابي على حماس أو الجهاد الإسلامي، سيواجه عقوبة بالسجن لمدة 5 سنوات.. وإذا قاموا ببث خطاب استفزازي على المواقع الاجتماعية، فسيتم سجنهم ليس 5 سنوات فقط بل 7 سنوات”.

وخلال كلمة لموريتي في 11 أكتوبر، قال: “أوصى البعض أن تجلس حماس وممثلو إسرائيل حول طاولة واحدة! كأنكم تطلبون من الحكومة الفرنسية أن تجلس مع (تنظيم الدولة) على طاولة واحدة”.

ووفقا للتعميم الذي أرسله وزير العدل الفرنسي إلى مكتب المدعي العام في 10 أكتوبر، فإن “التعليقات التي تشيد بهجمات حماس وتقدمها على أنها مقاومة مشروعة لإسرائيل”، تشكل جريمة تمجيد للإرهاب، وفق ما ذكرت صحيفة لوموند.

وبحسب المحامي الجنائي السابق إريك دوبوند موريتي فإن :”التلويح بعلم حماس خلال المظاهرة “قد يشكل جريمة تمجيد للإرهاب”.

وأضاف لصحيفة “لوموند” هذا التوصيف يشمل “التعليقات التي تشيد بالهجمات، وتقدمها على أنها مقاومة مشروعة لإسرائيل” بالإضافة إلى “النشر العلني لرسائل تشجع الناس على إصدار حكم إيجابي على حماس أو الجهاد الإسلامي”.

كما أمر وزير الداخلية الفرنسي جيرالد دارمانان في 12 أكتوبر بحظر “التظاهرات المؤيدة للفلسطينيين لأنها من المحتمل أن تؤدي إلى اضطرابات في النظام العام”.

وأمام ذلك، ندد مارتن هيكل، رئيس بلدية منطقة نيوكولين، في تصريحات لتلفزيون فيلت” المحلي بـ”تمجيد رهيب لحرب رهيبة”، ودعا الحكومة إلى حظر “الدعاية الإرهابية المثيرة للاشمئزاز” من جانب “صامدون”.

“سابقة خطيرة”

في بريطانيا زادت الشرطة في العاصمة من دورياتها بعد ظهور مقاطع فيديو لأشخاص يحتفلون في غرب لندن بأعلام فلسطينية، عدها وزير الهجرة البريطاني روبرت جينريك “تمجيدا للأنشطة الإرهابية لحماس، المحظورة في المملكة المتحدة”.

وقال وزير الداخلية البريطاني إن رفع الأعلام الفلسطينية قد يكون غير قانوني بموجب قانون النظام العام في رسالة إلى قادة الشرطة في إنجلترا وويلز.

وقالت جماعات التضامن مع فلسطين في لندن لـ openDemocracy إنها “سوف ترفع أعلامها عاليا”، على الرغم من أن وزيرة الداخلية البريطانية سويلا برافرمان أمرت الشرطة بقمع احتجاجاتهم.

ورأى الناشطون أن الرسالة شكلت “سابقة خطيرة” في إنكار الحقوق الديمقراطية، لكنهم توقعوا خروج “عشرات الآلاف” في مسيرة عبر العاصمة لدعم فلسطين بتاريخ 14 أكتوبر/تشرين الأول 2023.

ووصف مدير حملة التضامن مع فلسطين، إحدى المجموعات الست المنظمة للمسيرة، رسالة برافرمان بأنها “اعتداء على الحق الأساسي للمواطنين البريطانيين في إظهار التضامن مع الرغبة المشروعة للشعب الفلسطيني في إعمال حقوقه”.

وقالت مؤسسة الجالية الإسلامية في لندن، التي تمثل 1.3 مليون مسلم، إن كبار ضباط شرطة العاصمة طمأنوها بأن العلم الفلسطيني ليس علما إرهابيا محظورا، في مؤشر على انقسام محتمل بين وزارة الداخلية وقيادة الشرطة.

التعريف بالقضية الفلسطينية

وتعد هذه التحذيرات المغلفة بالتهديد القانوني، توجيها ضمنيا على وجه الخصوص للعديد من المجموعات أو الأحزاب التي أعربت بشكل أو بآخر عن موافقتها أو دعمها لعملية المقاومة الفلسطينية الأخيرة في مستوطنات قطاع غزة.

كما أن مثل هذا الزخم في مظاهرات كهذه في الدول الأوروبية يسهم في تصحيح الصورة المزيفة لدى شعوب الغرب عن القضية الفلسطينية وتعرية جرائم الاحتلال اليومية بحق الشعب الفلسطيني من إبادة وسلب للحقوق على مدى عقود.

وفي هذا السياق، قرأ الكاتب الفلسطيني أيمن الرفاتي أن هذه التحركات والمسيرات في الدول الأوروبية هي “علاقة فارقة يمكن أن تقلب المعادلة وتدفع مختلف الأطراف للتراجع عن عملية الإبادة التي يتعرض لها المدنيون في قطاع غزة”.

وأضاف الرفاتي في مقال في 12 أكتوبر، أن “التحركات في الدول الأوروبية ستشكل ضغطا حقيقيا في ظل حصول دولة الاحتلال على ضوء أخضر من الإدارة الأميركية والغرب بإبادة الشعب الفلسطيني وإنهاء قضيته العادلة”.

وفي هذا السياق، قال رئيس وزراء المجر، فيكتور أوربان، للإذاعة العامة، بتاريخ 13 أكتوبر 2023 إن بلاده لن تسمح بأي مسيرات تؤيد “المنظمات الإرهابية”، معتبرا أن “جميع المواطنين المجريين يجب أن يشعروا بالأمان، بغض النظر عن معتقداتهم أو أصولهم”.

وأضاف أوربان: “من الصادم أن تكون هناك مسيرات تعاطف تدعم الإرهابيين في أنحاء أوروبا. هناك محاولات حتى في المجر. لكننا لن نسمح بمسيرات التعاطف التي تدعم المنظمات الإرهابية، لأن ذلك من شأنه أن يشكل تهديدا إرهابيا للمواطنين المجريين”.

مقالات ذات صلة