موجات نزوح ضخمة لليهود من روسيا إلى الكيان الإسرائيلي.. ما الأسباب؟

موجة الهجرة اليهودية من روسيا إلى إسرائيل مستمرة منذ بدء غزو موسكو لأوكرانيا في 24 فبراير/ شباط 2022، وسط توقعات بأن أكثر من نصف يهود روسيا سيرحلون في غضون سبع سنوات.
وبعد أن استولت مليشيا “فاغنر” بقيادة يفغيني بريغوجين -الذي يُشاع أنه يهودي- على المنشآت العسكرية الروسية، وهددت بالتقدم لمسافة 700 ميل شمالا وشن محاولة انقلاب في موسكو، “خشي الكثيرون من أن يصبح يهود روسيا كبش فداء”.
وفي 23 يونيو/ حزيران 2023، قاد بريغوجين تمرّدا مسلحا، في وقت تفجرت فيه الخلافات بينه وبين القيادة العسكرية الروسية، عقب توجيه اتهامات لوزير الدفاع الروسي، سيرغي شويغو، بإصدار الأمر بقصف مقار قواته.
وقال موقع “ذا ميديا لاين الأميركي”، إن “هذا الحادث أثار حالة من عدم اليقين، في البلاد التي تعاني بالفعل جراء العقوبات الدولية التي تلت حربها على أوكرانيا”.
وفي 23 أغسطس/ آب 2023، توفي بريغوجين في حادث تحطم طائرة كانت في طريقها من موسكو إلى سانت بطرسبرغ.
وتشير أصابع الاتهام إلى الرئيس الروسي، فلاديمير بوتين، نظرا لأن انقلاب بريغوجين “أظهر ضعف قبضة بوتين” على البلاد.
نزوح جماعي
وتساءل الموقع الأميركي، قائلا: “لكن هل يؤدي هذا التمرد المجهض إلى المزيد من النزوح الجماعي ليهود روسيا؟”.
وأفاد “ذا ميديا لاين” بأن “الغزو الروسي لأوكرانيا، التي انطلق في فبراير/ شباط 2022، أدى إلى موجة من الهجرة اليهودية من كلا البلدين، وانتقل الكثير منهم إلى إسرائيل”.
وفي الأشهر الـ17 الماضية، انتقل 64 ألفا و633 روسيا إلى إسرائيل، وفقا لـ”الوكالة اليهودية” شبه الرسمية.
“وإذا استمر هذا الاتجاه المتصاعد، فسيختفي أكثر من نصف عدد اليهود في روسيا خلال سبع سنوات”، وفقا لتقرير نشره معهد أبحاث السياسة اليهودية، الذي يتخذ من لندن مقرا له.
ويقدر المعهد أن حوالي 145 ألف يهودي، وعدد مماثل من اليهود الذين لديهم والد يهودي واحد على الأقل، يعيشون في روسيا.
من جانبها، أوضحت نائبة مدير مركز إيفا للرعاية وللمجتمع اليهودي في سانت بطرسبرغ، تانيا لفوفا، أن “معظم المستفيدين اليهود من مركزها، والبالغ عددهم 2000 شخص، هم من كبار السن، وغير مهتمين بمغادرة البلاد”.
وأوردت أنه “في الواقع، كانت روسيا واحدة من أقل الدول معاداة للسامية خلال العقد الماضي”، مشيرة إلى أنه “رغم تزايد المشاعر المعادية لليهود في الولايات المتحدة وفرنسا، إلا أن كراهية اليهود ليست موضة في روسيا”.
ومع ذلك، قالت لفوفا إن “ما يقرب من نصف المشاركين في المخيمات العائلية التي ينظمها مركز إيفا قد هاجروا أخيرا”.
وأفادت بأن “هؤلاء المشاركين كانوا نشطين بوجه خاص داخل الجالية اليهودية، وكانوا “مهتمين دائما بالانتقال إلى إسرائيل”.
جذب الانتباه
من جانبه، قال مدير الهجرة اليهودية إلى إسرائيل بالسفارة المسيحية الدولية في القدس، هوارد فلاور، إن “عدد القادمين الجدد من جميع أنحاء الاتحاد السوفيتي السابق قد يرتفع هذا العام 2023”.
وأردف فلاور لموقع “ذا ميديا لاين” أن “الهجرة اليهودية إلى إسرائيل من روسيا والجمهوريات السوفيتية السابقة “مرتفعة جدا في الوقت الحالي بسبب عدم اليقين مما ستؤول إليه الأوضاع”.
وأشار فلاور إلى زيارته الأولى إلى سانت بطرسبورغ في عام 1992، عندما ارتفعت الهجرة اليهودية الروسية إلى إسرائيل، في أعقاب انهيار الاتحاد السوفياتي.
وشدد عالِم الديمغرافيا، دانييل ستيتسكي، الذي كتب تقرير “معهد أبحاث السياسة اليهودية”، على أن عام 2022 كان “مفصليا” بالنسبة لليهود الروس والأوكرانيين.
وصرح بأنه “إذا استمرت الهجرة من هاتين الدولتين لمدة 7 سنوات بالمستويات التي شوهدت عام 2022 وأوائل عام 2023، فإن 80 إلى 90 بالمئة من اليهود الذين وجدوا في أوكرانيا عام 2021، و50 إلى 60 بالمئة من اليهود الذين وجدوا في روسيا عام 2021، سيكونون قد هاجروا”.
وحذر ستيتسكي من أن الهجرة اليهودية الجماعية يمكن أن تشير إلى “عاصفة من الهجرة على نطاق أوسع”.
وأشار التقرير إلى أنه في الماضي، كانت عملية إعادة توطين اليهود الأوروبيين بأعداد كبيرة، تقع في أعقاب أحداث سياسية كبرى.
وأكد ستيتسكي أنه في منتصف عام 2023، يقدم لنا حجم الهجرة اليهودية من روسيا وأوكرانيا “نذير شؤم على أزمة سياسية كبيرة، وربما كارثية، في أوروبا”.
في المقابل، أكمل فلاور قائلا: “في حين أن حادثة مليشيا فاغنر جذبت انتباه العالم، فمن غير الواضح ما إذا كان هذا التمرد قصير الأجل قد هز يهود روسيا بما يكفي لجعلهم يتحركون”.
وشبه فلاور تمرد فاغنر الأخير، بما حدث عام 1993، حين سعى الرئيس الروسي السابق، بوريس يلتسين، إلى قمع المتمردين في موسكو، من خلال استدعاء الدبابات.