تقارير

من هو برويز مشرف الذي حُكم بالإعدام واتهم بالخيانة العظمى

أعلنت سفارة باكستان في الإمارات، تايوم الأحد، عن وفاة الرئيس الأسبق برويز مشرف، بعد صراع طويل مع المرض في مستشفى بدبي، وبعد سنوات قضاها في المنفى الاختياري.

وأعلن الجيش الباكستاني والسفارة الباكستانية في الإمارات أن مشرف، قائد الجيش السابق الذي تنحى عن السلطة عام 2008 في وجه معارضة واسعة لحكمه، توفي عن 79 عاماً.

من جانبها قالت الناطقة باسم القنصلية الباكستانية في دبي والسفارة في أبو ظبي، شازيا سراج، لوكالة “رويترز”: “بوسعي تأكيد وفاته (برويز مشرف) هذا الصباح”.

وقدم رئيس الوزراء الباكستاني شهباز شريف والرئيس عارف علوي وقادة الجيش والبحرية والقوات الجوية تعازيهم في وفاة مشرف، في حين أفادت قناة “جيو نيوز” التليفزيونية المحلية، بأن طائرة ستتوجه في رحلة خاصة إلى دبي الاثنين، لإعادة جثمان مشرف إلى باكستان تمهيداً لدفنه.

من هو برويز مشرف؟

وأشرف الجنرال السابق، الذي استولى على السلطة في انقلاب أبيض عام 1999، على النمو الاقتصادي السريع للبلاد وحاول نشر القيم الليبرالية الاجتماعية في البلد المحافظ.

وتمتع مشرف بدعم قوي لسنوات عدة، وكان أكبر تهديد له هو تنظيم “القاعدة” ومتشددين آخرين حاولوا قتله 3 مرات على الأقل، لكن استخدامه للجيش في قمع المعارضة وكذلك دعمه المستمر للولايات المتحدة في قتالها ضد “القاعدة” وحركة “طالبان” الأفغانية أدى في النهاية إلى سقوطه.

وسُمح لمشرف بالسفر إلى الخارج لتلقي العلاج، رغم أنه كان يواجه اتهامات بـ”الخيانة” في باكستان وسافر إلى دبي في 2016.

وفي عام 2019 حكم عليه بالإعدام غيابياً بتهمة “الخيانة العظمى”، ثم تم إلغاء الحكم في وقت لاحق.

في 12 أكتوبر/تشرين الأول 1999، كانت وكالات الأنباء تبث خبرا عاجلا بأن جنرالا بأربع نجوم قاد انقلابا عسكريا وتوّج نفسه رئيسا لدولة نووية، لكن قوته خذلته بعد عشرين عاما، فوُجهت له تهمة الخيانة العظمى وحُكم عليه بالإعدام.

قبل أن تنفصل الهند عن باكستان ولد برويز مشرف في مدينة نيودلهي في 11أغسطس/آب 1943، لأمه بيغم زارين ووالده الدبلوماسي سيد مشرّف الدين.

لاحقا هاجرت العائلة إلى باكستان، واستقرت في كراتشي حيث تلقّى برويز تعليمه الأولي، ثم انضم إلى القوات المسلحة في عامه 18، ليبدأ مسيرة من المعارك والتحديات أهّلته للرتب العسكرية الرفيعة.

قاتل مشرف في حربين ضد الهند التي ولد فيها: الأولى كانت عام 1965 في ولاية البنجاب، والثانية عام 1971، وكان دوره في المعارك موضع تقدير في الجيش الباكستاني، وتوّج بوسام البسالة.

وفي عام 1998، كان الأداء العسكري للرجل قد بلغ ذروته فعُين قائدا للجيش الباكستاني المتورط في السياسية والمفعم بمعاني التحدي والعظمة بحكم قدرته على مواجهته الهند؛ الجار ذي القربي والعدو اللدود.

صراعات واضطرابات… وهزيمة أدت إلى الاستقالة

شهدت فترة حكم مشرّف صراعات عدة مع السلطة القضائية، بما في ذلك الخلافات المطوَّلة التي أثارتها رغبة مشرّف المعلنة في البقاء على رأس الجيش والدولة معاً.

وفي أوائل عام 2007، أقال مشرّف كبير القضاة أفتخار محمد شودري، في خطوة أشعلت احتجاجات واسعة وشهوراً من الاضطرابات.

وبعد عدة أشهر، أمر مشرّف قوات الأمن بمحاصرة المسجد الأحمر والمدرسة الإسلامية الملحقة به، بعد اتهام طلاب ورجال الدين بشن حملة عنف لفرض تفسير متشدد للشريعة في إسلام آباد؛ ما أسفر عن مقتل 100 شخص.

كما أدى الغضب الشعبي المتصاعد من حملة مشرّف على المساجد إلى ظهور حركة «طالبان» الباكستانية، وشن حملة من التفجيرات والهجمات خلَّفت آلاف القتلى.

وحاول مشرّف تمديد فترة ولايته عبر فرض حالة الطوارئ في البلاد، ولكن حزبه مُني بهزمة كبيرة في الانتخابات البرلمانية التي جرت في فبراير (شباط) عام 2008، ما اضطره إلى الاستقالة بعد 6 أشهر، لتجنب إجراءات عزله التي أطلقها الائتلاف الجديد الحاكم آنذاك.

وعاش مشرَّف منذ ذلك الحين بين لندن ودبي، لكنه لم يخفِ مطلقاً طموحه للعودة للحكم في بلاده. وعاد إلى باكستان عام 2013 في محاولة لخوض الانتخابات لكنه مُنع من المشاركة ومن مغادرة باكستان، كما واجه سلسلة من القضايا القانونية.

وواجه مشرَّف عدة اتهامات، من بينها تهم بالفشل في توفير الأمن اللازم لرئيسة الوزراء الباكستانية بنظير بوتو، التي اغتالتها حركة «طالبان» عام 2007. كما اتهم تحقيق أجرته الأمم المتحدة في جريمة اغتيال بوتو، عام 2010 حكومة مشرّف بـ«الإخفاق المتعمد» في حماية رئيسة الوزراء.

وفي العام نفسه، اتُّهم مشرّف بـ«الخيانة العظمى»، بسبب قراره تعليق الدستور عام 2007، ولكن مشرّف لم يكن لقمة سهلة في البلد الذي يتمتع فيه العسكريون بحصانة من الملاحقة القضائية؛ الأمر الذي اضطر السلطات الباكستانية إلى إنشاء محكمة خاصة لمحاكمته.

واستغرقت مُحاكمته أكثر من 5 سنوات، قبل أن تُصدر المحكمة حكماً اليوم بإعدامه بعد إدانته بـ«الخيانة العظمى».

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى