منعطف تاريخي.. هل يغلق المغرب مكتب إسرائيل بعد “طوفان الأقصى”؟

“طوفان بشري” خرج إلى شوارع العاصمة المغربية الرباط، منتصف أكتوبر/تشرين الأول 2023؛ تأييدا لعملية “طوفان الأقصى” وتضامنا مع الشعب الفلسطيني في قطاع غزة ضد “الآلة القمعية الإسرائيلية”.
وغطت أعلام فلسطين سماء العاصمة، فيما صدحت حناجر المتظاهرين الذين انتقلوا إلى الرباط من عدة مدن، مطالبة بطرد ممثل إسرائيل في المملكة، ديفيد غوفرين، وإغلاق مكتبه بعد “خرقه” للأعراف وتهديده لمقاومة فلسطين من داخل البلاد.
وجاءت الفعالية التضامنية بحسب المتابعين كـ”استفتاء شعبي” على “خطيئة” التطبيع بين المغرب وإسرائيل، وجددوا مطالبهم للسلطات في “الواقع بدل المواقع” بالتراجع فورا عن “اتفاق العار”.
وفجر السابع من أكتوبر 2023، دشنت كتائب القسام الجناح العسكري لحركة المقاومة الإسلامية حماس، عملية نوعية أطلقت عليها اسم “طوفان الأقصى”، مبعثرة كل الأوراق والترتيبات الجيوسياسية في المنطقة عن القضية الفلسطينية.
وفضحت العملية للعالم بأسره كذبة “الجيش الذي لا يقهر”، حيث اجتاح عناصر القسام مستوطنات غلاف غزة وقتلوا 1400 بين جنود ومستوطنين.
عودة الروح
وللتنديد بهذه المجازر الإسرائيلية في غزة، تظاهر الآلاف في الرباط لتعيد هذه الفعالية اللافتة “روح التضامن” مع القضية الفلسطينية والتي “خفت” عن الشارع المغربي منذ اتفاق التطبيع عام 2020.
وهذه تعد أول مسيرة وطنية حاشدة داعمة لفلسطين تنظم في المغرب منذ “منع” تنظيم مظاهرة مماثلة عقب تطبيع العلاقات المغربية الإسرائيلية عام 2020.
وأرجعت وزارة الداخلية سبب المنع آنذاك إلى “الطوارئ الصحية” جراء جائحة كورونا، والاقتصار على وقفات محدودة في عدة مدن عرفت “عزوفا” ملحوظا.
وبعد المسيرة مباشرة، قال “المرصد المغربي لمناهضة التطبيع” إن “الجماهير حضرت بقوة ملحوظة جدا، مما جعل المسيرة تسجل من بين أكبر المسيرات في تاريخ الحراك المغربي مع قضية فلسطين لتؤكد بذلك على المبدأ الثابت للمغاربة بوصفها قضية وطنية”.
وأضاف المرصد في بيان أن “الحضور المميز والكبير للجماهير الشعبية من كل الفئات يعد أكبر رد قاصم على دعاة الصهينة، وإنجازا كبيرا في ظل سطوة ماكينة التطبيع الرسمي وما تركه من آثار على الساحة المغربية والمجتمع المدني”.
من جانبه، قال الأكاديمي خالد بكاري: “في مسيرة اليوم تبين لي أن الواقع (على الأرض) أصدق أنباء من المواقع الافتراضية”.
وأضاف في تدوينة عبر فيسبوك “(كلنا إسرائيليون) في المواقع، تقابلها (كلنا مع الفلسطينيين) في الواقع، لأنهم أصحاب قضية عادلة”.
طرد غوفرين
ومع بدء عملية “طوفان الأقصى”، ذكر ممثل مكتب إسرائيل في المغرب ديفيد غوفرين، أن مسؤوليه “أعلنوا الحرب على المنظمات الإرهابية في قطاع غزة وعلى رأسها حماس، كما تستعد إسرائيل لرد عسكري مطول وقاس لإزالة أي تهديد تشكله هذه المنظمات في المنطقة”، وفق تعبيره.
وأوضح في بيان نشره عبر منصة “إكس” في 9 أكتوبر أن الهدف من هذه الحرب “تدمير القدرات الهجومية لمنظمة حماس، بالإضافة إلى إلحاق أضرار جسيمة ببنيتها التحتية العسكرية، والعودة إلى وضع لن تتمكن فيه أي جماعة إرهابية في قطاع غزة من إيذاء المواطنين الإسرائيليين مرة أخرى”، وفق ادعائه.
ونبه الحزب “الضمير العالمي والعربي والوطني إلى ضرورة التصدّي لتجاوزات الكيان الصهيوني الحاقدة المعلنة على المقاومة وعلى الشعب الفلسطيني قاطبة”.
رسالة واضحة
وعام 1993 بدأ المغرب مع إسرائيل، علاقات على مستوى منخفض بعد التوصل لاتفاقية “أوسلو”، لكن الرباط جمدتها في 2000 بعد اندلاع الانتفاضة الفلسطينية الثانية (انتفاضة الأقصى).
لكن في 10 ديسمبر/ كانون الأول 2020، أعلن الرئيس الأميركي آنذاك، دونالد ترامب، أن المغرب وإسرائيل اتفقا على تطبيع العلاقات بينهما بوساطة أميركية، وسط رفض شعبي تجلى على منصات التواصل الاجتماعي.
ومع هذه الهبة القوية عبر مسيرة الرباط الأخيرة، ردد آلاف المغاربة شعارات من قبيل، “الشعب يريد إسقاط التطبيع”، “الشعب يريد إغلاق مكتب الاتصال”، “المغرب أرض حرة.. الصهيوني يطلع برا”، وغيرها من الشعارات التي رددها الآلاف وقتها.
كما أحرق متظاهرون العلم الإسرائيلي وداسوا بالأقدام على العلم الأميركي أمام قبة البرلمان، لدعم واشنطن الاحتلال في جرائمه الأخيرة ضد غزة.
بدوره، قال عضو المكتب المركزي للهيئة المغربية لنصرة قضايا الأمة، الرياحي الإدريسي، : “نتمنى أن يلتقط النظام الرسالة، ويتخذ مواقف واضحة في هذه الحرب، وأن يتراجع عن التسونامي التطبيعي الذي يمارسه مع الكيان المحتل، لأنه إن كانت من فائدة في هذه الحرب فهي أنها كشفت حقيقة المحتل وإجرامه وأفعاله الخسيسة”.