مستشفى الشفاء.. لماذا حدد الاحتلال أكبر مجمع طبي بغزة كنقطة انتصار وهمية؟

منذ بداية العدوان الإسرائيلي في 7 أكتوبر/تشرين الأول 2023، حدد جيش الاحتلال لنفسه نقطة انتصار وهمية تتمثل في الوصول إلى مستشفى الشفاء غرب مدينة غزة.
ومنذ أكثر من 48 ساعة، وصلت دبابات وآليات الاحتلال العسكرية إلى محيط مستشفى الشفاء في محاولة لاقتحامه والسيطرة عليه، في وقت تدور اشتباكات ضارية هناك مع المقاومة الفلسطينية.
وعلى مدار أيام العدوان وكما كل حرب على غزة، تزعم سلطات الاحتلال اختباء قادة حركة المقاومة الإسلامية حماس في أنفاق أسفل المستشفى، وهي رواية دحضتها وزارتا الداخلية والصحة أكثر من مرة.
استهداف المستشفيات
وتميز هذا العدوان عن سابقاته باستهداف المستشفيات والمدارس بشكل مباشر بعد أن لجأ إليها الآلاف من الفلسطينيين الذين شردتهم قوات الاحتلال بفعل القصف.
ثم لاحقتهم قوات الاحتلال نحو المدارس والمستشفيات ومن بينها مستشفى الشفاء لإنجاح مخطط تهجيرهم من مدينة غزة وشمالها نحو الجنوب.
وكان الجيش الإسرائيلي طلب من أكثر من 1.1 مليون فلسطيني، مرارا، الانتقال إلى جنوبي قطاع غزة.
وقد أدى الطوق العسكري الإسرائيلي إلى ترك مجمع المستشفيات مغلقا إلى حد كبير أمام المساعدات الطبية والإنسانية المحدودة التي تدخل على متن شاحنات عبر معبر رفح على الحدود الجنوبية لغزة مع مصر.
ومع محاصرة مستشفى الشفاء وباقي المستشفيات الأخرى وإخراجها عن الخدمة وعدم تمكن سيارات الإسعاف من الخروج وانقطاع الاتصالات، فإن أي جريح في مدينة غزة يستهدفه القصف، سينزف حتى الموت دون تمكن أحد من الوصول إليه.
ونشرت عشرات المناشدات عن وجود جرحى في عدد من المناطق بمدينة غزة استشهدوا لاحقا لعدم تمكن سيارات الإسعاف من الوصول إليهم.
مستشفى الشفاء
يعد مستشفى الشفاء أكبر مجمع طبي في قطاع غزة وكان على الخطوط الأمامية للمعركة الدائرة بين قوات الاحتلال والمقاومة الفلسطينية.
ويقع المستشفى في غرب مدينة غزة وضمن مركزها، في النصف الشمالي من القطاع، وهو مركز العمليات العسكرية الإسرائيلية الحالية.
وهذا المجمع الحكومي التابع لوزارة الصحة تأسس عام 1946 وخضع للاحتلال عام 1967، ثم للسلطة الفلسطينية بعد اتفاقية أوسلو عام 1993.
وتطور مع الوقت فأصبح أكبر مجمع طبي يضم 3 مستشفيات متخصصة ويعمل فيه 25 بالمئة من العاملين في المستشفيات بقطاع غزة كله.
ويضم مجمع الشفاء اليوم 3 مستشفيات متخصصة هي: مستشفى النساء والتوليد مع قسم حضانة للأطفال الخدج، مستشفى الأمراض الباطنية، مستشفى الجراحة.
وهذه المستشفيات بالإضافة إلى قسم الطوارئ ووحدة العناية المركزة والأشعة وبنك الدم والتخطيط وغيرها، خرجت عن الخدمة جميعها حاليا.
ماذا بعد؟
ليتمكن من “التعامل مع حماس”، كرر جيش الاحتلال خلال أيام العدوان حديثه عن ضرورة إخلاء المستشفيات وأهم “الشفاء” التي قال إنها تعد بمثابة “مواقع محصنة للحركة”.
وقالت صحيفة ذا ماركر العبرية: “لا تزال الحرب في غزة بعيدة كل البعد عن الانتهاء، ولكن لها بالفعل رمز رئيس واحد: مستشفى الشفاء في غرب مدينة غزة”.
وادعت في 10 نوفمبر أن “فخ الشفاء هو التحدي الأكبر الذي يواجه إسرائيل في الحرب”، مبينة أن “الجمع المروع بين كونه أكبر وأهم مستشفى في قطاع غزة واستخدامه من قبل حماس يلخص التحدي الذي لا يمكن تصوره”، وفق وصفه.
وبدورها، قالت صحيفة وول ستريت جورنال الأميركية إن “المراحل الأكثر تعقيدا من الحرب ربما لا تزال تنتظرنا، حيث تواجه القوات الاسرائيلية مع اقترابها من وسط مدينة غزة، مقاتلي حماس المتحصنين بأعداد كبيرة الذين يهاجمون ثم ينسحبون أو يختفون تحت الأرض، مما يبطئ التقدم الإسرائيلي، حسبما نقلت عن جنود ومسؤولون حاليون وسابقون.
وأضاف: “ليس من الواضح على الإطلاق كم من الوقت سيستغرق هذا الأمر (العمليات في محيط المستشفى)، وكيف تصل إلى الأنفاق الموجودة بالأسفل، إنه لغز كبير”.
ورأى أنه “عند تنتهي عمليات إسرائيل حول مستشفى الشفاء فإنه لا تزال هناك حماس في الجنوب، والتي قد تشمل قيادتها”.
“وبدلا من ذلك، بمجرد أن يصبح مستشفى الشفاء وراءنا (ننتهي منه دون أن نجد شيئا)، فإن الضغوط الأميركية والدولية ستصبح شديدة للغاية لدرجة أننا سنبحث عن طريقة دبلوماسية لإنهاء الأمر (الحرب)”، وفق قوله.