ما وراء تسليم سفارة اليمن في دمشق للحكومة الشرعية

في خطوة متعلقة بتطبيع العلاقات بين إيران والسعودية، وما تلا ذلك من إعادة نظام بشار الأسد لشغل مقعد سوريا بالجامعة العربية في 7 مايو/أيار 2023، بدأ النظام بتحسين علاقاته مع الحكومة الشرعية في اليمن.
وطبعت إيران والمملكة العربية السعودية العلاقات في مارس/آذار 2023 بوساطة صينية ما شجع حليف طهران الأبرز، النظام السوري لمحاولة العودة إلى الحضن العربي بعد عزلة لأكثر من عقد بسبب حربه على شعبه.
وفي بادرة لتدوير العلاقات من جديد، أعلنت الحكومة اليمنية تبلغها رسميا قرار حكومة النظام السوري إعادة تسليم مقر سفارة الجمهورية اليمنية في العاصمة دمشق لها بعد إخراج ممثل مليشيا الحوثي الانقلابية منها ومغادرته بناء على طلب السلطات السورية.
خطوة من الأسد
وأكد وزير الخارجية وشؤون المغتربين اليمني أحمد عوض بن مبارك، في حديث لصحيفة “الشرق الأوسط” السعودية، أن الجانب السوري أبلغهم في 11 أكتوبر/تشرين الأول 2023، قرار تسليم مقر سفارة اليمن في دمشق للحكومة الشرعية اليمنية.
ولفت ابن مبارك إلى أن وزير خارجية النظام السوري فيصل المقداد أبلغه بهذا الإجراء، وأنه جرى الطلب من ممثل مليشيا الحوثي المدعومة من إيران، تسليم مبنى السفارة ومغادرتها والتي أدارتها منذ عام 2016.
وبحسب الوزير اليمني، فإن الحكومة بصدد تعيين بعثة دبلوماسية لبدء مهامها في دمشق خلال الفترة المقبلة.
وأشار إلى أن “هذه النتائج الإيجابية تعد ثمرة للقاءات التي تمت مع الجانب السوري في كل من السعودية ومصر”، مشددا على أن اليمن “يدعم جهود المصالحة العربية كافة ولم الشمل وإنهاء الخلافات”.
لم يكن النظام السوري برئاسة بشار الأسد ليقبل أن يعترف بالحوثيين دبلوماسيا ويسلمهم مفاتيح السفارة اليمنية، لولا الإيعاز الإيراني بذلك، وهو ما قضى بتعيين المليشيا أول سفير لها لدى دمشق في مارس 2016.
وشكل ذلك أول اعتراف خارجي بالمليشيا بعد سيطرتها على العاصمة صنعاء في 21 سبتمبر/أيلول 2014 بدعم عسكري من طهران، وأثبت الحوثيون آنذاك أنهم الخيار الوحيد لطهران لتمرير مشروعها في البلاد.
ثم أعيد افتتاح سفارة النظام السوري في الرياض، مطلع أكتوبر 2023 بعد أكثر من عقد على إغلاقها، وذلك تنفيذا لقرار البلدين استئناف عمل بعثتيهما الدبلوماسيتين في البلدين، حسبما نقلته وسائل إعلام سورية.
وأفادت حينها صحيفة “الوطن” الموالية للأسد، بوصول القنصل السوري، إحسان رمان، إلى مقر السفارة السورية في حي السفارات بالعاصمة السعودية الرياض لاستئناف العمل الدبلوماسي.
اعتراف بالنظام
بالتوازي مع ذلك، تتكثف منذ مدة مساع إقليمية ودولية لإيجاد حل سياسي شامل للأزمة في اليمن.
شمل ذلك زيارات لوفدين سعودي وعماني إلى العاصمة صنعاء ومدن أخرى يسيطر عليها الحوثيون بدعم من إيران منذ عام 2014، وجولات خليجية للمبعوث الأميركي إلى اليمن تيم ليندركينغ، والأممي هانس غروندبرغ.
ومنذ أشهر يشهد اليمن تهدئة من حرب بدأت قبل نحو 9 سنوات بين القوات الموالية للحكومة مدعومة بتحالف عسكري عربي تقوده السعودية، ومليشيا الحوثيين.
لكن في 20 سبتمبر 2023، رحب المبعوث الأممي الخاص إلى اليمن هانس غروندبرغ، بجهود السعودية وعُمان لتحقيق السلام بالبلاد، بعد نهاية محادثات استمرت 5 أيام بين وفد “الحوثي” ومسؤولين سعوديين في الرياض.
في المقابل، كثيرا ما حذر رئيس مجلس القيادة الرئاسي باليمن رشاد العليمي، من “تعنت الحوثي” إزاء مساعي السلام، وفق وكالة الأنباء اليمنية الرسمية “سبأ”.
ولا سيما أن إيران نشطت منذ عام 2012 في عمليات إغراء مالي لجذب الأهالي للدخول في المذهب الشيعي تحديدا في المناطق الخاضعة لسيطرة النظام السوري.
تحجيم الخدمات
ومع ذلك، تبقى التساؤلات تدور حول مدى إنهاء النظام السوري الخدمات التي يقدمها لمليشيا الحوثيين على الأراضي السورية، وكذلك إمكانية إبقاء مكاتب لها في دمشق أسوة بمكاتب حزب الله اللبناني وبعض المليشيات العراقية كحركة النجباء وغيرها والتي تتبع جميعها لإشراف الحرس الثوري الإيراني.
وخاصة أن العلاقة بين النظام السوري ومليشيا الحوثي اليمنية تنطلق من كونهما ينتميان لمحور إيران ويشكلان ذراعا لها خارج حدودها ويسيطران على عاصمتين عربيتين؛ دمشق وصنعاء.
وبالنسبة لإيران، تكمن أهمية مليشيا الحوثي، في كونها تعمل على تسهيل وصولها إلى البحر الأحمر وتزويدها بوسيلة لمضايقة المملكة العربية السعودية.
وسبق أن كشف تقرير حقوقي، صادر عن شبكة “محامون ضد الفساد” في 2 يونيو/حزيران 2021، عن إدارة الحرس الثوري الإيراني سفارة اليمن بدمشق وتحوليها لمنصة أنشطة عسكرية.
وأشار إلى أن من “يمثلون السفارة مجموعة غير مؤهلة من اليمنين، بينهم أبناء قيادات الحوثيين منهم نجل الإعلامي في قناة المسيرة التابعة للمليشيا محمد حميد رزق كمسؤول في الشؤون المالية والإدارية فيها”.
بالإضافة إلى “تعيين محمد قاسم أبو عيسى، كسكرتير أول، مؤهله الوحيد أنه يمتلك بطاقة ضابط من الحرس الثوري الإيراني”.
كما جرى تعيين ضابط الارتباط إبراهيم حميد علي العصامي بدرجة مستشار، وزميله عمار علي محمد إسماعيل بدرجة مستشار في الشؤون القنصلية، وفق التقرير ذاته.