الشرق الأوسط

ما دلالات فتح المعابر بين السودان وإريتريا؟

خلال السنوات التي أعقبت انتفاضة ديسمبر (كانون الأول) 2018، وبعد سقوط نظام الرئيس السابق عمر البشير، بدأت العلاقات بين السودان وإريتريا في التحسن، لكن إلى الآن لم يتم اختبار أهمية الدور الذي تؤديه المعابر الحدودية بين البلدين، وما يحيط بها من تنافس جيوسياسي، لا سيما عندما ينعكس التأثير من الجارة إثيوبيا في تأجيج أزمة الحدود أو المياه وما يرافقها من عدم الاستقرار.

 سبقت زيارة رئيس مجلس السيادة الانتقالي السوداني عبدالفتاح البرهان الأخيرة إلى إريتريا، إصداره قرار فتح المعابر الحدودية بين البلدين التي أغلقت في يناير (كانون الثاني) 2018،

عندما أعلن نظام البشير ذلك بموجب مرسوم جمهوري خاص بإعلان الطوارئ في ولاية كسلا شرق السودان، أعقبه إرسال تعزيزات عسكرية إلى الولاية، وبررت الحكومة ذلك بحجج عدة منها عملية جمع السلاح، ومكافحة تهريب المخدرات والسلع والاتجار بالبشر، وكان ذلك التطور انعكاساً لتحركات عسكرية بين السودان ومصر عند الحدود الإريترية.

ونظراً لظروف الحرب وطبيعة الاقتصاد الإريتري بطيء النمو، فإنه لا يتوقع أن يستفاد من فتح المعابر كما في أوقات السلم، إذ لن يكون هناك تبادل تجاري ملموس، لكن يمكن أن تستفيد منها القبائل المتداخلة بين البلدين، بتنشيط الحركة الاجتماعية التي انقطعت بفعل الإغلاق،

كما يمكن أن تتطور العلاقات إلى التعامل المباشر بين البلدين بنقلها من علاقة التعامل مع الأقاليم بدلاً من المركز، ففي عهد البشير رفضت أسمرا توقيع اتفاقية تجارة حدود بين البلدين بين وزارة التجارة الخارجية السودانية ووزارة التجارة الإريترية، مفضلة التعامل مع الولايات الشرقية كسلا والبحر الأحمر.

هذه الزيارة إلى إريتريا هي الرابعة للبرهان منذ اشتعال الحرب في أبريل (نيسان) الماضي، فقد سافر قبلها إلى مصر في 29 أغسطس (آب) الماضي، في أول رحلة له إلى الخارج منذ اندلاع الحرب، وتبعها برحلة إلى دولة جنوب السودان في الرابع من سبتمبر (أيلول) الجاري، ثم إلى قطر في السابع من الشهر نفسه أيضاً.

ويفضل الرئيس الإريتري أسياس أفورقي أن تكون الاتفاقيات بين الاتحادات السودانية مع إقليم القاش بركة، وهو الذي تحيط به شبهة نشاط التهريب لمواد مثل الذرة والصمغ العربي وغيرها.

حاضنة المعارضة

بجانب الحدود الجغرافية، هناك تداخل سكاني بين البلدين، إذ إن أغلب مكونات شرق السودان الإثنية لديها امتداد داخل إريتريا، ومنها إقليم القاش بركة، لذلك كانت هذه المنطقة مسرحاً لتحركات وتسليح المناضلين الإريتريين الساعين لنيل استقلالهم من إثيوبيا في عقدي الثمانينيات والتسعينيات، وكانت العاصمة الإريترية أسمرا الحاضنة الأساسية لـ”التجمع الوطني الديمقراطي”،

الذي أُنشئ في أعقاب الانقلاب العسكري بقيادة عمر البشير في يونيو (حزيران) 1989 وملاذ الفارين من التنكيل من المعارضين للنظام في سنوات الانقلاب الأولى، إذ عقد التجمع مؤتمره الأول في أسمرا في يونيو 1995 وخرج بالبيان الختامي وميثاق التحالف الذي صدق عليه في أكتوبر (تشرين الأول) 1996.

وكان التحالف يضم قاعدة واسعة من قوى وأحزاب سياسية معارضة لنظام “الإنقاذ”، أبرزها حزب الأمة والحزب الاتحادي الديمقراطي، وكذلك الحزب الشيوعي وأحزاب من إقليم جنوب السودان، ومنطقة جبال النوبة وشرق السودان، إضافة إلى “قوات التحالف السودانية” و”الحركة الشعبية لتحرير السودان” والجيش الشعبي التابع لها.

زر الذهاب إلى الأعلى