ماذا يعني تجميد الأردن توقيع اتفاقية “الكهرباء مقابل المياه” مع إسرائيل؟

شكل إعلان الأردن عدم توقيع اتفاقية “الماء مقابل الكهرباء” تطورا مهما في الموقف الرسمي للمملكة، حيث يمكن أن يشكل “خسارة إسرائيلية”، بعدما قال رئيس وزراء الأردن “لن نوقعها”، حيث تحمل الجملة معنى الإلغاء النهائي.
كما جاء قرار مجلس النواب الأردني، في 13 نوفمبر/تشرين الثاني 2023 بالإجماع بـ”مراجعة الاتفاقيات الموقعة مع إسرائيل على خلفية هجمات الأخيرة على قطاع غزة”، ليشكل بدوره تسخينا أكبر ضد الكيان الإسرائيلي.
ومن أبرز الاتفاقيات الموقعة بين الأردن وإسرائيل، اتفاقية السلام عام 1994، واتفاقية الغاز عام 2016، إضافة إلى اتفاقيات أخرى في مجال المياه والطاقة.
وهو ما يطرح تساؤلات حول إبطالها واحدة تلو الأخرى بعدما أبدت قوى أردنية مختلفة سعادتها بقرار عدم توقيع اتفاق الغاز والمياه، لأنه كان يعني تسليم أمن الأردن المائي لإسرائيل.
ماذا يعني القرار؟
واتخذ الأردن العديد من المواقف تجاه الاحتلال الإسرائيلي بسبب “العدوان” على قطاع غزة، من بينها استدعاء سفيره لدى تل أبيب “فورا” مطلع نوفمبر 2023، ورفض عودة السفير الإسرائيلي إلى المملكة.
كما أعلن بدء اللجنة القانونية في البرلمان مراجعة جميع الاتفاقيات مع الجانب الإسرائيلي، وقام بإنزال جوي لمساعدات طبية للمستشفى الميداني الأردني في غزة، قالت إسرائيل إنه “بتنسيق معها”، وأخيرا رفض توقيع اتفاق تبادل الطاقة والمياه.
وفي 16 نوفمبر 2023، قال وزير الخارجية الأردني، أيمن الصفدي، لقناة “الجزيرة” القطرية، إن بلاده “لن توقع اتفاقا لتبادل الطاقة والمياه مع إسرائيل”، كان من المقرر توقيعه نهاية نوفمبر 2023.
وأشار إلى أن “اتفاقية السلام الموقعة مع إسرائيل قبل عقدين هي الآن في خضم الحرب الجديدة، وثيقة على الرف يُغطّيها الغبار”.
محللون يرون أن قرارات حكومة الأردن المثيرة للتساؤلات في توقيتها، هي نتاج حالة الغليان في الشارع المطالب بدعم غزة وقطع العلاقات، حيث تخرج مظاهرات مستمرة معادية لإسرائيل ومطالبة بموقف أردني ضدها.
ورغم محاولة أصوات أردنية موالية للسلطة وصف خطوات حكومة عمان بأنها استجابة للشعب الرافض للتطبيع، وأنها رد على العدوان وإبادة غزة، يرى محللون أن الغضب الأردني “ينبع من التخوف من تطبيق سيناريو التهجير الإسرائيلي-الغربي في غزة”.
وزاد هذا القلق الأردني، بعد انتشار صفحات إسرائيلية ممولة من مخابرات الاحتلال على فيسبوك تطالب الفلسطينيين في الضفة الغربية بالهجرة إلى الأردن، وذلك عقب حرب غزة وطرح مؤامرة التهجير.
إلغاء أم تجميد
وأثيرت تساؤلات حول هذه الخطوة التي أعلنت عنها الخارجية الأردنية، وهل تعني الإلغاء التام لاتفاق “الكهرباء مقابل الماء” التي كانت ستدوم 35 عاما، أم أنها مجرد تجميد له.
دبلوماسي عربي بالجامعة العربية بالقاهرة، أوضح لـ”الاستقلال” أن تأكيد الصفدي أن الأردن “لن يوقع” الاتفاق، ربما معناه النفي التام لتوقيعها ومن ثم إلغاؤها تماما، على الأقل في الوقت الراهن”.
لكن مصادر رسمية أردنية قالت لموقع “عربي بوست” في 17 نوفمبر 2023، إن ما أعلنه وزير الخارجية الصفدي هو “تجميد مبدئي لاتفاق الكهرباء مقابل الماء وليس إلغاء له”.
وأكدت أنه “سيتم دراسة ذلك من الحكومة لاحقا”، لأنه “لم يكن من المناسب توقيع اتفاق الكهرباء مقابل الماء في الوقت الذي يعاني فيه الفلسطينيون من القتل والتعطيش والتجويع في غزة”.
جاء كشف صحف أميركية أن النظام الأردني يحتضن قوات الولايات المتحدة التي تدعم اسرائيل وتنقل لها السلاح لقتل أهالي غزة في أراضيها ليثير تساؤلات حول حقيقة “التسخين الأردني الرسمي ضد إسرائيل”، أم يستهدف الاستهلاك المحلي وتنفيس غضب الشارع، والأهم التغطية على استضافة قوات أميركية تعمل ضد غزة في قواعد أردنية.
هل يتأثر الأردن؟
لا يترتب على الأردن أية تبعات قانونية من إلغاء التوقيع على الاتفاقية مع الاحتلال الإسرائيلي، إذ أنها “تنطوي فقط على تعبير الأطراف عن النية للتوصل إلى اتفاق”.
ولا تنشئ أو تؤثر على أية حقوق أو التزامات ضمن القانون الدولي”، وفق الوكالة الرسمية الأردنية (بترا) في 16 نوفمبر 2023.
لكن إلغاء الاتفاق قد يحرم الأردن من كميات مياه محلاة كان سيحصل عليها لو وقع الاتفاق، رغم أن نشطاء أردنيين يرون أن من الأفضل أن تنشئ بلادهم المشروع وحدها بدلا من التعاون مع إسرائيل ما يعني “رهن أمنها المائي للاحتلال”.
ويعاني الأردن منذ الاحتلال الإسرائيلي لأراضيه من سرقة موارده المائية، ما سبب له مشكلة مائية مستمرة ونقصا في نصيب المياه، حيث يتحكم الاحتلال في الكميات التي تصل له، بل ويبيع للأردنيين المياه المسروقة حين يزداد عطشهم.
وسبق أن حذر الباحث الاقتصادي المتخصص في شؤون النفط والطاقة، عامر الشوبكي، من خطورة اتفاقية “الطاقة مقابل الماء” على الأمن الأردني، مؤكدا أنه “مُضر اقتصاديا للأردن”.
وقالت وزارة المياه الأردنية في بيان سابق إن المملكة تحصل على 35 مليون متر مكعب سنويا وفق اتفاقية السلام، إضافة إلى 10 ملايين متر مكعب إضافية خارج المعاهدة تم الاتفاق عليها عام 2010.
وتشير بيانات وزارة المياه الأردنية إلى أن نصيب كل شخص في المملكة حوالي 61 لترا من المياه يوميا، مقارنة بحوالي 350 لترا يستخدمها المواطن الأميركي.
ويقول مركز أبحاث “سينتشري” الأميركي في تقرير نشرت تفاصيله وكالة الأنباء الفرنسية في 12 أكتوبر 2021 إن “الأردن هو الآن ثاني أكثر بلد يعاني من انعدام الأمن المائي في العالم”.