ماذا تخبئ الجولة الثانية للانتخابات في تونس؟

تستعد تونس لإجراء الجولة الثانية من الانتخابات البرلمانية خلال الايام القليلة القادة في وقت تواصل المعارضة المشتّتة تكثيف جهودها، لتعطيلها أو إلغائها، ويراهن سعيّد على نجاحها ردّاً على دعوات المعارضة بإلغائها.
الدور الثاني من الانتخابات انطلقت حملته أمس على أن تنتهي في 27 من الشهر الجاري، ليكون يوم 28 هو يوم الصمت الانتخابي، ويتوجه يوم 29 من الشهر نفسه التونسيون إلى مكاتب الاقتراع للتصويت على البرلمان الجديد، سيجري وسط دعوات للرئيس التونسي قيس سعيّد إلى الاستقالة، في أعقاب المشاركة التي وصفتها المعارضة بـ “الضعيفة”، واعتبرتها الهيئة الانتخابية مقبولة وعادية، في الدور الأول الذي جرى في 17 كانون الأول (ديسمبر) الماضي.
تحذيرات من قيس السعيد
في غضون ذلك أطلق الرئيس سعيّد مراراً تحذيرات من محاولات لإفشال هذا الدور من الانتخابات البرلمانية، وذلك من خلال توزيع أموال على التونسيين لدفعهم إلى مقاطعة التصويت، لافتاً إلى أنّ “أمن الدولة والسلم الاجتماعي لا يمكن أن يترك من يسعى يائساً لضربها خارج دائرة المساءلة والجزاء”.
وفي تصريحات سابقة قال سعيّد أنّ “هناك من يقومون بتوزيع أموال طائلة على المواطنين بهدف تعطيل السير العادي للدور الثاني لانتخاب أعضاء مجلس نواب الشعب، أو تعطيل السير العادي لبعض المرافق العمومية، فضلاً عن تلقيهم مبالغ ضخمة من الخارج بهدف مزيد من تأجيج الأوضاع وضرب استقرار الدولة التونسية”.
من جهة اخرى قال الناطق الرسمي باسم حزب “التيار الشعبي” محسن النابتي، في تصريحات صحفية لوسائل إعلام محلية: إنّ “هناك مستويين في حديث رئيس الجمهورية؛ الأوّل من يحاول اختراق البرلمان القادم عبر المراهنة على مرشحين بعينهم وشراء الأصوات والذمم لهم من قبل أحزاب سياسية”.
أمّا المستوى الثاني، فيتعلق، وفق النابتي، بـ”توزيع أموال وإغراءات للناس من أجل مقاطعة الدور الثاني للانتخابات البرلمانية، وهناك بالفعل قضايا مرفوعة أمام النيابة العامة، ونحن نستغرب عدم التحرك بسرعة ضد هؤلاء على الرغم من أنّ وضع حدٍّ لهم عملية سهلة”.
وقد شارك نحو 11.22% من الناخبين في الانتخابات؛ ممّا دفع إلى إجراء دور ثانٍ للحسم في نحو (100) دائرة، وهو أمر استغلته المعارضة التونسية للتشكيك في شرعية العملية الانتخابية والتمثيلية.
المعارضة فقدت مشروعيتها
بعد فشلها في حشد الشارع خلفها في الذكرى الـ (12) للثورة التي أطاحت بنظام الرئيس الراحل زين العابدين بن علي في العام 2011، فإنّ أوساطاً تونسية تُحذّر من أنّ المعارضة، وبشكل خاص حركة النهضة، لن تقف مكتوفة الأيدي، وستحاول تأجيج الأوضاع بكل الطرق، مثل إثارة الاحتجاجات في بعض الأحياء الشعبية وبعض المدن الداخلية، أو حتى اللجوء إلى العنف في عدة مناطق، مرجحين ألّا تنجح في ذلك أيضاً.
والأسبوع الماضي، شهدت بعض المناطق في تونس تحركات احتجاجية ليلية، لم تخلُ من عنف، مثل محاولات السطو على بعض المؤسسات، وحرق إطارات مطاطية في الشوارع؛ ممّا استدعى تدخلاً من قوات الأمن.
ووجهت وزارة الداخلية التونسية اتهامات لبعض الأطراف بالسعي للتحريض على القيام بأعمال شغب في أحياء شعبية.
وقالت الوزارة في بيان: “تتوفّر معلومات لدى المصالح الأمنيّة مفادها سعي بعض الأطراف (لم تُسمّها) لتحريض عدد من المراهقين والقُصَّر وذوي السوابق العدلية للقيام بأعمال شغب في بعض الأحياء الشعبية (لم تحددها)”.
كما أشارت إلى أنّ “النيابة العامّة بالمحكمة الابتدائية في قرمبالية بمحافظة نابل (شمال شرق) أذنت السبت باعتقال (3) أشخاص بتهمة تكوين وفاق إجرامي”، وذكرت أنّ تهمة المعتقلين هي “الإضرار بالأملاك الخاصة والعامة، وبثّ الرعب في صفوف المواطنين، وحيازة زجاجات حارقة للاعتداء على مقرّ الضابطة العدلية”.
وتلتقي أغلب القراءات في تونس حول وجود قناعة سائدة في الشارع التونسي بأنّ هذه المعارضة، التي كانت بالأمس القريب في السلطة أو مشاركة فيها بشكل أو بآخر، هي المتسبب الرئيسي في الصعوبات الاقتصادية التي يواجهونها اليوم، وبالتالي لا يمكن انتظار وصفة منها لحلّ أزمة البلاد.
والجدير بالذكر أنّ جلّ تحركات المعارضة، وخصوصاً حركة النهضة، تنصبّ في كيفية العودة إلى السلطة وبأيّ طريقة، دون أن يكون لها أيّ مشروع بديل عمّا يطرحه الرئيس سعيّد.
يُذكر أنّ حركة النهضة الإخوانية خسرت في كلّ محطّة عدداً ضخماً من الأصوات، فقد فازت في انتخابات المجلس التأسيسي 2011 بـ (1500649) صوتاً، أي بنسبة .9736%، من جملة (4) ملايين و(53) ألفاً و(905) ناخبين.