ليست في صالح “المهاجرين” عبر البحر.. ألمانيا توقف تمويل منظمات الإنقاذ البحري

على مضض سارت ألمانيا مع رغبات بعض الدول داخل الاتحاد الأوروبي، لقطع الدعم المالي عن المتطوعين الذين يتولون مهمة إنقاذ أرواح المهاجرين غير النظاميين الذين يركبون البحر المتوسط أملا في الوصول للشواطئ الأوروبية.
وفي خطوة متوقعة ضمن سعي الأوربيين لبناء هيكلية جديدة لظاهرة الهجرة، أفادت صحيفة “بيلد” الألمانية، بأن الحكومة الألمانية تعتزم وقف تمويل منظمات الإنقاذ الخيرية للمهاجرين غير النظاميين في البحر المتوسط بعد أن انتقدتها إيطاليا بشأن هذه القضية.
وقف التمويل
وذكرت الصحيفة في 7 أكتوبر/تشرين الأول 2023 أن ميزانية ألمانيا لعام 2023 خصصت مليوني يورو لتمويل جمعيات الإنقاذ البحري الخيرية، ولا يوجد ذكر لها في مشروع الميزانية لعام 2024.
في دلالة واضحة على استجابة برلين للضغط الأوروبي لوقف تمويل تلك الجمعيات التي تسهم في إنقاذ غرق قوارب اللاجئين المتهالكة.
وتقدم برلين ما بين 400 ألف يورو و800 ألف يورو لمشروعين يتعلقان بالمهاجرين، وهذه الأموال المعنية متواضعة نسبيا في الوقت الحاضر وفقا لمعايير الإنفاق الحكومي الرئيس بألمانيا.
علما أن جهود جمعيات الإنقاذ البحري تعد محدودة جدا، في بحر تتعدد منصات الانطلاق من شواطئه نحو أوروبا، إذ تعمل جمعيتان في هذا المجال، واحدة على الأرض والأخرى في البحر.
وبشكل منفصل، قالت جمعية سانت إيجيديو الخيرية الكاثوليكية في 25 سبتمبر إنها وقعت اتفاقا جديدا مع برلين لتمويل أنشطة المهاجرين في إيطاليا كجزء من علاقة مستمرة منذ سنوات.
وتعد إيطاليا نقطة الهبوط الأكثر شيوعا للأشخاص الذين يحاولون عبور البحر المتوسط والوصول إلى شواطئ أوروبا، كما تعد اليونان وإسبانيا وقبرص نقاط وصول متكررة أيضا.
وفي الفترة من يناير إلى أكتوبر 2023، وصل حوالي 194 ألف مهاجر ولاجئ إلى إسبانيا وإيطاليا ومالطا واليونان وقبرص عن طريق القوارب، مقارنة بـ112 ألفا في الفترة نفسها من عام 2022، وفقا للمنظمة الدولية للهجرة.
“ضبط الهجرة”
اللافت، أن المستشار الألماني شولتس تبنى نبرة مختلفة خلال قمة الاتحاد الأوروبي في غرناطة الإسبانية في 6 أكتوبر/تشرين الأول 2023، حيث أجاب ردا على سؤال حول دعم جمعيات الإنقاذ البحري بالقول: إن البرلمان هو من أقرها وليس الحكومة”.
وبين شولتس في مؤتمر صحفي أنه لم يقدم “الاقتراح”، لكن عندما سئل عن رأيه الشخصي في هذا الشأن، أضاف: “هذا هو رأيي، إنني لم أقدم الاقتراح”.
إذ مات آلاف اللاجئين وتحول البحر إلى مقبرة لهم، ممن فروا من الحروب والصراع والصعوبات الاقتصادية، أثناء محاولتهم عبور البحر الأبيض المتوسط.
ورغم ذلك فإن أوروبا تسير في “نهج تقييدي” بالفعل تجاه الهجرة إليها، والذي يتعرض لانتقادات من جماعات حقوق الإنسان.
وبحسب المختصين بشؤون اللاجئين، فإن ألمانيا تسعى للتماشي مع قانون إصلاح نظام الهجرة الجديد الذي يعمل عليه الاتحاد الأوروبي.
ويدور الخلاف حول اتفاق الهجرة الجديد والذي إذا أصبح سياسة، فسوف يتضمن إنشاء مراكز معالجة على الحدود الخارجية للاتحاد الأوروبي لفحص الأشخاص عند وصولهم.
ومع ذلك، تشير الأبحاث إلى أن وجود سفن المنظمات غير الحكومية ليس له تأثير يذكر على معدل عبور المهاجرين.
ويؤكد المراقبون أن أكثر ما يقلق بعض دول أوروبا هو تقاسم أعباء اللجوء وأن يكون هناك توزيع عادل للمهاجرين بعد وصولهم على دول الاتحاد طبقا لإمكانات واقتصاد كل دولة.
“لا تأثير”
وهناك من يرى أنه لا ينبغي لألمانيا استخدام أموال الضرائب لغرض تمويل جمعيات الإنقاذ البحري بل ينبغي للحكومة الفيدرالية بدلا من ذلك أن تكرس طاقتها السياسية للتوصل إلى اتفاقيات مع دول شمال إفريقيا.
وأمام ذلك يتصاعد التقاذف في الداخل الألماني بين من يرى أن تمويل جمعيات الإنقاذ البحري يشكل عوامل جذب للوصول لألمانيا والحصول على المزايا الاجتماعية.
بينما يرى توماي، المدير العام البرلماني للحزب الديمقراطي الحر بألمانيا، أن الحدود الخارجية للاتحاد الأوروبي يجب أن تكون محمية بشكل أفضل.
وتنقل الدراسة عن بعض موظفي جمعيات الإنقاذ قوله: “نقضي أياما ذهابا وإيابا في المياه الدولية مع طفل ميت يبلغ من العمر عامين في الثلاجة لأنه لم ترغب أي دولة أوروبية في إنقاذه عندما استطاعت ذلك ثم منعونا من الميناء”.
وكانت والدته وفق المتحدث “على متن الطائرة معنا، وهي على قيد الحياة. ماذا أقول لامرأة مصدومة وطفلها يرقد في الثلاجة الخاصة بي عن الاتحاد الأوروبي؟”.