لماذا ترجح وسائل إعلام إيرانية عدم دخول طهران الحرب إلى جانب حركة حماس؟

منذ بدء العدوان على غزة، تطرح الصحافة الإيرانية رؤية مغايرة تماما للموقف الرسمي الإيراني من الحرب، والذي لم يتعدَّ حتى الآن إطلاق التهديدات ضد الاحتلال الإسرائيلي والدول الغربية الداعمة له،

في 7 أكتوبر/ تشرين الأول 2023، باغتت المقاومة الفلسطينية إسرائيل باقتحام مستوطنات غلاف غزة، وقتلت خلال ساعات أكثر من 1400 من الجنود والمستوطنين، كما أسرت أكثر من 200 إسرائيلي، في ضربة كبيرة لتل أبيب، وذلك ردا على انتهاكات الاحتلال المستمرة.

وعلى ضوء ذلك، شن الاحتلال الإسرائيلي عمليات عسكرية وقصفا مستمرا ضد غزة راح ضحيته أكثر من 10 آلاف شهيد، وجرح عشرات الآلاف، وتدمير أحياء كاملة في القطاع، إضافة إلى فرض حصار خانق بمنع الغذاء والماء والكهرباء.

الاكتفاء بالتصريحات

ومنذ بداية العدوان على غزة، تكتفي القيادة الإيرانية بإطلاق التهديدات والحديث عن عدم سماحهم للاحتلال الإسرائيلي بأن ينفرد بغزة، وأنه إذا لم تتوقف الجرائم هناك فورا فستُفتح جبهات جديدة ضد الكيان الصهيوني.

وقال المرشد الإيراني الأعلى علي خامنئي، خلال كلمة أمام نخب من الإيرانيين، في 17 أكتوبر، أن “لا أحد يمكنه منع المسلمين وقوى المقاومة (من الرد) إذا استمرت جرائم الكيان الصهيوني في غزة”.

وأضاف خامنئي، أن “الكيان الصهيوني مهما ارتكب من الجرائم لن يستطيع التعويض عن الهزيمة الفاضحة التي لحقت به”، مؤكدا أنه “يرتكب جرائم إبادة جماعية في غزة أمام أعين العالم وتجب محاكمة قادته”.

وأكد أن “على الأطراف الأخرى ألا تطلب لاحقا منع فريق ما من فعل ما. لن يتمكن أحد من منعهم إن ضاقوا ذرعا بما يحدث”، مشيرا إلى أن بلاده تمتلك “معلومات متعددة عن أن أميركا هي التي تقود السياسة الإسرائيلية ضد غزة خلال الأسبوع الأخير”.

 وشدد خامنئي على أنه “يجب وقف القصف فورا”، قائلا إن “من يزعم أن الفلسطينيين قتلوا مدنيين في المستوطنات عليهم أن يعلموا أن من يسكنها ليسوا مدنيين وكلهم مسلحون”.

وأضاف أن بلاده تلقت رسائل من الولايات المتحدة الأميركية، وأطراف غربية أخرى، بشأن العدوان الإسرائيلي على القطاع، وذلك عن طريق اتصال هاتفي مع وزير الخارجية الإيرلندي مايكل مارتن.

وأشار وزير الخارجية الإيراني إلى أن أميركا “دعت في رسالة إلى ضبط النفس وعدم توسيع نطاق الحرب، لكننا قلنا للأميركيين إننا لا نسعى إلى توسيع الحرب، لكن ضبط النفس لن يكون أحاديا”.

“تهديدات رادعة”

وبشكل مغاير عما يطرحه قادة إيران في الإعلام من احتمالية توجيه ضربة استباقية للاحتلال الإسرائيلي خلال ساعات، فإن محللين ومسؤولين إيرانيين سابقين تحدثوا عن خطورة توريط بلادهم في حرب غزة.

وردا على سؤال بشأن احتمال دخول إيران في الحرب (مع إسرائيل)، قال عبداللهيان خلال مقابلة متلفزة في 17 أكتوبر، إن “كل الاحتمالات يمكن تصورها”، مؤكدا أن “جميع الخطوات الاستباقية واردة خلال الساعات القادمة”.

وحذر المحلل السياسي والسفير الإيراني السابق في موسكو، نعمت الله إيزدي، النظام الإيراني من تبعات الانخراط في الحرب ضد إسرائيل في ضوء التطورات الجارية في قطاع غزة، مشيرا إلى أن روسيا تحاول جر إيران إلى الحرب الحالية.

وقال إيزدي خلال مقابلة مع صحيفة “ستاره صبح” في 30 أكتوبر، إنه “في الوقت الذي تحاول فيه واشنطن احتواء الوضع ومنع توسع دائرة الصراع، نجد موسكو في المقابل تعمل جاهدة على توسع نطاق جبهات الحرب لأنها تستفيد بشكل كبير من الحرب الجارية بين إسرائيل وحماس”.

“لن تحارب”

وعلى صعيد آخر، كتبت صحيفة “همشهري”، الإيرانية خلال عددها الصادر في 25 أكتوبر، أن “الجمهورية الإسلامية تدافع عن المظلومين في العالم، لكن دعمها يتمثل في العمل على إبقاء هذه المقاومة في الميدان، فهي تمد لها يد العون لكنها لن تحل محلها (لن تحارب بجانبها)”.

وأضافت الصحيفة: “إيران تعطي المدد لكي تتوسع المقاومة وتندلع جبهات الحرب، هذه هي نقطة النصر وليس الدخول في حرب بالوكالة”.

من جهتها، استبعدت صحيفة “جملة أون لاين” الإيرانية أي احتمال لنشوب حرب بين إيران وإسرائيل في ظل المواجهة الجارية مع الفصائل الفلسطينية، رغم تحذيرات طهران المتواصلة بشأن إمكانية توسع المعركة.

وقالت الصحفية خلال عددها الصادر في 19 أكتوبر، إن “احتمال نشوب حرب بينها وبين إسرائيل اليوم يساوي صفرا”.  

وتبرز الصحيفة نقطة تؤكد -من وجهة نظرها- على عدم وجود احتمالية وقوع مواجهة مباشرة بين تل أبيب وطهران، وهي “الدور المهم والفعال الذي لعبته إيران في تحييد خطر تنظيم الدولة عن العالم”.

وعلى نحو مماثل، قالت صحيفة “شرق” الإيرانية في 16 أكتوبر، إنه “على الرغم من أن الدول الغربية والولايات المتحدة وإسرائيل تؤكد عدم ضلوع إيران في هجوم حماس، فإن طريقة تغطية بعض وسائل الإعلام الإيرانية توهم أن الحركة قد نفذت الهجوم بتنسيق ودعم من جانب طهران”.

مقالات ذات صلة