
لماذا تتعاطف دول بأميركا اللاتينية مع فلسطين؟
اتخذت دول في أميركا اللاتينية مواقف متقدمة دعما لحق الشعب الفلسطيني في مواجهة الاحتلال الإسرائيلي وذلك على المستويين الرسمي الحكومي والشعبي منذ أن بدأت حرب الإبادة الإسرائيلية ضد أهالي قطاع غزة في 7 أكتوبر/تشرين الأول 2023.
إذ قلصت أربع دول في أميركا اللاتينية علاقاتها الدبلوماسية مع إسرائيل، التي شنت بلا هوادة قصفا ممنهجا على قطاع غزة أسفر خلال شهر واحد عن استشهاد أكثر من 10 آلاف فلسطيني، كثير منهم من الأطفال والنساء وكبار السن.
واستنكرت بوليفيا وتشيلي وكولومبيا وهندوراس عدم التفات إسرائيل للنداءات الدولية لتنفيذ وقف فوري لإطلاق النار في غزة، الأمر الذي دعا هذه الدول لاستدعاء سفرائها في تل أبيب.
ضغط على إسرائيل
واستنكر الرئيس الكولومبي غوستافو بيترو عبر حسابه على منصة “إكس” في 4 نوفمبر 2023 الهجوم الإسرائيلي على مستشفى الشفاء بغزة.
وقال بيترو: “جريمة حرب جديدة. لقد قلت للرئيس (الأميركي جو) بايدن إنه إذا استمرت المذبحة وتم تدمير القانون الدولي في العالم، فستحل الهمجية مكان الديمقراطية، التي هي مشروع الإنسانية”.
وأعلن رئيس كولومبيا إحدى أكبر الاقتصادات في أميركا اللاتينية، مطلع نوفمبر 2023 استدعاء سفير بلاده لدى تل أبيب للتشاور، احتجاجا على ما وصفها بـ”المذبحة التي ترتكبها إسرائيل بحق الفلسطينيين”.
وقال بيترو في منشور على منصة “إكس”: “قررت استدعاء سفيرنا في إسرائيل للتشاور، إذا لم توقف إسرائيل المذبحة بحق الشعب الفلسطيني فلن نتمكن من البقاء هناك”.
دعم شعبي
وكان الموقف الرسمي في بعض دول أميركا اللاتينية، منسجما مع التعاطف الشعبي مع القضية الفلسطينية، عبر خروج مظاهرات منددة بإسرائيل وداعمتها الولايات المتحدة.
وعلى سبيل المثال فإن الشتات الفلسطيني له وزن كبير في تشيلي، فهناك حوالي 500 ألف من نسل اللاجئين الفلسطينيين في بلد يبلغ عدد سكانه حوالي 19 مليون نسمة.
واعترف الرئيس البرازيلي لولا دا سيلفا بالدولة الفلسطينية في أواخر عام 2010، مما أثار موجة من الدعم ودفع جميع دول أميركا اللاتينية تقريبا للاعتراف بالدولة الفلسطينية.
وتاريخيا، لعبت كوبا وفنزويلا دورا حاسما في حشد الدعم للفلسطينيين.
وكانت فنزويلا الدولة الأولى التي توفر حرية السفر والتنقل للفلسطينيين دون الحاجة إلى تأشيرة مسبقة وتوفر حقوق الإقامة للفلسطينيين.
كتلة مناصرة
ومع استمرار المجازر في غزة، يتسع حجم الدعم من شعوب وحكومات أميركا اللاتينية مرة أخرى للفلسطينيين، ولا سيما أنه ابتداء من الخمسينيات والستينيات من القرن العشرين، عندما وصل الديكتاتوريون إلى السلطة في أميركا اللاتينية، اعترفوا بإسرائيل وأقاموا علاقات سياسية وتجارية وأمنية، وشملت عادة تبادل الأسلحة والتكنولوجيا والمواد الاستخبارية والتجسسية.
لكن وفق المؤرخ ونائب رئيس المعهد البرازيلي الفلسطيني ماركوس تينوريو، فإنه “بينما حاربت القوى الديمقراطية ضد الأنظمة الاستبدادية، التي كانت تدعمها وتمولها الولايات المتحدة، فهم مواطنو أميركا اللاتينية العاديون محنة الفلسطينيين وانضموا إلى نضالهم من أجل التحرير”.
وبعد عودة المنطقة إلى الديمقراطية، فإن دولا مثل البرازيل صوتت في مختلف المحافل الدولية للاعتراف بمطالب الفلسطينيين، يضيف تينوريو خلال تصريح تلفزيوني في 3 نوفمبر 2023.
لكن مع ذلك، ينظر دي ألبا إلى أنه في حين أن منطقة أميركا الجنوبية منقسمة، حيث تدعم بعض الدول إسرائيل، إلا أن هناك إجماعا على ثلاث قضايا.
أولها “يتعلق بحل الدولتين. وثانيها،، الإدانة واسعة النطاق لما فعلته حماس في 7 أكتوبر، والثالث، أن هناك أيضا إدانة واسعة النطاق لما تعده دول أميركا اللاتينية ردا غير متناسب من جانب إسرائيل”.
وذلك لأن “إسرائيل تستهدف المدنيين وتقتل النساء والأطفال. وهذا انتهاك واضح للقانون الإنساني الدولي”، وفق دي ألبا.
في المقابل تشمل الدول التي تعرب عن تضامن أكبر مع إسرائيل باراغواي وأوروغواي والسلفادور والإكوادور، ويرجع ذلك لكون جميع الحكومات فيها يمينية.