لماذا تأخر إنشاء منطقة حرة على الحدود بين الجزائر وتونس؟

بات الحديث عن مناطق حرة على الحدود بين الجزائر وتونس مرتبطاً بزيارات مسؤولي البلدين، وعلى رغم تعدد التنقلات بين الجانبين، وآخرها وجود رئيس الحكومة التونسية أحمد الحشاني في الجزائر على رأس وفد وزاري مهم وتوقيع عدد من الاتفاقات، غير أن الخطوة لم تتم حتى الساعة، مما أثار تساؤلاً، وطرح استفهامات في عاصمتي البلدين.
اتفاقات ومخاوف
لم تخل الاتفاقات الموقعة بين الجزائر وتونس ولا تصريحات مسؤولي البلدين من موضوع إنشاء مناطق حرة على مستوى الحدود، لكن حتى اللحظة، لا جديد طرأ في هذا المجال، على رغم متانة العلاقات الثنائية وأهمية المسألة في ما يتعلق بالجوانب التنموية والتجارية والاقتصادية،
مما دفع المتابعين إلى اعتبار التصريحات اجتراراً لملء الفراغ، وإطلاق عنوان “زيارة المنطقة الحرة” على أي حراك ومواقف لمسؤولي البلدين.
ولا يتعلق الأمر بالزيارة الأخيرة التي قادت رئيس الحكومة التونسية الحشاني إلى الجزائر، لكن الأمر يتعلق بمختلف الزيارات السابقة، وهو مما يجعل التفاؤل الرسمي الجزائري – التونسي في شأن توقيع 26 اتفاقاً،
بما فيها إنشاء مناطق حرة، لا يلغي مخاوف المتابعين في البلدين من أن تبقى الاتفاقات الجديدة حبيسة الإدراج على غرار حزمة سابقة تجاوزت 160 اتفاقاً، ابتداءً من مارس (آذار) 2017، حيث وقع 21 اتفاقاً، بينها ما يخص إنشاء ثلاث مناطق تجارة حرة على الحدود.
دعوة تونسية
وتأتي دعوة الحشاني ونظيره الجزائري أيمن بن عبدالرحمن إلى ضرورة إقامة منطقة حرة على الحدود بين البلدين، لتحقيق أهداف اقتصادية وتنموية واجتماعية، على اعتبار أن تونس تعاني أزمة اقتصادية واجتماعية صعبة،
بينما تبحث الجزائر عن توسيع دائرة التصدير وتنشيط الدورة التنموية لسكان الحدود، لكن رئيس الحكومة التونسية شدد على ضرورة تحقيق مزيد من اللقاءات لبلوغ هذا الهدف، وطالب، في المنتدى الاقتصادي الجزائري – التونسي المنعقد بالعاصمة الجزائرية،
بعقد الاجتماع الفني لفريق عمل تونسي – جزائري مشترك، من أجل وضع التصورات والدراسات المتعلقة بمشروع إقامة منطقة حرة في المنطقة الحدودية. وأشار إلى أن التغيرات الدولية تؤكد أنه “لا خيار لنا سوى توحيد جهودنا وتعزيز عملنا المشترك لبلوغ مرحلة الشراكة الاستراتيجية الفاعلة”.
المناطق الحرة لها أبعاد عدة
في السياق اعتبر العضو السابق في لجنة المالية والموازنة بالبرلمان الجزائري والأستاذ الباحث بالمدرسة العليا للتجارة عبدالقادر بريش أن “هذه المناطق الحرة لها أبعاد عدة، أولها البعد التجاري من خلال السعي إلى زيادة حجم التبادل التجاري
وتشجيع الحركة التجارية عبر هذه المناطق التي تمثل نقاطاً حدودية وما ينعكس إيجاباً على تنشيط التجارة وإنشاء القواعد اللوجيستية من تخزين ونقل وخدمات مرافقة وخلق مناصب الشغل”،
مضيفاً، بخصوص البعد الثاني التنموي الاقتصادي، “فهو يستهدف خلق حركة اقتصادية وتنموية وتثبيت السكان وتحسين معيشتهم ومستوى المرافق”، أما الجانب الثالث فيتعلق بالبعد الأمني، إذ تصبح الحدود مراقبة بشكل كبير مع تضييق الخناق على المهربين وشبكات الجريمة.