
لماذا أثارت خريطة الصين الجديدة أزمة دولية؟
أثارت الصين غضب عدة دول بعد نشرها خريطتها الرسمية الجديدة في 28 أغسطس/آب 2023، كما اعتادت سنويا منذ عام 2006 على الأقل.
وأصبحت الفلبين أحدث دولة تستشيط غضبا، من جراء نشر الصين خريطتها الرسمية الجديدة، منضمة بذلك إلى كل من ماليزيا والهند.
وأصدرت كل من الفلبين والهند وماليزيا بيانات شديدة اللهجة تتهم بكين بادعاء ملكية أراضٍ تعود إليها، وفق قناة “سي إن إن” الإخبارية الأميركية.
وحددت الخريطة بحر الصين الجنوبي بأكمله تقريبا كجزء من أراضيها، كما أنها تغطي أيضا مناطق قريبة من ساحل بورنيو الماليزية، وهو ما رفضت كوالالمبور الاعتراف به.
وكما ورد عن صحيفة “إي ريفرينسيا” البرتغالية، يأتي هذا الرفض، الذي صدر في 30 أغسطس 2023، وسط توترات متزايدة في المياه الإستراتيجية المتنازع عليها.
أكثر حزما
تشير الصحيفة إلى أن “مطالبات الصين في المنطقة باتت أكثر حزما وجرأة في الآونة الأخيرة، وذلك بالرغم من حكم المحكمة الدولية عام 2016، والذي بموجبه لا تمتلك بكين أي أساس قانوني للتدخل في المنطقة”.
كما توضح أن هذا الحكم يبطل “خط القطاعات التسعة”، الذي يشير إلى خط الترسيم الذي يعبر عن مزاعم الصين في سيادتها على معظم مساحة بحر الصين الجنوبي.
وفي السنوات الأخيرة، أنشأت الصين قواعد عسكرية على التكوينات الصخرية النائية ونشرت خفر السواحل والمليشيات البحرية.
وقد أثار ذلك بالفعل اشتباكات مع دول أخرى تطالب بأحقيتها في المنطقة، حيث تتنافس كل من الفلبين وفيتنام وبروناي وتايوان على ملكية البحر، بحسب الصحيفة البرتغالية.
ويُذكر أنه في الخريطة التي أصدرتها وزارة الموارد الطبيعية الصينية، في 28 أغسطس 2023، بدا أن جزءا من الأراضي الهندية في بحر الصين الجنوبي، إلى جانب الأراضي المتنازع عليها التي تطالب بها ماليزيا، وفيتنام، والفلبين، وبروناي، تعود ملكيتها إلى الصين.
وردا على ما حدث، أشارت ماليزيا إلى أن الخريطة الجديدة، التي تحدد بوضوح “خط القطاعات التسعة” للصين، تسلط الضوء على “المطالبات الأحادية” الصينية التي تتجاوز السيادة الماليزية على منطقتي “صباح” و”ساراواك”.
احتجاجات الجيران
وفي هذا الصدد، أعلن وزير الخارجية الماليزي، زامبري عبد القادر، أن مذكرة احتجاج ستُرسل إلى الصين بشأن بحر الصين الجنوبي، ومطالبات ماليزيا بالمناطق البحرية في ولايتي “صباح” و”ساراواك”.
وتذكر “إي ريفرانسيا” أن وزارة الخارجية الماليزية أصدرت بيانا جاء فيه أنها “لا تعترف بالمطالبات في بحر الصين الجنوبي”، كما هو موضح في الطبعة الأخيرة من الخريطة الصينية الرسمية.
وأكدت الوزارة أن “هذه الخريطة ليس لها أي سلطة ملزمة على ماليزيا”، وفقا للصحيفة البرتغالية.
علاوة على ذلك، أعلنت الدولة الواقعة في جنوب شرق آسيا أيضا أنها ستواصل التنقيب عن النفط والغاز قبالة بورنيو، حتى في وجود “أنشطة السفن الصينية” في منطقتها الاقتصادية الخالصة “EEZ”.
“وسبق أن أعربت الهند، في 29 أغسطس 2023، عن استيائها من الصين بسبب إصدار الخريطة الجديدة، التي تزيل من نيودلهي مناطق تدعي أنها جزء من أراضيها”.
إذ تزعم بكين فيه أن ولاية أروناتشال براديش الهندية وهضبة آقساي يعدان جزءا لا يتجزأ من الأراضي الصينية.
ومن جانبها، وصفت وزارة الخارجية الفلبينية الخريطة المعنية بأنها “جهود صينية لإضفاء الشرعية على ولايتها القضائية وسيادتها على المناطق البحرية للفلبين”.
إلى جانب ذلك، تظهر الخريطة جزيرة بولشوي أوسوريسكي الواقعة في نهر أمور جزءا من الأراضي الصينية.
وتنازعت بكين وموسكو على مطالباتهما بالجزيرة منذ القرن التاسع عشر، حتى اتفق البلدان على تقسيم المنطقة في معاهدة عام 2008.
وفي حين أن المعاهدة أعطت الجزء الغربي من الجزيرة للصين، فإن الخريطة الجديدة تظهر الجزيرة بأكملها كأنها أراضٍ صينية، وهو تطور ينذر بخلافات بين بكين وموسكو.