“لعبة الحرب”.. هكذا استغلت إسرائيل الحرب على غزة لتعزيز ترسانتها العسكرية

فتح العدوان الإسرائيلي على غزة منذ السابع من أكتوبر/تشرين الأول 2023، الباب واسعا لتل أبيب لزيادة ترسانتها من الأسلحة والمعدات العسكرية من الدول الحليفة لها وعلى رأسها الولايات المتحدة.
إذ أظهرت الأيام الأخيرة حركة كثيفة للطائرات التي تنقل الأسلحة الغربية إلى إسرائيل.
لكن بالمقابل اتجهت تل أبيب لطلب أسلحة ومعدات بعينها من الحلفاء، ما يشي وفق المراقبين لرغبة إسرائيل في زيادة ترسانتها العسكرية مستغلة حربها ضد الفلسطينيين.
أسلحة جديدة
فقد طلبت إسرائيل من الولايات المتحدة شراء 200 مسيرة انتحارية، من طراز “Switchblade 600″، حسبما قالت هيئة البث الإسرائيلية بتاريخ 8 نوفمبر/تشرين الثاني 2023.
وأوضحت أن تلك المسيرات “تمتلك كاميرا متطورة، ويمكنها حمل كمية من المواد المتفجرة، ولديها القدرة على استقبال المعلومات من الطائرات بدون طيار القريبة”.
وذكرت الهيئة الإسرائيلية أن “مدى المسيرات يصل إلى 40 كلم، وتتمتع بقدرة على الطيران لـ40 دقيقة”.
توازيا مع ذلك، أفاد مصدر بالحكومة الألمانية، بتاريخ 8 نوفمبر 2023 بأن الموافقات الخاصة بتصدير أسلحة ألمانية لإسرائيل عام 2023 تضاعفت نحو 10 مرات مقارنة بعام 2022.
وعلى الرغم من الزيادة في صادرات الأسلحة إلى إسرائيل فإنها تمثل حصة صغيرة من إجمالي صادرات ألمانيا من المعدات العسكرية والتي بلغت 8.76 مليار يورو خلال الشهور التسعة الأولى من عام 2023.
وتأتي هذه الأخبار، وسط شن إسرائيل عدوانا ممنهجا على قطاع غزة المحاصر بالأصل منذ 17 عاما، ما أدى لاستشهاد أكثر من 11 ألف فلسطيني، من بينهم أكثر من 4,000 طفل، وتهجير أكثر من مليون ونصف من مناطق متفرقة من القطاع.
كما بدأت إسرائيل من 27 أكتوبر 2023 اجتياحا بريا من محاور عدة لقطاع غزة، في محاولة منها كما تزعم تل أبيب “لنزع سلطة” حركة حماس من القطاع.
وجيش الاحتلال الإسرائيلي يحصل على دعم بأكثر من 3.8 مليارات دولار من المساعدات العسكرية سنويا من الولايات المتحدة.
إلا أن عملية “طوفان الأقصى”، أدت إلى سلسلة من مساعدات الأسلحة من الولايات المتحدة، على الرغم من أن إدارة بايدن رفضت في البداية تحديد أي أنظمة أسلحة محددة، مع تسرب التفاصيل في الصحافة، إلا أنها اعترفت تدريجيا ببعضها.
وتشمل هذه الأسلحة “الذخائر الموجهة بدقة، والقنابل ذات القطر الصغير، والمدفعية، والذخائر، وصواريخ القبة الحديدية الاعتراضية وغيرها من المعدات الحيوية”، كما قال المتحدث باسم البنتاغون العميد بات رايدر.
إمدادات خفية
وبحسب الصحيفة الأميركية “بوليتيكو”، فإنه جرى تكليف فريق تم تشكيله حديثا داخل البنتاغون بمهمة تفتيش المخزونات الأميركية، والبحث عن الذخيرة لإعادة إمداد إسرائيل خلال هجومها على قطاع غزة.
لا سيما أن الطلب الإسرائيلي على الأسلحة يأتي في الوقت الذي تخلق فيه صواريخ حماس “حاجة ملحة للكثير من الدفاعات الجوية الرخيصة”، كما قال مارك كانسيان، وهو مستشار كبير في مركز الدراسات الاستراتيجية والدولية وعقيد متقاعد من مشاة البحرية، لـ موقع “إنسايدر” بتاريخ 11 أكتوبر 2023.
ويستمر تدفق الأسلحة، فقد عبرت العشرات من طائرات النقل العسكرية من طراز C-17، التي تحمل ذخائر، المحيط الأطلسي بين الولايات المتحدة وإسرائيل، حسبما تظهر بيانات تتبع الرحلات مفتوحة المصدر.
وقد هبط معظمها في قاعدة نيفاتيم الجوية، وهي قاعدة جوية تابعة لجيش الاحتلال الإسرائيلي في صحراء النقب.
وقد طلب الرئيس جو بايدن مساعدات بقيمة 14.3 مليار دولار لإسرائيل، بالإضافة إلى أكثر من 3 مليارات دولار من المساعدات العسكرية التي تقدمها لإسرائيل بالفعل .
وفي الآونة الأخيرة، تخطط إدارة بايدن لإرسال قنابل سبايس دقيقة بقيمة 320 مليون دولار إلى إسرائيل، حسبما أفادت وسائل إعلام متعددة خلال شهر نوفمبر 2023.
لكن ما يستشف راهنا وفق الخبراء العسكريين هو أن إسرائيل تزيد من أسلحتها وتطلب معدات حديثة غير متوفرة عندها بناء على إستراتيجية الحرب التي أعلنتها على قطاع غزة.
وضمن هذه الجزئية بالتحديد، قدم وليام هارتونج، الخبير في مبيعات الأسلحة، في7 نوفمبر تفسيرا لموقع “ذي إنترسيبت” بقوله:”في الوقت الذي تدعم فيه إدارة بايدن إسرائيل بالأسلحة والخطابات، فإنه أمر حساس سياسيا تقديم جميع التفاصيل حول الأسلحة الأميركية المقدمة للجيش الإسرائيلي، والتي سيتم استخدام بعضها بالتأكيد في هجمات غير قانونية على المدنيين”.
ملء الذخائر الإسرائيلية
في وقت أكد فيه رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو أنهم يستعدون لحرب طويلة مع المقاومة الفلسطينية، فإن القتال البري في المناطق الحضرية داخل قطاع غزة يتطلب إبقاء مخازن الأسلحة ليست ممتلئة فقط بل مزودة بأسلحة ومعدات حديثة تناسب طبيعة المعارك التي تشبه قتال الشوارع.
ووفقا لصحيفة “نيويوركر” في تقرير لها بتاريخ 20 أكتوبر فقد أخبر المسؤولون الإسرائيليون نظراءهم الأميركيين أن الحرب قد تستمر لعشر سنوات. وبحسب ما ورد تشعر إدارة بايدن بالقلق من عدم إمكانية تحقيق الأهداف العسكرية الإسرائيلية.
واعترف المتحدث باسم مجلس الأمن القومي الأميركي جون كيربي بالسرية حول الأسلحة المقدمة من بلاده لإسرائيل وذلك خلال مؤتمر صحفي بتاريخ 23 أكتوبر 2023.
وقال كيربي:” في حين أن المساعدة الأمنية الأميركية على أساس شبه يومي.. نحن حريصون على عدم تحديد حجم أو الخوض في الكثير من التفاصيل حول هذا الأمر”. وزعم قائلا: “ما يحصلون عليه – لأغراض أمنية تشغيلية خاصة بهم، بالطبع”.
على ضوء عملية “طوفان الأقصى”، طلب البيت الأبيض أخيرا من المشرعين سن تشريع يسمح للإدارة ببيع إسرائيل ما يصل إلى 3.5 مليار دولار من الأسلحة والخدمات العسكرية دون موافقة الكونغرس.
ومن أصل 3.8 مليار دولار من المساعدات العسكرية المقدمة لإسرائيل عام 2023، تم تخصيص نصف مليار منها للدفاعات الصاروخية الإسرائيلية. ولهذا فقد صرحت واشنطن بأنها ستعيد ملء الذخائر الإسرائيلية المستخدمة ضد حماس في الحرب الأخيرة.
وقد قال جوش بول، المسؤول السابق في وزارة الخارجية الذي استقال في 19 أكتوبر 2023 بسبب “تزويد الإدارة بالأسلحة الفتاكة لإسرائيل”، إن إدارة بايدن “بالتأكيد لا تتصرف ضمن سياسة نقل الأسلحة التقليدية”.
وقال بول، الذي أمضى أكثر من 11 عاما في مكتب الشؤون السياسية العسكرية التابع لوزارة الخارجية، والذي يتولى صفقات الأسلحة: “لقد حصلت على نصيبي العادل من المناقشات والجهود الرامية إلى تغيير السياسة بشأن مبيعات الأسلحة المثيرة للجدل” لإسرائيل.