كيف غير مرتزقة فاغنر وجه الحرب في اوكرانيا

مع بداية الحرب الروسية الأوكرانية انتشر نحو ألف مرتزق من الشركة العسكرية الروسية الخاصة، مجموعة فاغنر، في شرق أوكرانيا.
وقد نشطت المجموعة على مدى السنوات الثماني الماضية في كل من أوكرانيا وسوريا وعدد من الدول الأفريقية، واتُهمت مرارا بارتكاب جرائم حرب وانتهاكات لحقوق الإنسان.
غير أن الفترة الأخرى حملت معها عقوبات جديدة فرضتها الولايات المتحدة الأمريكية على المجموعة، وهو ما قابله رد من يفغيني بريغوزين، رئيس شركة فاغنر الروسية الخاصّة للتعاقدات العسكرية، السبت الماضي، والذي نشر رسالة قصيرة إلى البيت الأبيض يسأل فيها عن الجريمة التي اتهمت شركته بها، بعد أن أعلنت واشنطن فرض عقوبات جديدة على الوكالة العسكرية.
وكان المتحدث باسم الأمن القومي في البيت الأبيض جون كيربي قد أكّد يوم الجمعة الماضي أنّ وكالة فاغنر، التي تدعم القوات الروسية في غزوها لأوكرانيا، سوف تُصنف منظمة إجرامية عابرة للحدود. ووصف كيربي فاغنر بأنّها “منظمة إجرامية، ترتكب فظائع وانتهاكات لحقوق الإنسان على نطاق واسع”.
وكان البيت الأبيض قد اتهم فاغنر الشهر الماضي بأنّها تسلمت شحنة أسلحة من كوريا الشمالية للمساعدة في تعزيز موقف القوات الروسية في أوكرانيا، وهو التقرير الذي وصفته بيونج يانج بالكاذب، مؤكدة أنّه “لا أساس له من الصحة”، كما نفى بريغوزين في ذلك الوقت تلقيه مثل هذه الشحنة، واصفاً ما ورد في التقرير بـ “القيل والقال والتكهنات”.
وكانت واشنطن قد فرضت بالفعل قيوداً على التعاملات مع شركة فاغنر في العام 2017، ومرة أخرى في كانون الأول (ديسمبر) الماضي، في محاولة لتقييد وصول الأسلحة إليها. وسبق أن فرض الاتحاد الأوروبي عقوباته الخاصة على شركة فاغنر في كانون الأول (ديسمبر) 2021؛ بسبب أنشطتها المريبة في سوريا وليبيا وجمهورية أفريقيا الوسطى والسودان وموزمبيق ومالي.
عناصر فاغنر والدور المحوري
خلال الأشهر القليلة الماضية، شاركت عناصر فاغنر بشكل كبير في الجهود الروسية للاستيلاء على مدينة باخموت في شرق أوكرانيا، وتقول القوات الأوكرانية إنّ مقاتلي فاغنر تدفقوا بأعداد هائلة فوق أرض مفتوحة، ممّا أسفر عن مقتل أعداد كبيرة نتيجة لذلك.
وفي أعقاب المزاعم الروسية بالاستيلاء على بلدة سوليدار، بالقرب من باخموت، اندلع خلاف بين وزارة دفاعها ومجموعة فاغنر، حول من يجب أن يحصل على الفضل. في البداية، لم تذكر وزارة الدفاع الروسية أنّ مجموعة فاغنر متورطة في القتال، لكنّها اعترفت بعد ذلك أن مرتزقتها لعبوا دوراً وصفته بالشجاع.
وعلى الصعيد الميداني، أفاد تقرير للمخابرات البريطانية يوم السبت الفائت بأنّ القوات الروسية والأوكرانية في طريق مسدودة حالياً، في (3) جبهات، رغم دفع القوات الروسية بعناصر كبيرة من الفاغنر، لفض الاشتباك، وحسم سير المعارك.
وبحسب “دويتشه فيله”، قال محللون بريطانيون، بناء على تقارير استخباراتية في الأيام الأخيرة: إنّ أعمال القتال العنيفة تتركز في (3) قطاعات؛ وإنّ القوات الأوكرانية حققت مكاسب صغيرة في الشمال الشرقي، بالقرب من كريمينا، حيث صدّت بنجاح هجوماً روسياً مضاداً.
باخموت..
مع دخول قوات افاغنر بشكل معلن، أصبح هناك تقدم روسي محلي حول باخموت، في منطقة دونيتسك الشرقية، والتي تشهد قتالاً شرساً من عدة أشهر، حيث أعادت وحدات روسية من الجيش النظامي، مدعومة بمجموعة من قوات فاغنر، تجميع صفوفها في سوليدار، التي سيطرت عليها مؤخراً في شمال باخموت.
من جهة أخرى، حشد الجانبان قوات كبيرة في الجنوب، وبالتحديد في منطقة زابوريزهزهيا، ووقعت معارك عنيفة بالمدفعية، وجرت اشتباكات صغيرة، لكن حتى الآن لم يكن هناك أيّ هجوم كبير.
الجيش الروسي قال في تقريره اليومي: إنّه شن هجوماً على زابوريزهزهيا السبت الماضي، وهي جبهة شبه مجمدة منذ عدة أشهر. وأفادت القوات الروسية أنّها شنّت “عمليات هجومية في المنطقة، واتخذت خطوطاً ومواقع أكثر تقدماً”، ويبدو أنّ الدفع بالفاغنر أسهم في تطوير الهجوم الروسي جنوباً.
لربما كان القتال حول باخموت هو الأعنف على الإطلاق في حرب الجليد، ويمكن تفهم التضحيات الكبيرة التي بذلتها القوات الأوكرانية من أجل الدفاع عن باخموت، فعلى الرغم من التكلفة المرتفعة بالنسبة إلى أوكرانيا، فإنّ القيادة العسكرية في كييف تعلم أنّها سوف تدفع أيضاً ثمناً باهظاً، إن هي سمحت للقوات الروسية بالاستيلاء على باخموت بسهولة؛ ذلك أنّ سقوط باخموت بسرعة وبتكلفة زهيدة، سوف يؤدي إلى توسيع العمليات الروسية، بشكل من الممكن أن يجبر أوكرانيا على بناء مواقع دفاعية متسرعة في تضاريس أقل ملاءمة.