كيف عرضت طوفان الأقصى المصالح الأمريكية العالمية للخطر؟

في ظل الحرب الدائرة بين الفصائل الفلسطينية والاحتلال الإسرائيلي، يواجه ما يسمى بـ”محور المقاومة” في الشرق الأوسط، لحظات قد تكون هي الأصعب في تاريخه، والتي ربما قد تكتب نهاية هذا التكتل الذي بنته إيران طيلة 40 عاما ونفذت منه إلى عواصم عربية عدة.
“محور المقاومة” يشير إلى تحالف عسكري- سياسي غير رسمي مناهض للغرب وإسرائيل، بين إيران والنظام السوري وحزب الله اللبناني، وجماعة الحوثي اليمنية، وكذلك المليشيات الشيعية العراقية، والتي هي جزء من قوات الحشد الشعبي المرتبط رسميا بالحكومة.
ومع اختلاف أيديولوجيات التحالف، مثل البعثيين العلمانيين والإسلاميين الشيعة، إلا أنهم موحدون من خلال هدفهم المتمثل في معارضة أنشطة الأحزاب الموالية للغرب وإسرائيل ودول الخليج والإسلاميين السنة في المنطقة.
فالحرب الدائرة حاليا، أظهرت أن توحّد الساحات ولو على مستوى الحراك الشعبي، لم يكن سوى مسألة خطابية لإيران وحلفائها، وذلك قد يترك أثره لاحقا في توجهات الفصائل الفلسطينية، وخطورة التضحية بالمحور السني لصالح ما يسمى “محور المقاومة”.
مصير مهدد
مع انطلاق “طوفان الأقصى” في 7 أكتوبر/ تشرين الأول 2023، ردا على جرائم الاحتلال الإسرائيلي بحق الشعب الفلسطيني، دعا محمد الضيف، القائد العام لكتائب عز الدين القسام، الجناح العسكري لحركة المقاومة الإسلامية -حماس، ما يعرف بـ”محور المقاومة” إلى دخول المعركة.
وقال الضيف في كلمته الصوتية، “أدعو إخوتنا في المقاومة بلبنان وإيران واليمن والعراق وسوريا للالتحام مع المقاومة بفلسطين، حتى يفهم هذا المحتل الرعديد أنه انتهى الزمن الذي يغتال فيه العلماء والقادة، والقصف شبه اليومي في سوريا والعراق”.
وفي ردٍّ على سؤال حول جنوب لبنان وتصريحات المسؤولين الإيرانيين عن اتساع جبهة الحرب في حال استمر العدوان على غزة، قال مشعل إن “هناك مشاغلة في الجنوب اللبناني من الفصائل وحزب الله، لكن بتقديري المعركة تتطلب أكثر من ذلك”.
وشدد على أن “إسرائيل تشكل خطرا على الجميع وجزء من إستراتيجيتها العسكرية التفرد بأعدائها ولا بد من خوض الحرب معا”.
ورأى مشعل أن ما يجري من محور المقاومة “غير كافٍ، وأن التاريخ لا يُصنع باللعب والخطوات المحددة والخجولة والمترددة، بل بالمغامرات المدروسة كاقتحام 7 تشرين المعد له بإتقان”.
وأضاف: “اليوم الحرب وقعت، فإن إيران أمام خيارين: إما أن تنفذ ما كانت تقوله منذ 40 عاما، وإذا فعلت فإن ما قالته صحيح، الأمر الثاني في حال لم تفعل ذلك، فإنها لا تستطيع أن تأتي وتقول إنها تدافع عن القدس وفلسطين، لأن هذا استغفال لنا”.
ورأى خنفر أن عدم مشاركة هؤلاء في المعركة حاليا، “يعني نهاية كل النظرية التي بنتها إيران لنفسها، لأن الحرب اليوم على الأرض فإما أن تطبق نظريتها، أو يجد بعد ذلك كل من هذه الأطراف تحالفاته الخاصة بالمنطقة، لأنه لم تعد هناك سردية اسمها محور المقاومة”.
تهديد متواصل
لكن إيران وما يسمى “محور المقاومة” تقابل كل هذه الدعوات التي يوجهها قادة حركة “حماس”، بإطلاق التهديدات والحديث عن عدم سماحهم للاحتلال الإسرائيلي بأن ينفرد بغزة، وأنه إذا لم تتوقف الجرائم الإسرائيلية هناك فورا فستُفتح جبهات جديدة ضد الكيان الصهيوني.
وقال المرشد الإيراني الأعلى علي خامنئي، خلال كلمة أمام نخب من الإيرانيين، في 17 أكتوبر، أن “لا أحد يمكنه منع المسلمين وقوى المقاومة (من الرد) إذا استمرت جرائم الكيان الصهيوني في غزة”.
وأضاف خامنئي، أن “الكيان الصهيوني مهما ارتكب من الجرائم لن يستطيع التعويض عن الهزيمة الفاضحة التي لحقت به”، مؤكدا أن “هذا الكيان يرتكب جرائم إبادة جماعية في غزة أمام أعين العالم وتجب محاكمة قادته”.
وكذلك توعد حزب الله اللبناني، بتوسيع ساحة الحرب ضد إسرائيل، نتجت عنها بعض الإطلاقات الصاروخية الموجهة، التي صدرت من الأول تجاه أهداف للثاني في مناطق شمال فلسطين المحتلة، وسقط خلالها ضابط إسرائيلي، مقابل نحو 5 قتلى من المليشيا اللبنانية حتى يوم 18 أكتوبر.
أما المليشيات الشيعية في العراق، فقد أعلن الناطق العسكري باسم “كتائب حزب الله”، جعفر الحسيني، في 18 أكتوبر، دخول “المقاومة” في بلاده منذ اليوم معترك المعركة وتوجيه ضرباتها إلى القواعد الأميركية.
ونقلت قناة “الميادين” القريبة من حزب الله اللبناني، عن الحسيني قوله إن “المقاومة في العراق حقّقت اليوم أولى الإصابات، مؤكدا “استمرار العمليات بوتيرة أعلى”.
“مكر إيراني”
وعن مدى مشاركة إيران التي تقود ما يسمى “محور المقاومة” في الحرب ضد الاحتلال الإسرائيلي، رأى الباحث العراقي المهتم بشؤون الشرق الأوسط، ميثم محمد صاحب، إن “هذا المحور لن يدخل في أي حرب مفتوحة مع الاحتلال الإسرائيلي، لأسباب عدة”.
وأوضح أنه “بالنسبة لإيران فإنها تراهن على نصر حركة حماس دون أن تشارك مباشرة، لأسباب دينية وجيوسياسية فهي تريد أن تضرب بحجارة المقاومة الفلسطينية أكثر من طرف، لكن الأخيرة أعتقد أنها واعية لمثل هذا الأمر”.
وتابع: “صحيح أن حماس دعت محور المقاومة للمشاركة في القتال، لكن المحاولات الفردية لا تغير سياسات إيران، في الوقت الذي أمام حزب الله والحوثي وجيش النظام السوري والحشد الشعبي فرصة لتلميع وجههم القبيح، وعليهم التحرك ولو بالقصف عن بعد”.
ومنذ عقد الثمانينيات، وعلى مدار عقود تربو على الأربعة، عدت كل من إيران وسوريا نفسيهما ممثلين للمقاومة في منطقة الشرق الأوسط، وكانتا تزعمان أن من أولويّاتهما دعم صمود أبناء الشعب الفلسطيني ضد الكيان الإسرائيلي، حتى تحرير المسجد الأقصى.
لكن هذا المحور ارتكب مجاز عدة، بدأت من العراق بعد الاحتلال الأميركي للبلاد عام 2003، ومرورا بالثورة السورية في 2011، وصولا إلى مرحلة اجتياح تنظيم الدولة لهذين البلدين عام 2014، وذلك بتهجير الملايين من السكان وقتل مئات الآلاف على أساس طائفي، استهدفت السُنة والمناوئين للنظام السوري.