كيف تكون خيارات “بايدن” للتعامل مع أزمة الدين الأمريكية

تواجه الولايات المتحدة في الوقت الراهن أزمة ديون وطنية، تقدر بقيمة 31.4 تريليون دولار؛ وبذلك تصل الديون إلى أعلى مستوى لها على الإطلاق؛ حيث تقترب بذلك من الحد الأقصى المسموح للحكومة بالاقتراض منه قانونياً، بصورة تنذر بأزمة سياسية مرتقبة، في ظل حالة الجدل والانقسام بين الحزبين الجمهوري والديمقراطي، بيد أن هذه المرة ليست الأولى التي تكون فيها الولايات المتحدة على وشك بلوغ حد الدين، غير أنه في تلك المرة تزداد المخاوف بشأن احتمالية التخلف عن السداد، خاصةً أن الدين الوطني حالياً يقارب ضعف ما كان عليه في المرة الأخيرة التي شهدت فيها الدولة الأمريكية أزمة سقف الديون في عام 2013.

هذا وقد وصلت تكلفة التأمين ضد التخلف عن السداد الفيدرالي إلى أكبر رقم لها منذ أكثر من عقد، وفقاً لشركة S&P Global Market Intelligence؛ حيث اتسع الفارق على مقايضات التخلف عن السداد في الولايات المتحدة لمدة 5 سنوات إلى 49.68 نقطة أساس اعتباراً من بعد ظهر يوم الخميس الموافق 20 أبريل 2023، أي ما يقرب من ضعف مستواه البالغ 26.28 نقطة أساس في بداية العام.

 ووفقاً لمكاتب الميزانية في الكونجرس، فإن الوضع يزداد ضراوةً وتعقيداً؛ حيث يرجح أن تنفد أموال الحكومة الفيدرالية بحلول شهر يونيو 2023؛ ما دفع وزارة الخزانة الأمريكية إلى التحذير من خطورة الفشل في رفع سقف الديون، على اعتبار أن ذلك سيؤدي بدوره إلى كارثة، وربما ينذر بأزمة مالية جديدة كتلك التي مرت بها الولايات المتحدة في عام 2008.

تطورات الأزمة

في 19 يناير 2023، بلغت الولايات المتحدة الحد الأقصى للديون، وتسعى وزارة الخزانة الأمريكية في الوقت الحالي إلى استخدام إجراءات استثنائية لمواصلة سداد التزامات الحكومة. وتعد تلك الإجراءات هي في الأساس أدوات محاسبة مالية تحد من بعض الاستثمارات الحكومية، مقابل الاستمرار في الإنفاق على التزاماتها المالية. ويذكر في هذا السياق، أن سقف الدين الذي يطلق عليه حد الدين كذلك هو الحد الأقصى للمبلغ الإجمالي للأموال التي يُسمح للحكومة الفيدرالية باقتراضها عبر سندات الخزانة الأمريكية.

منذ بلوغ الولايات المتحدة سقف الدين من الناحية الفنية في 19 يناير 2023، حاولت وزارة الخزانة الأمريكية استخدام مناورات خاصة بالميزانيةللحفاظ على السيولة وكسب الوقت للمفاوضات، لكن تلك التكتيكات من المرجح أن يصعب الاستمرار فيها بحلول مطلع شهر يونيو المقبل؛ إذ لن تكون وزارة الخزانة الأمريكية قادرة على الاستمرار في دفع الفوائد لحاملي السندات، وهو ما سيؤدي بدوره إلى التخلف عن السداد؛ ما يرجح حينها حدوث اضطراب اقتصادي عالمي، خاصة أن كثيراً من الدول حول العالم تستثمر في سندات الخزانة الأمريكية وتعتبرها بوجه عام من أكثر الاستثمارات أماناً عالمياً.

 مع اقتراب موعد انتخابات 2024، يدرس الجمهوريون والديمقراطيون كافة الحلول الممكنة للتغلب على أزمة الديون، وهي التي تُظهر درجة الانقسام بين الطرفين؛ فالجمهوريون ينظرون إلى الجدل حول سقف الديون على أنه فرصة لتصوير الديمقراطيين على أنهم منخرطون في إنفاق متهور على نحو دائم، وإجبارهم بقوة على تقليص الإنفاق، وهو الأمر الذي قد يعرض –على حد قول البعض – خطط الإنفاق على الرعاية الطبية والضمان الاجتماعي للخطر.

على الجانب الآخر، يعي الديمقراطيون أن هجوم الجمهوريين وانتقاداتهم المستمرة لهم، يهدد استقرار الحكومة الفيدرالية، غير أنهم لا يزالون إلى الوقت الراهن متمسكين بالرغبة في رفع سقف الديون، مع تقديم وعود فضفاضة من وقت إلى آخر، بإعادة النظر في تخفيضات الإنفاق لاحقاً.

مع توقع حدوث تقصير محتمل من قبل الخزانة الأمريكية في الأول من يونيو المقبل، مرر الجمهوريون في 26 أبريل 2023، مشروع قانون في مجلس النواب من شأنه أن يرفع سقف الديون بمقدار 1.5 تريليون دولار، وفرض تخفيضات في الإنفاق بمقدار 4.8 تريليون دولار على مدى العقد المقبل، وهو ما قابله رفض من قبل الديمقراطيين الذين لا يقبلون التفاوض بشأن تخفيضات الإنفاق على سقف الديون.

على الجانب الآخر، يصر الجمهوريون على استخدام الجدول الزمني العالي المخاطر تجاه التخلف عن السداد للضغط على الديمقراطيين للموافقة على خفض الإنفاق. وفي ذلك الإطار، اقترح النائب الجمهوري كيفين مكارثي، أنه يريد عودة الحدود القصوى للإنفاق التقديرية الشاملة التي وضعها مجلس النواب بقيادة الحزب الجمهوري وأوباما وسيلةً لإنهاء معركة سقف الديون لعام 2011، وهي صفقة تُعرف باسم قانون مراقبة الميزانية.

مقالات ذات صلة