كيف أوجعت عملية طوفان الأقصى الاقتصاد الإسرائيلي؟

بينما تحاول حكومة الكيان الإسرائيلي إظهار التماسك والإعلان أن حرب غزة ستطول شهورا، إلا أن الواقع المتدهور لاقتصاد الاحتلال، الذي ضربته المقاومة الفلسطينية في “طوفان الأقصى” ربما يكون أشد إيلاما.

وقد يكون الاقتصاد نقطة ضعف تدفع الاحتلال عاجلا أو آجلا لوقف الحرب، خاصة أن عددا كبيرا من موظفي الشركات الإسرائيلية تم استعداؤهم للمشاركة في الحرب.

وتشير تحليلات لصحف إسرائيلية إلى مخاوف من أن “طوفان الأقصى” الذي ضرب كبرياء الاحتلال وحكومته وجيشه في 7 أكتوبر/ تشرين الأول 2023، سيتقدم لضرب الاقتصاد الإسرائيلي في مقتل.

وهو ما بدأ يظهر في تدهور مالي وانهيار بقطاعات التكنولوجيا التي تعتمد عليها إسرائيل، فضلا عن هروب أصحاب شركات للخارج، وإغلاق أخرى بعد تجنيد كل موظفيها في التعبئة العامة.

خسائر فورية

بعد دخول أسبوعين على الحرب، وتعطل العاصمة تل أبيب ومدن إسرائيلية، بدأت تظهر خسائر فورية، سيتبعها آخرى مع إطالة أمد الصراع.

صحيفة “معاريف” الإسرائيلية قالت في 17 أكتوبر، إن “الاقتصاد الإسرائيلي بدأ بالفعل يدفع ثمناً باهظاً للحرب”، مشيرة إلى “خسائر هائلة على المستوى البشري والعسكري والاقتصادي في إسرائيل وما تزال نتائجها تتفاقم”.

أوضحت الصحيفة، بعد 10 أيام من الحرب، أن “4.6 مليارات شيكل (1.133 مليار دولار) هو الثمن الذي دفعه الاقتصاد الإسرائيلي نتيجة عدم قدوم العمال للعمل (1.3 مليون موظف وعامل لم يذهبوا إلى عملهم) وانخفاض الإنتاجية في المؤسسات الإسرائيلية”.

وكانت بيانات معهد دراسات الأمن القومي (INSS) أشارت إلى أن التكاليف التي تكبدتها إسرائيل في حرب لبنان الثانية عام 2006 بلغت نحو 9.4 مليار شيكل (2.4 مليار دولار) أو 1.3 بالمئة من حجم الناتج المحلي الإجمالي لإسرائيل لذاك العام.

كما قدر المعهد الإسرائيلي خسائر عملية “الرصاص المصبوب” (ديسمبر 2008 -يناير 2009) بنحو 3.3 مليارات شيكل (835 مليون دولار).

أيضا أكد القسم الاقتصادي لاتحاد المصنعين في إسرائيل، في تحليل وضعه للخسائر الاقتصادية، أن الاقتصاد الإسرائيلي بدأ يدفع ثمنا باهظا للحرب، بسبب إغلاق نظام التعليم وإغلاق طرق المرور والتعبئة الواسعة للاحتياطيات في جميع أنحاء إسرائيل.

واعترف محافظ بنك إسرائيل المركزي، أمير يارون، بأن الحرب التي تخوضها إسرائيل مع حركة حماس في غزة، “ستكون لها آثار على الميزانية”، لكن قال إن وضع إسرائيل المالي القوي سيخفف ذلك نسبيا، بحسب “رويترز”.

فاتورة الحرب

يمكن حساب خسائر الوضع الاقتصادي في دولة الاحتلال، والذي يتوقع أن يكون أصعب من الوضع الأمني والسياسي، بتفصيل أكثر على النحو التالي:

رغم أن البنك المركزي ضخ 30 مليار دولار في السوق فقد تهاوت العملة الإسرائيلية وفقدت العملة 6 بالمئة من قيمتها منذ بداية الحرب، وأصبحت من بين أسوأ العملات أداء في العالم، بحسب وكالة “بلومبيرغ” في 20 أكتوبر.

وهو ما يعكس حالة القلق وعدم اليقين في السوق الإسرائيلية التي تعتمد على الاستقرار المالي، خاصة أن البورصة أيضا خسرت 20 مليار دولار، مع انسحاب شركات عالمية من السوق المالي فور تساقط الصواريخ على تل أبيب.

وقد أعلنت سلطات الاحتلال أنها تحتجز في منشآت أمنية نحو 4 آلاف عامل من سكان قطاع غزة دخلوا إسرائيل للعمل في عدة قطاعات وأهمها الزراعية والصناعية والإنشاءات، بحسب القناة 12 الإخبارية الإسرائيلية في 17 أكتوبر.

زاد من عمق أزمة العمال وضرب الاقتصاد أن العمالة الإسرائيلية المتعلمة مثل المهندسين والأطباء وغيرهم تم استدعاء جزء كبير منهم للجيش (الاحتياط)، وجزء آخر هرب للخارج، ما ترك فراغا في المستشفيات والمنشآت بشكل عام، وتشير تقديرات إسرائيلية إلى هروب 300 ألف من هؤلاء.

تريليون دولار خسائر

بسبب خطر أن تكبد الحرب إسرائيل والعالم معا بأكمله خسائر اقتصادية باهظة، تحدث جيل بيفمان، كبير الاقتصاديين في بنك لئومي الإسرائيلي في تحليل نشرته صحيفة “كالكسيت” عن خسائر تقدر بـ “ترليون” دولار (ألف مليار).

قال بيفمان على خلفية ارتفاع أسعار النفط من 86 دولارا للبرميل إلى 93 دولارا للبرميل عقب اندلاع حرب غزة، إن تداعيات الحرب ستنعكس بقوة على أسعار الطاقة في العالم”.

وأوضح أنه إذا سعت الولايات المتحدة للتحرك ضد إيران بسبب ما تقول واشنطن وتل أبيب إنه تورط واضح في المنطقة، فالأرجح أن ذلك سوف يتجلى في تقليل قدرة إيران على تصدير النفط، ما سوف يقود إلى خفض إجمالي إنتاج النفط وارتفاع أسعاره.

وأضاف: ثمة خطر آخر يخص العلاقات الأمريكية السعودية، التي تعتمد إلى حد ما على إحراز تقدم نحو اتفاقية سلام مستقبلية مع إسرائيل.

وأيضاً يتوافق مع تحذيرات جيمي ديمون، الرئيس التنفيذي لبنك جيه بي مورغان تشيس، الذي قال إن “العالم يواجه أخطر مرحلة منذ عقود زمنية”.

فيما يقول “ييل بيانكي”، أستاذ المالية بجامعة كوين ماري في لندن في مقال بموقع “ذا كونفرسيشن” في 20 أكتوبر: “إذا كانت الحرب الروسية الأوكرانية علمتنا شيئاً واحداً، فهو أننا ينبغي لنا أن نضع في حسباننا أوجه الترابط المعقدة التي تشكل المشهد الاقتصادي والجيوسياسي العالمي”

مقالات ذات صلة