كيف أظهرت الهند دعمها لإسرائيل رغم مجازرها في غزة؟

اقادت حسابات هندية يمينية متطرفة تنشط في العادة ضد الإسلام والمسلمين، حملة معلومات مضللة لصالح إسرائيل وشيطنة الشعب الفلسطيني ومقاومته.
ومنذ انطلاق عملية “طوفان الأقصى” في 7 أكتوبر/تشرين الأول 2023، تجنّد الهند ناشطين على منصات التواصل الاجتماعي بأعداد كبيرة لإدانة الفلسطينيين ودعم دولة الاحتلال الإسرائيلي.
ومع اشتداد العدوان الإسرائيلي على قطاع غزة، امتلأت منصة التدوينات القصيرة “إكس” (تويتر سابقا) بكمية غير مسبوقة من الصور ومقاطع الفيديو الكاذبة أو المفبركة، وتبين أن حسابات هندية تقف وراءها.
ادعاءات كاذبة
بعد فحص عدد من المنشورات التي نشرت حول المعركة، وجد موقع التحقق من صحة الأخبار الهندي “بوم” العديد من مستخدمي “إكس” الهنود يديرون حملة تضليل، تستهدف في الغالب فلسطين بشكل سلبي، أو يدعمون إسرائيل.
وقال الموقع في تقرير له 11 أكتوبر: “جمعنا ثمانية من هذه الحسابات الموثقة بالعلامات الزرقاء، كانت تبالغ في مشاركة المنشورات الكاذبة والمضللة حول النزاع”.
وقد نشر مقطع فيديو غير مؤرخ يظهر مسلحا يسجل رسالة فيديو داخل غرفة تظهر فيها امرأة مسنة مستلقية على سرير، مع ادعاء مضلل بأنه يظهر مقاتلا من “حماس” يقتل المرأة طريحة الفراش. لكن في الحقيقة، فإن هذا المقاتل أنقذ حياة سيدتين.
ونشر الحساب خبرا آخر زعم أن الفلسطينيين يستخدمون الخداع لاتهام الجنود الإسرائيليين زورا بأنهم يقتلون الأطفال الفلسطينيين.
وشارك كذلك مقطعا يظهر مسؤولين عسكريين إسرائيليين رفيعي المستوى أسرتهم حماس، بينما الحقيقة أن الفيديو يتعلّق بجهاز أمن الدولة الأذربيجاني.
على سبيل المثال، شارك المستخدم مقطع فيديو يظهر رجلا يزعم أنه من حركة “حماس”، يقطع رأس صبي صغير أثناء مهاجمة أطفال إسرائيليين، وتبين أن مصدر الفيديو سوريا ويعود إلى عام 2016.
شارك هذا المستخدم أيضا مقطع فيديو يُظهر طائرات شراعية عسكرية مصرية تهبط أثناء جلسة تدريبية على أنها هبوط لمقاتلي حماس في إسرائيل أثناء الهجوم في 7 أكتوبر 2023.
ونشر مستخدم يميني آخر، عنوان حسابه “MrSinha_”، مقطع الفيديو لقطع رأس صبي، وربطه كذبا بهجوم حماس على إسرائيل.
بدوره، شدد سفير إسرائيل لدى الهند، ناؤور جيلون، على أهمية دعم نيودلهي لتل أبيب، مشيرا إلى “أهمية الدولة الآسيوية في السياسة العالمية وكفاحها الطويل ضد الإرهاب”، وفق وصفه.
انخراط كبير
وبهذه التصريحات والنشاطات، أصبحت الهند منخرطة بشكل ما في هذا الصراع بسبب علاقتها القوية مع إسرائيل وتحركاتها لقمع أي مظاهرات داعمة للفلسطينيين.
وقمعت الشرطة الهندية مظاهرة داعمة لفلسطين في العاصمة نيودلهي واعتقلت عددا من المتظاهرين، لكن الآلاف نجحوا لاحقا بتنظيم مسيرة في ولاية أخرى.
وقالت صحيفة “غلوبال تايمز” في 23 أكتوبر إن الحرب بين حماس وإسرائيل “ستؤثر على كل من مستقبل الممر وتطبيع العلاقات بين تل أبيب والدول العربية”.
ولفتت إلى أن “الممر سيجلب فوائد اقتصادية وجيوسياسية للهند وسيجعلها لاعبا مهما في التجارة العالمية، لكن يبدو أنه سيتعثر لأن إسرائيل التي تواجه صراعات في الشرق الأوسط تمثل جزءا مهما منه”.
أسباب الدعم
ومنذ عام 2014، حدث تحول ملحوظ في العلاقات الهندية الإسرائيلية نحو نهج أكثر ودية، وفق ما قالت صحيفة “إيكونوميست تايمز” البريطانية في 26 أكتوبر.
وأضافت: “امتنعت الهند عن التصويت في الأمم المتحدة بشأن إذا ما كان ينبغي لإسرائيل أن تواجه المحكمة الجنائية الدولية بتهمة ارتكاب جرائم حرب في غزة عام 2014”.
ومنذ أن تولى مودي السلطة في مايو/أيار 2014، بدأت العلاقات بين إسرائيل والهند نشاطا قويا ووقع الطرفان سلسلة من الاتفاقيات في مجالي الدفاع والتكنولوجيا أكدت على “العلاقة التجارية والسياسية المزدهرة”.
وفي عام 2017، أصبح مودي أول رئيس وزراء هندي يزور إسرائيل، ووصف حكومة الاحتلال وقتها بأنها “صديق حقيقي لبلاده”، قائلا إنه يشعر خلال زيارته “كما لو كان في بيته”.
وتعود جذور العلاقة بين الهند وإسرائيل إلى عام 2006 عندما كان مودي رئيس وزراء ولاية جوجارات وزار المنطقة بحثا عن أفكار جديدة في مجال الري حيث الخبرة الإسرائيلية، وفق ما قالت وكالة “رويترز” البريطانية في تقرير نشرته عام 2014.
وتعد الهند في الوقت الراهن واحدة من أكبر عملاء الأسلحة لإسرائيل، وكذلك أنظمة الدفاع (والمراقبة) المتقدمة والحساسة، وهذا يؤكد أيضا أنها “صداقة” تحظى بمباركة الولايات المتحدة.
وعن أسباب تطور العلاقات بعد أن كانت الهند أحد أبرز الداعمين للقضية الفلسطينية، يرى الأكاديمي في جامعة دلهي “أبو ورفاناند”، وجود صلة بين “المشاعر المعادية للمسلمين” الحالية وصعود الأيديولوجيات القومية الهندوسية مثل هندوتفا، وخاصة في ظل حكومة مودي.
ويرجع ذلك جزئيا إلى أن “حماس تواجه الآن انتقادات من بعض الدول العربية، بما في ذلك السعودية والإمارات، وهما أيضا أكبر شركاء الهند التجاريين في الشرق الأوسط، ولذلك تشاطرهم نيودلي ذات الموقف”.
ويلعب كلا البلدين أيضا دورا محوريا في الممر الاقتصادي الطموح بين الهند والشرق الأوسط وأوروبا (IMEC)، إلى جانب إسرائيل.
وأضاف الموقع: “هناك أيضا جانب داخلي لاختيار الهند إسقاط القضية الفلسطينية يتعلق بإقليم كشمير” المتنازع عليه بينها وبين باكستان.
وأردف: “على مر السنين، قال المتظاهرون ضد السلطات الهندية في كشمير مرارا وتكرارا إنهم استلهموا الاحتجاجات من الانتفاضة الفلسطينية عام 1987 ضد إسرائيل”.