قضايا الأسرى وأولويات الحراك السياسي

هذه المرة الحركة الأسيرة في أجندة إيتمار بن غفير بعدما أصدر قراراً يقنن من زيارات الأسرى مرة واحدة في شهرين، فضلا عن تقنين مشتريات “الكنتين ” ووجبات الطعام المقدمة للأسرى. سياسة الشد التي ينتهجها المتطرف بن غفير تتنافى مع القانون الدولي المتعلق بحقوق الأسرى، كان لافتا تصريح مجلس الأمن القومي الإسرائيلي عندما طلب من الحكومة وجميع الجهات ذات الصلة، عدم التعامل مع قرار وزير الأمن القومي، إيتمار بن غفير، بتقليص زيارات أهالي الأسرى الفلسطينيين، مرة كل شهرين بدل مرة كل شهر، المفوض العام للشرطة الإسرائيلية سابقا شلومو أهرونشكي، صرح السبت الفائت، أن وزير الأمن القومي إيتمار بن غفير، شخص يشعل الحرائق حيثما حل، وكأنه برميل وقود يشعل النار في المنطقة
تتجاوز أبعاد الحدث المتمثل في سن قوانين تعسفية بحق الأسرى في قتل الروح المعنوية لديهم ، فلو رجعنا للوراء ردحاً من الزمن سوف نجد إجراءات أكثر تعصفا من اليوم كانت ضد الأسرى، ورغم ذلك صمد الأسرى تحت عصي السجان واساليبه الوحشية في انتزاع الاعتراف منهم، الطريق الذي يسير عليه اليوم بن غفير وغيره وهو خنق الفلسطينيين داخل السجون، ما هي إلا عقدة نقص عند هذا المتطرف وزير الأمن الداخلي في حكومة الاحتلال، لم يوجد لدى بن غفير شيء يقدمه يستطيع من خلاله القضاء على عنفوان الشعب الفلسطيني غير هذا الممارسات التي لا تثني الفلسطيني عن حقه في الدفاع عن أرضه المسلوبة ومقدساته.
كانت هناك مراصد مماثلة للتطرف الصهيوني، فالزيارات المتكررة للصهيونية الدينية للمسجد الأقصى وعلى رأسهم وزير الأمن الداخلي حكاية أخرى في اجندة التطرف الديني الصهيوني، مئات الاقتحامات للأقصى في غضون سنة، وعشرات الآلاف من المستوطنين الذين اقتحموا باحات المسجد الأقصى وقبة الصخرة، ما هو إلا تمهيد الطريق نحو حرب دينية، الهدف منها التعجيل في خروج المشيح على حسب معتقدهم، الأمور تسير نحو المجهول، حكومة فاشية عنصرية تشق طريقها في وسط عالم مظلم، لا يهمه ما تقوم به هذه الحفنة من المستوطنين في المقدسات وضد الحركة الأسيرة داخل سجون القمع الصهيوني، ولا يكترث هذا العالم المنافق بما تقوم به ما يسمى بشبيبة التلال ليل نهار ضد الفلسطينيين العزل وهم آمنين في بيوتهم، وفي الطرقات وبساتين الزيتون حرب ضد الحجر والبشر والشجر، مجتمع الدولي مخدر لا يجدى نفعا من قوانينه التي تصب فقط في مصلحة الاحتلال.
على الرغم من إصرار العالم على وقف الاستيطان، لقد اسند هذا الملف لأكبر متطرف وهو يسلئيل سموتريتش فإن سموتريتش سيقوم بإنشاء “قسم الاستيطان” داخل وزارة الدفاع ويضع على رأسها الرئيس السابق للمجلس الاستيطاني لمنطقة بنيامين (المنطقة الواقعة بين رام الله ونابلس). القسم مسؤول عن تنظيم كل ما يتعلق بالاستيطان، سواء من ناحية التوسع على الأرض، أو من ناحية تنفيذ مشروع “المواطنة المتساوية” الذي يهدف إلى تحسين الخدمات المدنية والإدارية للمستوطنين لمساواتهم بالمواطنين الإسرائيليين داخل إسرائيل، حزب الصهيونية الدينية ملتزم بتسوية الاستيطان كله وإزالة قيود على البناء في المستوطنات. وأكد أنه “يجب أن تدار الأمور في هذه المنطقة مثل أي منطقة أخرى في إسرائيل.
يتبين مما سبق أن هنالك توافق بين بن غفير وسموتريتش حول أسرلة الضفة الغربية، وتحويلها إلى كيان صهيوني، فكل واحد فيهما له برنامجه الخاص في النهاية يصب في تحقيق الهدف المتعلق بزيادة عدد المستوطنين في الضفة الغربية إلى مليون مستوطن، خلال الخمس سنوات القادمة، وهذا يستدعي تطرف ديني صهيوني بدرجة عالية جدا، وهذا ما نلمسه اليوم من خلال زيادات الوحدات الاستيطانية وإطلاق الحرية لشبيبة التلال، التي تمعن في قتل الفلسطينيين فضلا عن تضيق سبل الحياة للأسرى.
هو شيء أشبه بالمكونات الجينية للإنسان التي تنعكس على السطح في ملامح الوجه ولون البشرة ولون الشعر وطبيعته، لطالما كانت إسرائيل تفجر قنابلها في وجه الشعب الفلسطيني على مرأى العالم، ما تعودنا عليه هو سياسة الكيل بمكيالين وهو واحد من أبشع خطايا العقل البشري، الذي يدّعي التحضر والتطور.
لا يمكن في أيّ حال تجاهل حقوق الأسرى الذي كفلته المؤسسات العالمية، لهذا نحن ننتظر رد دول العالم حول قانون بن غفير حرمان الأسرى الفلسطينيين من الزيارات العائلية مرة كل شهرين، السؤال هل تستطيع المؤسسات الدولية ثني بن غفير عن قرار تقليل زيارات الأسرى؟ نحن ننتظر ما هم فاعلون، سيتوجّب عليه التدخل لثني بن غفير وغيره عن اجرامهم بحق الشعب الفلسطيني.
تواصل سلطات الاحتلال الاسرائيلي وادارات السجون عدوانها الواسع وغير المسبوق على الحركة الأسيرة، وتصعد من انتهاكاتها الجسيمة ضد الأسرى، في الوقت الذي تتصاعد فيه عمليات الاعتقال ضد المواطنين الفلسطينيين، والتي بلغت ذروتها الأسبوع الماضي وفقا للهيئات والمؤسسات الفلسطينية المعنية بشؤون الأسرى، حيث أعتقل قرابة 200 مواطن، وتركزت في محافظات (الخليل، ونابلس، ورام الله، وجنين)، فيما بلغت حصيلة حالات الاعتقال منذ مطلع العام الجاري أكثر من 5000.
وتتصاعد عمليات الاعتقال الإداريّ، التي تستهدف الأطفال إلى جانب أسرى سابقين أمضوا سنوات في سجون الاحتلال، في الوقت الذي تتفاقم فيه معاناة الأسرى داخل السّجون، بسبب الاكتظاظ الحاصل نتيجة لتصاعد عمليات الاعتقال. ويتزامن ذلك مع التعديل الذي أقره وزيرالأمن القومي المتطرف (بن غفير)، بوقف ما يعرف بالإفراج المبكر الذي يمس واقع الحياة الاعتقالية للأسرى، وسيساهم في تفاقم حالة الاكتظاظ الحاصلة. في حين يبلغ عدد الأسرى في السجون وفقا لآخر معطيات المؤسسات المختصة، قرابة 5100، منهم أكثر من 1200 معتقل إداري.
ويواصل أربعة معتقلين في سجون الاحتلال الإسرائيلي، إضرابهم عن الطعام، رفضا لاعتقالهم، من بينهم ثلاثة إداريين. هم: كايد الفسفوس من دورا/ الخليل، وسلطان خلوف من برقين جنوب غرب جنين، يواصلان إضرابهما عن الطعام منذ ما يزيد عن شهر، وعبد الرحمن براقة من مخيم عقبة جبر جنوب أريحا منذ حوالي شهر، رفضا لاعتقالهم الإداري.
كما يواصل المعتقل ماهر الأخرس إضرابه منذ نحو أسبوعين، رفضا لاعتقاله، وكانت محكمة الاحتلال قد مددت اعتقاله يوم الخميس الماضي 31/8/2023 لمدة سبعة أيام للتحقيق. ويستمر نحو (70) معتقًلا إداريا في سجون الاحتلال مقاطعتهم لمحاكم الاحتلال العسكرية، وذلك في إطار مواجهة جريمة الاعتقال الإداريّ الممنهجة، والتي تواصل سلطات الاحتلال تصعيدها، باعتقال المئات من أبناء شعبنا بذريعة وجود (ملف سري)، حيث تجاوز عدد المعتقلين الإداريين أكثر من 1200، وهذا العدد هو الأعلى منذ سنوات انتفاضة الأقصى.
في هذا الوقت بالذات التي تحتدم فيه المواجهة بين الأسرى وسلطات الاحتلال، وتتفاقم معاناة الأسرى من جراء الانتهاكات الجسيمة التي تمارس بحقهم، أوعز وزير الأمن القومي الإسرائيلي العنصري والمتطرف إيتمار بن غفير، بتقليص زيارات عائلات الأسرى الفلسطينيين من الضفة الغربية في سجون الإحتلال من مرة كل شهر إلى مرة كل شهرين. ابتداء من يوم الأحد الماضي 3/9/2023، وفقا لصحيفة “يديعوت أحرونوت” الإسرائيلية، ويشمل هذا القرار حوالي 1600 أسير، من أصل حوالي 5000 أسير”.
وذكرت الصحيفة أن بن غفير اتخذ هذا القرار دون تنسيق مناسب مع الأجهزة الأمنية، ورغم معارضة مفوضة مصلحة السجون كيثي بيري، التي حذرته من العواقب الوخيمة التي سترتب على قراره، فيما أعلن مكتب رئيس حكومة الاحتلال بنيامين نتنياهو أنه “لم يتخذ أي قرار حتى الآن بشأن قضية الأسرى”، ردا على قرار وزير بن غفير بشأن زيارات الأسرى، وبغض النظر عن اختلاف موقف نتنياهو والأجهزة الأمنية مع بن غفير حول هذا الموضوع، إلا أن سلطات الاحتلال مجمعة على خطة التنكيل بالأسرى، وتظل هذه الاختلافات في إطار المناورات.
وقالت اللجنة الدولية للصليب الأحمر إن المعتقلين الفلسطينيين يعتبرون أشخاصا محميّين ولهم الحق في التواصل مع أسرهم، بموجب القانون الدولي الإنساني. ودعت اللجنة الدولية للصليب الأحمر في بيان صدر عنها، السلطات الإسرائيلية المعنية إلى حماية حقوق الأشخاص المحميين المحتجزين لديها، واحترام التزامات القانون الدولي الإنساني ذات الصلة.
لن تقف الحركة الأسيرة مكتوفة الأيدي أمام عدوان الاحتلال ومخطط بن غفير الذي يستهدف حقوقهم، ويمس كرامتهم الانسانية، وهذا ما عبرت عنه لجنة الطوارئ العليا للحركة الوطنية الأسيرة، التي أعلنت يوم الأحد الماضي 3 سبتمبر 2023، انها قررت الشروع في الإضراب المفتوح عن الطعام يوم الخميس 14/09/2023م. وطالبت اللجنة في بيان لها، بوقف كل القرارات والسياسات المتخذة من أجل التضييق على الأسرى وشروطهم الحياتية، وكذلك إعادة كل ما تم سلبه من حقوق خلال الفترة الماضية.
وأضافت “حقوقنا التي نعيش في ظلها انتزعناها بدمائنا، وآلاف الأطنان من اللحوم في الإضرابات التي خضناها، ولم نحصل عليها لا منةً ولا فضلاً ولا التزاماً بشرائع وقوانين دولية، بالتالي هي ليست محل تفاوضٍ أو تنازلٍ عنها”.
إن الحركة الأسيرة ستدخل في معركة مفتوحة مع الاحتلال دفاعا عن حقوق الأسرى وكرامتهم الانسانية، ولا بد من دعم الأسرى واسناد نضالهم لمواجهة جرائم الاحتلال التي تستهدفهم، ووقف المخطط العدواني العنصري الذي يرتكبه المستوطن الصهيوني المتطرف بن غفير بحقهم، فلتتوحد صفوف الشعب الفلسطيني، وقواه ومؤسساته الوطنية والحقوقية، لدعم الأسرى واسناد نضالهم دفاعا عن حقوقهم العادلة والمشروعة، وعلى أحرار العالم وكافة المؤسسات الحقوقية الدولية التحرك السريع لوقف جرائم الاحتلال ضد الأسرى. والدفاع عن حقوقهم التي تكفلها لهم قواعد القانون الدولي الانساني، وقانون حقوق الانسان.
حقوق الأسرى وتضحياتهم، ليست منة أو فضلا من أحد، كما أنها ليست محل تفاوض أو تنازل وأن الخلاف الذي ظهر في صفوف حكومة الاحتلال بعد إعلان المتطرف بن غفير المساس بحق الأسرى بالزيارة وتقليصها، ليس اعترافا بهذا الحق ولا تسليما بهذا الإنجاز، بل حول التوقيت وآلية اتخاذه مما يؤكد ان الحرب الممنهجة التي تقودها حكومة الاحتلال هي حرب شاملة تستهدف النيل من ارادة وعزيمة الاسرى في سجون الاحتلال ولا يمكن المساومة على حقوق الاسرى الذين يؤكدون بان هذه السياسية هي بمثابة اللعب التي ستحرق من أشعلها
الأمم المتحدة وهيئاتها ومجالسها المختصة مطالبين بضرورة التحرك وخاصة من قبل منظمة الصليب الأحمر وأهمية تحمل مسؤولياتهم في الضغط على الحكومة الإسرائيلية لوقف تغولها على أسرانا الأبطال، واتخاذ ما يلزم من الإجراءات التي يفرضها القانون الدولي لإجبار دولة الاحتلال على التعامل معهم كأسرى حرب، والإفراج الفوري عنهم ويجب العمل مع المجتمع الدولي والمنظمات الحقوقيّة لضمان التدخل الفوري وإلزام منظومة الاحتلال بالانصياع للقانون الدولي والاتفاقات ذات الصلة وأبرزها اتفاقيّة “جنيف” الرابعة
وقوانين تعزز نظام الفصل العنصري وخطوات بالجملة لاغتيال الهوية الفلسطينية: كاحتجاز لجثامين الضحايا، وقطع لأموال الناس، وخفض للحصة المائية لشعب بأكمله، وسرقة لأموال الكهرباء وتقنينها، واقتحام لمدن بكل صنوف السلاح، وتوسيع لمستوطنات، وسيطرة مطلقة على المقدسات، وفرض لحصار جائر على مدن ومخيمات بأكملها، وركل للمصلين من النساء واعتداء يومي على الرجال ومنع للمسلمين والمسيحيين من الوصول إلى مساجدهم وكنائسهم، بل تقسيم لأماكن العبادة زمانياً ومكانياً ومنع للمصلين من الوصول إلى تلك الأماكن، وصولاً إلى إجبار للمعتقلات على خلع ملابسهن تحت تهديد السلاح، هذه هي وعلى ما يبدو مواصفات «الديمقراطية» الوحيدة في الشرق الأوسط