في الذكرى السادسة للإبادة.. إلى أين وصلت قضية مسلمي الروهينغا؟

في ذكرى مرور ست سنوات على التهجير القسري لمسلمي الروهينغا، قال الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش في 2 سبتمبر/ أيلول 2023، إن “الظروف التي يواجهها مسلمو الروهينغا لا تزال مزرية”. 

وأوضح أنهم “لا يزالون يتعرضون لتمييز واسع النطاق وممنهج في جميع جوانب الحياة، رغم مرور ست سنوات على المجازر التي تعرض لها أبناء هذه الأقلية على يد جيش ميانمار”.

ووفق بيانات الأمم المتحدة بلغ عدد النازحين داخليا في ميانمار مليونا وتسعمائة ألف شخص حتى أغسطس/آب 2023.

ولا يزال 630 ألفا من أقلية الروهينغا في إقليم أراكان يعانون تمييزا منهجيا، وتهميشا، وابتزازا، وانتهاكات واسعة، وهناك مليون لاجئ من الروهينغا موجودون في بنغلاديش، ومعظمهم يرغب في العودة إلى ميانمار.  

وبمناسبة الذكرى السادسة للإبادة، قالت شبكة بورما لحقوق الإنسان، إنه “لا يزال حوالي 600 ألف من الروهينغا محاصرين في معسكرات الاعتقال في ولاية أراكان التي أطلقت عليها الحكومة العسكرية “راخين” بموجب نظام من القوانين والسياسات التمييزية التي ترقى إلى جرائم ضد الإنسانية والإبادة الجماعية المستمرة”. 

وتساءل وين “إلى متى يجب على الروهينغا انتظار العدالة؟ لقد مرت ست سنوات منذ حملة الجيش للقتل والاغتصاب والحرق العمد في ولاية راخين”. 

وتعد أقلية الروهينغا “أكبر أقلية من عديمي الجنسية في العالم” بحسب وصف تقرير “هذا وطننا: الأقليات عديمة الجنسية والبحث عن المواطنة” الصادر عن المفوضية السامية لشؤون اللاجئين في 3 نوفمبر/تشرين الثاني 2017.

ولكن هذا التهجير والاضطهاد لم يكن الأول في تاريخهم فقد سبقه على فترات زمنية مختلفة امتدت لعقود٬ رحلات طويلة من الاضطهاد والقتل والإبادة الجماعية والتطهير العرقي لمسلمي الروهينغا بوصفهم مسلمين.

وقد تم ذلك على يد البوذيين والحكام العسكريين والاحتلال البريطاني سابقا.

تاريخ من الإبادة

بحسب موقع منظمة “اتحاد الروهينغا أركان”، يبلغ عدد سكان ميانمار – بورما سابقا – 53,8 مليون نسمة، وتقدر نسبة المسلمين فيها بــ15 بالمئة من مجموع السكان.

نصفهم في إقليم أراكان ذي الأغلبية المسلمة؛ حيث تصل نسبة المسلمين فيه إلى أكثر من 70 بالمئة، والباقون من البوذيين “الموغ” وطوائف أخرى.

وتتكون ميانمار من أكثر من 145عرقية، أهمها البورمان ثم الروهينغا، وقد كانوا في السابق الطائفة الثانية بعد البورمان في العدد.

فإذا تحدثنا عن القرن الماضي فقط فسنجد سلسلة طويلة من الإبادة بحسب “اتحاد الروهينغا أركان”.

–  في عام 1948 منذ إعلان استقلال “بورما” عن بريطانيا لم يعترف الدستور بالروهينغا؛ بدعوى أن أجدادهم لم يكونوا من أبناء البلد الأصليين.

ومنذ ذلك الوقت لم تتعامل السلطة أو الأغلبية البوذية مع الروهينغا على أنهم مواطنون؛ حيث مُنعوا من التوظيف في الحكومة، واستكمال تعليمهم الجامعي، بل وأداء فريضة الحج.

حيث بدأ في التضييق عليهم وعلى غيرهم ممن لا يحملون أوراقا رسمية أو انتهت إقامتهم، رغم التضييق عليهم في بلدهم وعدم الاعتراف بهم منذ عقود، وبالتالي لا يمتلكون أوراقا رسمية في بلدهم. 

كما قامت السلطات السعودية باعتقال عدد منهم مثل الشيخ عبد الله معروف الأركاني الممثل الشرعي للروهينغا بمنظمة التعاون الإسلامي، ورئيس المركز العالمي الروهينغي في مكة المكرمة، خلال حملة الاعتقالات التي نالت عددا من العلماء والدعاة السعوديين والمقيمين.

المحو تاريخيا وجغرافيا

اختلف المؤرخون في تاريخ وصول الدين الإسلامي إلى إقليم أراكان، فقد ذكرت بعض المصادر أن دخول الإسلام في بورما كان في القرن الأول الهجري عن طريق الصحابي وقاص بن مالك.

ولكن المشهور أن دخول الإسلام فيها في القرن الثاني الهجري بعد دخوله في أراكان. ولكن بعض المؤرخين أكدوا أن وصل الإسلام كان في عهد الخليفة العباسي “هارون الرشيد” عام 172هـ عن طريق التجار العرب، وأن آثار المسلمين القديمة تُثبت وصولهم في هذا الوقت المبكر.

عدالة غائبة

وإذا تتبعنا مسار العدالة عن الجرائم والإبادة التي ارتكبت بحق مسلمي الروهينغا، فقد رفضت محكمة العدل الدولية في لاهاي في 22 يوليو/ تموز 2022 اعتراضات ميانمار الأولية على القضية التي رفعتها دولة غامبيا بموجب “اتفاقية منع ومعاقبة جريمة الإبادة الجماعية” الدولية.

وتتعلق القضية بالإبادة الجماعية في ميانمار ضد إثنية الروهينغا في ولاية راخين، وتركز على العمليات العسكرية التي بدأت في أكتوبر/ تشرين الأول 2016 وأغسطس/آب 2017.

ورفعت غامبيا القضية أمام محكمة العدل الدولية في نوفمبر/ تشرين الثاني 2019، مدعية أن جيش ميانمار ارتكب أعمال الإبادة الجماعية المتمثلة في “القتل، وإلحاق أذى جسدي وعقلي خطير، وفرض متعمد لظروف يراد بها التدمير المادي، وفرض تدابير لمنع إنجاب الأطفال، وعمليات نقل قسري يراد بها تدمير جماعة الروهينغا كليا أو جزئيا”.

وقادت مستشارة الدولة “أون سان سو تشي” وفد ميانمار في جلسات الاستماع لمحكمة العدل الدولية في ديسمبر/كانون الأول 2019، والتي رفضت جميع التهم التي وجهت لها ولدولتها.

كما ذهب وزير الخارجية التركي الأسبق أحمد داود أغلو إلى مخيمات اللاجئين الروهينغا وقدم لهم الدعم والمساعدات الاغاثية٬ كما قامت عقيلة الرئيس التركي أمينة اردوغان بزيارات إلى هناك لتقديم الدعم والمساعدة.

وافتتحت أنقرة فرعا لمركز ” الروهينغا الدولي” في مدينة إسطنبول التركية في 18 يوليو 2023، تحت اسم “جمعية دعم شعب الروهينغا المسلم” بإقليم أراكان في ميانمار. 

لكن يبقى الوضع على ما هو عليه فمازال الاضطهاد مستمرا بين صفوف المسلمين الذين باتوا يعيشون داخل تجمعات محاصرة عسكرية في بلادهم التي لا تعترف بهم، كما لا يسمح لهم بالخروج، أو العمل، أو التعلم، أو العلاج.

مقالات ذات صلة