غزة تطلق حملة دولية لكسر الحصار البحري

تعاني غزة أطول حصار بحري عرفه العصر الحديث، وللعام الـ17 على التوالي تفرض الاحتلال قيوداً مشددة على شاطئ القطاع الذي لا يتجاوز طوله 45 كيلومتراً، وهو ما حرم السكان من التواصل مع العالم الخارجي، فيما تبرر تل أبيب ذلك بأنه لدواع أمنية.

وبسبب الحصار البحري تحرم غزة من الإبحار في حدود فلسطين المائية، وتمنع من استغلال مواردها الطبيعية بما فيها حقول الغاز التي تقع قبالة سواحلها،

كما تقيد دولة الاحتلال مساحة الصيد وتمنع دخول المعدات الخاصة بهذه الحرفة، والأصعب من ذلك ترفض تل أبيب تدشين ممر أو منفذ يربط غزة مع العالم.

تضامن دولي

وبدا اهتمام عالمي لضرورة رفع القيود البحرية عن القطاع، وعادت من جديد فعاليات التضامن الدولي مع ملف الحصار، إذ يقول منسق الحملة العالمية لكسر الحصار عن غزة زياد العالول “منذ بداية العام نجري اتصالات مع دول العالم لتفعيل حراك واسع للضغط على إسرائيل لإنهاء القيود على البحر”.

وبحسب منسق التواصل مع البرلمانات الأوروبية فإن دول الاتحاد تجاوبت مع الحملة الدولية لكسر الحصار البحري عن غزة، واعتبرته حقاً مشروعاً، وفي هذا الإطار بدأت في الضغط على إسرائيل لاتخاذ تدابير من شأنها رفع القيود عن البحر والسماح بفتح موانئ القطاع وتدشين ممر مائي.

ويضيف العالول “ننفذ حملة دولية في أكثر من إطار، الأول فعاليات ميدانية في 25 دولة عربية وأوروبية منها إسبانيا وإيطاليا والسويد والدنمارك وبريطانيا، وكذلك الأردن ولبنان والكويت، والإطار الثاني حقوقي وفيه قدم وفد أوروبي بالتعاون مع برلمانيين أوروبيين عريضة إلى محكمة الجنايات الدولية تدور حول جرائم الحصار البحري على غزة،

أما الإطار الأخير فسياسي من القطاع، إذ وجه المجلس التشريعي رسائل سياسية إلى البرلمانات الأوروبية يشرح فيها ضرورة إنهاء القيود المفروضة على البحر”.

حصار بحري

ومنذ عام 2006 يعاني الفلسطينيون تقييد حركتهم في المياه الإقليمية والحرمان من استغلال الموارد البحرية، وعن طبيعة هذا الحصار يقول نقيب الصيادين نزار عياش إن “غزة تعيش أبشع أشكال القيود في العالم، ولا يوجد شيء يشابه حصار غزة البحري، فلم يسجل العصر الحديث أطول منه، إذ نعاني منذ 17 عاماً تدابير إسرائيلية مشددة أنهكت جميع فئات المجتمع”.

ويأخذ الحصار البحري جانبين، الأول له تداعيات على مستوى الاتصال بالعالم، يشرح عياش “لا يوجد في غزة ميناء يسمح فيه بالتبادل التجاري، المرفأ الموجود على حاله منذ عام 2000، إذا حاولنا تسيير رحلة تجارية ستقضي عليها إسرائيل في ثوان”.

وبحسب بيانات نقابة الصيادين فإن إسرائيل اعتدت على سكان غزة في البحر 200 مرة هذا العام، واعتقلت 32 شخصاً من المياه، وأطلقت النار بشكل مباشر نحو 21 صياداً، وصادرت 12 مركباً، وأتلفت شباك صيد 60 مركباً، ودمرت 11 مركباً جزئياً.

مرافئ معطلة

ويعول الفلسطينيون كثيراً على الضغط الذي تمارسه البرلمانات الأوروبية والعربية على إسرائيل في شأن إنهاء قيود الحصار البحري، ويأتي ذلك في إطار وجود أربعة موانئ مشيدة في مناطق مختلفة من غزة، اثنان منها مجهزان جزئياً لحركة الأفراد والتبادل التجاري، والبقية بمثابة مراسٍ لمراكب الصيادين، لكن إسرائيل لا تسمح لهذه المرافئ بالعمل بشكل نهائي.

ويقول رئيس اللجنة القانونية في الهيئة الدولية لدعم حقوق الشعب الفلسطيني صلاح عبدالعاطي إن “مطالب غزة ليست تخفيف القيود بل رفع أطول حصار بحري، وفتح الموانئ لحركة الملاحة والتبادل التجاري، ووجود منفذ مائي آمن يربط القطاع مع العالم الخارجي”.

وأخيراً ضغطت الأمم المتحدة على إسرائيل لتخفيف قيودها واتخاذ تدابير من شأنها تسهيل الملاحة البحرية، ونجحت في إدخال مواد خام تستخدم في قطاع الصيد، لكن هذه الخطوة لم تكن كافية، إذ يبحث السكان عن منافع اقتصادية من طريق حركة التجارة البحرية.

موقف إسرائيل

من الجانب الإسرائيلي، فقد اقترح عضو الكنيست أفيغدور ليبرمان عندما كان يشغل وزير الدفاع في فترة سابقة تدشين ميناء عائم على جزيرة اصطناعية تصل غزة بجسر يمكن تفكيكه وتكون قبالة سواحل القطاع وإنشاء ممر آمن لسفر الأفراد، لكن جرى رفض هذا المشروع.

وقال رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو إنه يعارض أي خطط من شأنها فتح ممر مائي أو ميناء تجاري، لأنه لا يمكن ضمان فحص البضائع والناس الذين يدخلون ويخرجون من القطاع، مضيفاً أن الجيش وجهاز الأمن العام “الشاباك” يريان أن هناك مشكلة أمنية في إقامة الميناء، لكن الجهات المهنية في وزارتي الخارجية والمالية تقول إن هذا الحل يعتبر جيداً من الناحيتين السياسية والاقتصادية.