غزة.. أهالي مخيم الشاطئ يتجرعون مرارة الهدم

يراقب العديد من سكان الشارع الساحلي في مخيم الشاطئ للاجئين في غزة جرافات حكومة غزة التي تهدم بيوتهم، لتخفي معها العديد من الذكريات الراسخة بين جدران البيوت.
وبدأت حكومة غزة التي تديرها “حماس” بتوسيع الطريق الساحلي الضيق الذي يشبه عنق زجاجة، لاستكمال الجزء الأخير من شارع الكورنيش الممتد من شمال قطاع غزة إلى جنوبه وتقيمه بتمويل قطري ومصري.
وفي إطار هذا المشروع، شرعت جرافات تابعة لوزارة الأشغال العامة منذ أسبوع، بإزالة عشرات المنازل التي تعيق فتح شارع الرشيد المطل على البحر.
وهذه المنازل جزء من مخيم الشاطىء الواقع في غرب مدينة غزة وتأسس في 1949، وهم يضم أكثر من 100 ألف فلسطيني.
الحفاظ على الهوية
ويقول أبو سيف الذي هجرت عائلته قبل 75 عاماً من قرية حمامة قرب عسقلان إلى غزة، “نريد أن نحافظ على هويتنا بالمخيم، نحن مثل السمك إن خرجنا من المخيم نموت”.
ويشير إلى أنه تلقى عرضاً حكومياً لإعطائه 106 آلاف دينار (حوالى 150 ألف دولار) كتعويض عن منزله الذي تبلغ مساحته 500 متر مربع، لكنه يعتبر ذلك “ظلماً”. ويقول، “نريد إنصافنا، فسعر متر الأرض هنا يساوي ألف دينار (1500 دولار)”.
تبريرات من الجهات المعنية
ويؤكد المتحدث باسم الحكومة في غزة سلامة معروف، أن معظم أصحاب المنازل وافقوا على تلقي تعويض مالي من الحكومة بعد إزالة بيوتهم، مشيراً إلى أن عدد العائلات المعنية يبلغ 36 أسرة تمتلك 62 منزلاً. وتابع أن 16 عائلة منها تلقت دفعتين ماليتين.
وأكد معروف أن الحكومة حددت “ما لا يقل عن 200 دينار أردني لكل متر مربع كتعويضات للمتضررين”. وأوضح أنه “سيتم دفع التعويضات وقدرها ثلاثة ملايين دولار، في خمس دفعات على مدى خمسة أشهر”.
وأشار إلى أن الحكومة عقدت لقاءات كثيرة مع أصحاب المنازل المعنية و”كان هناك ردود إيجابية من الجميع تقريباً”.
لكن أصحاب عدد من هذه البيوت يرفضون فكرة الهدم.
وفي كل صباح، يراقب أعمال إزالة المنازل، مواطنون بينهم عدد قليل من كبار السن الذين يتحسرون على ذكرياتهم.
وبين هؤلاء، أبو حسن (80 سنة) الذي يجلس متكأ على عصاه مع عدد من جيرانه ليتذكروا طفولتهم في المنطقة بعدما هجروا مع عائلاتهم من قراهم الفلسطينية في 1948 إلى قطاع غزة.
نقل ناد ومركز مساعدات
وعند مدخل مخيم الشاطئ الفقير، كان عمال يفرغون بعض الأثاث من مبنى نادي الخدمات ومركز مساعدات التموين الذي يشكل “رمزاً معنوياً” للمخيم، ويقتلعون أرضية ملعب كرة القدم الخماسي، تمهيداً لهدمه.
وسيتم نقل هذا النادي الذي تأسس في 1952 إلى خارج المخيم، وبالتحديد إلى منطقة السودانية المجاورة في شمال القطاع.
وأوضح معروف أن حكومة “حماس” خصصت قطعة أرض لإقامة النادي ومرافق وكالة الأمم المتحدة لتشغيل وغوث اللاجئين الفلسطينيين (أونروا)، معتبراً أن الشارع سيكون “معلماً مهماً من معالم غزة”.
وصرح مسؤول في الأونروا طلب عدم كشف اسمه لوكالة الصحافة الفرنسية، “لا علاقة لنا بأعمال الهدم. نحن قررنا إخلاء النادي ومركز لخدمة النساء وقسم النظافة في مخيم الشاطئ بناء على طلب من حكومة البلد المضيف في غزة”. وتابع “مهمتنا تقديم الخدمات للاجئين”.