عاصفة سياسية وشيكة في العراق بسبب كركوك.. ما الأسباب؟

تتواصل الاستعدادات لتنظيم الانتخابات المحلية في العراق، بعد توقفها لمدة 10 سنوات، إذ نظمت آخر مرة انتخابات مجالس المحافظات في أبريل/ نيسان عام 2013.
وفي هذا السياق، لفت مركز “فيكير تورو” التركي إلى احتمالية حدوث “أزمة خطيرة” و”تغيير سياسي كبير” في العراق بناءً على هذه الانتخابات.
أهمية الانتخابات
وقال المركز التركي إن جدول أعمال الشرق الأوسط مُنصَبٌّ على المذبحة اللاإنسانية التي ترتكبها إسرائيل في غزة. ومع ذلك قد يتحول قريبا اهتمام العالم بالمنطقة إلى بلدان أخرى، والعراق في مقدمتها.
حيث ستجرى انتخابات في مجالس المحافظات في العراق في 18 ديسمبر/ كانون الأول 2023، ويمكن أن تؤدي هذه الانتخابات إلى فوضى كما يحدث بعد كل انتخابات في العراق.
وهذه الانتخابات لديها القدرة على إنتاج أزمة أكثر خطورة مما تبدو عليه للوهلة الأولى. وذلك بسبب انعقادها في كركوك لأول مرة منذ 18 عاماً.
فمع الغزو الأميركي للعراق في عام 2003، خضع العراق لتحول سياسي وإداري كبير. ومع إقرار الدستور عام 2005 تحول العراق إلى دولة اتحادية كان أساس البنية الإدارية والسياسية فيها يرتكز على المحافظات.
وتتمتع مجالس المحافظات بسلطة كبيرة حيث يمكن لمجلس المحافظة أن يقرر جميع النفقات في تلك المدينة، باستثناء خدمات البنية التحتية الإستراتيجية مثل السدود والمطارات.
لذلك لا يمكن تجاهل الانتخابات المحلية في العراق. فبناءً عليها سيتم إعادة تحديد التوازن المحلي والإقليمي في العديد من المقاطعات، وسيؤثر هذا على سياسة البلد بأكمله.
مشاكل المحافظة
وأشار الموقع التركي إلى أن كركوك مدينة مبنية على مليارات البراميل من الثروة النفطية التي اكتشفت قبل قرن من الزمان.
ومع ذلك هناك أيضا مشاكل في المدينة، مثل أكوام القمامة وانقطاع التيار الكهربائي و طوابير محطات الوقود. فهناك العديد من التقارير التي تدعي أن الثروة في كركوك تتجاوز ما هو معروف.
وكركوك، التي تُعد تاريخيا مدينة تركمانية، هي اليوم عنصر سياسي وثقافي وعسكري مهم للعرب والأكراد وكذلك التركمان.
وقد أجريت آخر انتخابات محلية في كركوك قبل 18 عاماً. وقد فاز تحالف الحزب الديمقراطي الكردستاني والاتحاد الوطني الكردستاني بـ26 مقعدا من أصل 41 مقعدا في تلك الانتخابات.
وبعد الانتخابات تم تعيين محافظ في كركوك، غير أنّه بعد فترة لم يتم قبول هذا المحافظ من قبل التركمان والعرب وعناصر أخرى.
فقد كانت هناك انقسامات بين الأكراد، كما زاد الصراع بين العرب. واشتد التنافس السياسي بين التركمان.
وفي كركوك، تلعب التحالفات الانتخابية دورا مهما لأن الجميع يصوتون لعرقهم.
ونتيجة لذلك، من المتوقع أن تظهر صورة في كركوك تؤدي فيها القوائم الانتخابية القوية إلى تعطيل قوائم انتخابية أخرى، وينظر إلى ذلك على أنه نذير بعاصفة.
أهمية كركوك
وعن أهمية كركوك، قال الموقع إنها ليست مجرد مدينة ذات ديناميكيات محلية. فتهتم تركيا بكركوك بشكل كبير، والثورة النفطية التي تقع عليها المدينة تجعلها مهمة لشركات النفط الكبرى، لكنّ المكمل الحقيقي للصورة هو إيران.
حيث تحاول إيران زيادة نفوذها في كركوك منذ فترة طويلة. فإن وجودها في كركوك، التي لها تأثير كبير في العراق ككل، محسوس أكثر فأكثر كل يوم بعد عام 2017.
وعندما يتعلق الأمر بدور إيران في العراق، فإن أول ما يتبادر إلى الذهن هو تأثيرها على الشيعة العراقيين. ومع ذلك هناك ديناميكيات مختلفة جداً في كركوك.
على سبيل المثال، كان لإيران حليف قوي في كركوك قبل وقت طويل من تأسيس انتمائها الطائفي؛ وهو الاتحاد الوطني الكردستاني.
لكنّ نفوذ إيران لم يعد مقتصراً على الاتحاد الوطني الكردستاني. فبعض القبائل العربية السنية وبعض التركمان الشيعة يخضعون لنفوذ الحشد الشعبي.
بعد الانتخابات
الموقع التركي أوضح أيضا أن كركوك هي واحدة من المدن التي تعلن فيها نتائج الانتخابات في وقت متأخر جدا في العراق.
ولفت إلى المشاكل التي حدثت أثناء الانتخابات حيث ادُّعِيَ أن الأصوات في كركوك تم التلاعب فيها وحسابها بشكل خاطئ في عام 2021 وبسببها تغيرت نتيجة الانتخابات.
وهذا يدل على أن هذه الأمور من الممكن أن تؤثر على الانتخابات المقبلة.
ولفت إلى أن الاعتراض الوحيد الذي تغير فيه عضوية البرلمان بعد الانتخابات في عام 2021 والذي كان في كركوك ليس صدفة.
فقد ادعى أن الأصوات في كركوك تم حسابها بشكل خاطئ وتم التلاعب فيها وتغيرت النتيجة. وهذا المثال يقدم تلميحا مهما للانتخابات المقبلة.