“طوفان الأقصى”.. هكذا منحت الفلسطينيين أملا بتبييض سجون الاحتلال

أعادت عملية “طوفان الأقصى” قضية تبادل الأسرى بين سلطات الاحتلال الإسرائيلي وفصائل المقاومة الفلسطينية إلى الواجهة حتى قبل انتهاء الهجمة النادرة والمباغتة التي تشنها الأخيرة.
وبدأت كتائب القسام الجناح العسكري لحركة المقاومة الإسلامية حماس عملية “طوفان الأقصى” صباح 7 أكتوبر/تشرين الأول 2023، ردا على انتهاكات الاحتلال المتواصلة بحق الفلسطينيين خاصة في القدس.
وخلال العملية التي أدت إلى مقتل أكثر من 600 إسرائيلي بينهم عدد كبير من الجنود وقوات الشرطة، وجرح أكثر من 2500 آخرين، أسرت كتائب القسام عددا آخر.
وأظهرت مقاطع فيديو أسر القسام وفصائل أخرى عددا كبيرا من الجنود والمستوطنين قدرته صحيفة يديعوت أحرونوت بأكثر من 100، ما يبشر بصفقة تبادل أسرى قادمة مستقبلا.
عدد الأسرى
بدأت كتائب القسام عمليتها بينما كان المئات يحضرون مهرجانا موسيقيا في صحراء النقب جنوبي الأراضي الفلسطينية المحتلة، في وقت متأخر من الليل.
وفوجئ هؤلاء بالصواريخ ونيران المقاومين الفلسطينيين في الصباح الباكر، وقد اختبأوا لساعات في السيارات وحاويات القمامة في منطقة تدعى “أوريم” قريبة من قطاع غزة.
وانتشر مقطع فيديو يظهر المئات من هؤلاء وهم يركضون هربا من صواريخ ونيران المقاومة الفلسطينية، وكانت هذه البشرى الأولى بإمكانية أسر عدد كبير منهم.
وعلى مواقع التواصل الاجتماعي، بدأت القوائم تنتشر بأسماء الحاضرين الذين مازالوا مفقودين منذ ذلك الحين.
وتحتوي إحدى القوائم التي قالت صحيفة نيويورك تايمز الأميركية إنها اطلعت عليها، على أكثر من 500 اسم للأشخاص الذين أبلغ عن فقدهم، بالإضافة إلى مسقط رأسهم ومعلومات الاتصال بأفراد الأسرة الذين يبحثون عنهم.
وفي مجموعة واتساب مخصصة لسكان جنوب الأراضي المحتلة من المستوطنين، شارك العديد من الأشخاص رسائل تزعم أنهم كانوا حاضرين في المهرجان عندما اندلعت العملية.
وجاء في إحدى الرسائل من شاب قال إنه كان حاضرا في المهرجان: “تم إطلاق النار على الناس في سياراتهم أثناء محاولتهم الابتعاد”، مضيفا “لقد بدأوا في الجري، كان الأمر جنونيا. لا أحد يعرف أين هم أصدقاؤهم”.
وأقيم المهرجان الذي حضره آلاف الشباب الإسرائيليين للاحتفال بعيد العرش اليهودي وقد بدأ في الساعة 11 مساء الجمعة واستمر حتى صباح السبت (يوم العملية).
ملف معقد
خلال السنوات الماضية، عرضت كتائب القسام، صور 4 جنود إسرائيليين بحوزتها وهم: “شاؤول آرون” و”هادار غولدن” و”أبراهام منغستو” و”هاشم بدوي السيد”، رافضة الكشف عن أي تفاصيل تتعلق بهم دون ثمن.
وأسر اثنان من هؤلاء وهما آرون وغولدن خلال الحرب الإسرائيلية في صيف 2014، بينما دخل الآخران (منغستو والسيد) قطاع غزة في ظروف غامضة.
وفي المقابل، تعتقل إسرائيل في سجونها أكثر من 5000 فلسطيني، بينهم المئات بأحكام عالية من السجن المؤبد والمتعدد.
ومنذ سنوات عديدة، تتعنت حكومة الاحتلال بتنفيذ صفقة تبادل أسرى تدعو لها حركة حماس، رغم توسط دول عديدة، وذلك لرفضها الإفراج عن أسرى من ذوي المحكوميات العالية.
وفي 13 ديسمبر/كانون الأول 2020، نقل موقع “واللا” العبري عن مسؤولين إسرائيليين (لم يسمّهم) قولهم: إن إسرائيل ترفض الإفراج عن معتقلين فلسطينيين متهمين بقتل إسرائيليين، لكنها مستعدة لإطلاق سراح آخرين غير متهمين بذلك.
وخلال المفاوضات تركّزت مطالب حماس على “الإفراج عن معتقلي صفقة شاليط، والأسيرات والأطفال والمرضى، والجثامين المحتجزة والأسرى القدامى، مقابل الجنديين أفيرا منغستو وهشام السيد (أعلنت القسام تدهور صحته في يونيو/حزيران من نفس العام)”.
وهدد السنوار إسرائيل بـ”إغلاق ملف الجنود الإسرائيليين لدى كتائب القسام (الجناح العسكريّ لحماس) إلى الأبد”.
وأردف: “وقتها سنجد طريقة أخرى لتحرير الأسرى الفلسطينيين”، دون تفاصيل أكثر عن الموعد الذي أمهله لإسرائيل لتنفيذ مطالب الحركة.
صفقة قادمة؟
وفي تعليقه على أهداف العملية بعد ساعات من بدئها، قال صالح العاروري نائب رئيس المكتب السياسي لحركة حماس: “لن نقبل أي يبقى أسرانا في السجون” الإسرائيلية.
وأردف العاروري في مقابلة مع قناة الجزيرة: “أسرانا في السجون أصبحت حريتهم على الأبواب، ما بين أيدينا سيحرر كل أسرانا، وإذا استمرت المعركة فسيكون هناك المزيد من الأسرى”.
وأكد القيادي في حماس أن بحوزتهم “عدد كبير ونوعي من الأسرى الإسرائيليين بينهم ضباط كبار”، وهو ما عزز الحديث عن صفقة تبادل قادمة بعد انتهاء الجولة القتالية.
فمن بين من ظهرت صورهم وهم يُساقون إلى قطاع غزة في قبضة كتائب القسام، قائد فرقة غزة أو المنطقة الجنوبية في جيش الاحتلال “نمرود ألوني”، كما انتشرت عدة فيديوهات تظهر أسر عدد من الجنود.
ويقول “ناحوم بارنيا” الكاتب في صحيفة يديعوت أحرونوت: “لم تتمكن حماس فقط من اجتياز الحدود ومهاجمة المجتمعات والقواعد العسكرية الإسرائيلية، بل تمكنت أيضا من خطف عدد من الإسرائيليين وأخذهم إلى غزة، سيكون هذا مشكلة كبيرة بالنسبة لإسرائيل”.
ويقول المختص في الشأن الإسرائيلي سعيد بشارات في تغريدة على تويتر: “يجمع المسؤولون الأمنيون الإسرائيليون على أن الوضع الحالي، الذي أسر فيه عشرات الجنود والمستوطنين، بينهم ضباط كبار في الجيش، يختلف عن أي حالة سابقة، وقد يستغرق حله وقتا طويلا”.
ويدّعي إيلان لوتان، المسؤول السابق في الشاباك (جهاز الأمن العام الإسرائيلي): “بحسب الصور التي رأيناها على الشبكات، لا أتذكر مطلقا مثل هذه المجموعة الواسعة من المختطفين”، بحسب ما نقل بشارات.
ووفقا له، “في حروب إسرائيل، عندما يتعلق الأمر بالمقاتلين الأسرى، أجريت عملية تبادل بواسطة الصليب الأحمر والوكالات الأخرى، وأيضا في حالات أخرى مع غزة مثل جلعاد شاليط، كان هناك وسطاء، مثل الوسيط الألماني والمصريين، الخ. ولكن ما يحدث اليوم شيء من عالم مختلف”.
بدوره، قال المحلل الفلسطيني عبد الباري عطوان في مقال على موقع رأي اليوم اللندني: “الصور الحية لا تكذب، فالمُقاومة أسرت إسرائيليين أحياء وأمواتا واحتفظت بهم في أماكن آمنة لاستِخدامهم كورقة قويّة ستُؤدّي إلى تبييض جميع السّجون الإسرائيليّة من الأسرى المُناضلين والمُناضلات الشرفاء”.