“طرد ممنهج”.. كيف يحاول مسؤولون لبنانيون سن قوانين لخنق اللاجئين السوريين؟

في وقت لم يغير فيه نظام الأسد سلوكه القمعي تجاه الشعب السوري منذ عام 2011، ما يزال ساسة لبنان يجتهدون للبحث عن أشد الإجراءات التي تضيق على اللاجئين السوريين الذين فروا من بطش النظام وآلته العسكرية.

وفي جديد اللهجة الناقمة على اللاجئين السوريين في لبنان، أفاد “جورج عدوان” رئيس لجنة الإدارة والعدل في مجلس النواب اللبناني، عن نية الحكومة سن قوانين لتشديد العقوبات على كل من يوظف أو يؤوي سوريا ليس لديه أوراق رسمية في لبنان.

معاداة اللاجئين

وأعرب “عدوان”، خلال مؤتمر صحفي، في 27 سبتمبر/أيلول 2023 عن رفض تصريحات المسؤولين الغربيين المتكررة حول الظروف غير المواتية لعودة اللاجئين السوريين إلى بلادهم.

وقال عدوان: “نحن نعمل على قوانين نشدد فيها العقوبات على كل لبناني يشغل أو يسكن أو يساعد أي سوري ليس لديه أوراق في لبنان”.

ومضى يقول: “سنقوم بالتشديد على أي مختار أو موظف رسمي يعطي إفادة كاذبة أو أي أوراق تسمح بالحصول على أوراق رسمية، وهذه كلها سوف تخرج باقتراحات قوانين سريعة لتشديد العقوبات”.

وتابع: “لذلك نحن نقول هذا الكلام كي لا يأتي غدا لبناني ويقول لم يتم تنبيهنا حول هذه المشاكل التي تكبر كل يوم وكلفتها على كل اللبنانيين أكبر مما يتصور”.

ودعا عدوان: “المواطنين والدولة والأجهزة الأمنية إلى تطبيق هذا التشدد لكي يعود السوري إلى بلده”.

وراح يقول: “يجب أن يتوقف التمويل الذي يعطى للاجئين السوريين في لبنان، ويجب أن يتحرك القضاء والأجهزة الأمنية والحكومة والعمل على لجنة دائمة يومية لمتابعة التفاصيل التي ستقر”.

وبعد جلسة لجنة الإدارة والعدل النيابية، انتقد عدوان تصريحات قالها سامويل ويربيرغ المتحدث الإقليمي باسم الخارجية الأميركية أخيرا بأن الظروف غير مواتية لعودة السوريين إلى بلدهم.

وقال: “هذه التصريحات غير صحيحة ولا نأخذ بها، ونتمنى على هؤلاء المسؤولين إن كانوا يرون أن الظروف غير مواتية لعودة السوريين، وبانتظار أن تصبح مواتية فليستضيفوا هم السوريين في بلدهم، والأهم ليتوقفوا عن تقديم المساعدات للسوريين في لبنان، وإن أرادوا مساعدتهم فعلا، فليساعدوهم في سوريا أو ليأخذوهم إلى بلدهم”.

وبحسب بيانات رسمية، يوجد حوالي مليوني لاجئ سوري على الأراضي اللبنانية، نحو 830 ألفا منهم مسجلون لدى الأمم المتحدة.

ومنذ سنوات بدأ لبنان برفع صوته عاليا إزاء وجود اللاجئين السوريين، إذ طالب المجتمع الدولي بإعادتهم إلى مدنهم، بغض النظر عن تحقيق انتقال سياسي وبيئة آمنة ومستقرة كما تنص القرارات الأممية.

حلفاء النظام

ولهذا فإن السلطة الحاكمة في لبنان المقربة في معظمها من نظام بشار الأسد عمدت إلى اتخاذ كثير من الإجراءات أخيرا، والتي تصب جميعها في إعادة ضبط الوجود السوري.

ومن أبرز ذلك، إعلان وزارة الخارجية اللبنانية في 10 أغسطس/آب 2023 توصلها لاتفاق مع مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين بشأن طلب بيروت الكشف عن بيانات اللاجئين السوريين الموجودين على الأراضي اللبنانية.

جاء ذلك خلال لقاء بين وزير الخارجية والمغتربين في حكومة تصريف الأعمال اللبنانية عبد الله بوحبيب، وبين وفد من مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين، شمل ممثلين من جنيف وعمّان وكوبنهاغن، بالإضافة إلى بيروت.

وعقب اللقاء، قال بوحبيب إن الاتفاق جاء “ختاما لمسار طويل من التفاوض بدأ منذ عام تقريبا، في لقاء ترأسه دولة رئيس مجلس الوزراء بحضوري مع المفوض السامي لشؤون اللاجئين فيليبو غراندي، حيث توصلنا بموجبه إلى وعد مبدئي بتطوير التعاون بين الجانبين الأممي واللبناني”.

وجاء هذا الاتفاق بعد تقارير تؤكد رفض المفوضية تسليم البيانات للسلطات اللبنانية التي تعمل بدورها على إيجاد حل لعودة اللاجئين السوريين إلى بلدهم، وهو ما ترفضه المفوضية والمجتمع الدولي في إصرار على أن الظروف الآمنة لم تتوافر بعد لهذه العودة.

تواطؤ مع الأسد

وفي السياق، رأت الكاتبة الصحفية عالية منصور، “أن لبنان متواطئ مع نظام الأسد الذي فشل بابتزاز الدول العربية بملف تهريب الكبتاغون إليهم ويسعى اليوم إلى ابتزازهم بموضوع اللاجئين عبر محاولات التضييق المتعددة”.

وأضافت ، أن “ما يحصل في لبنان وعلى الحدود ينذر بمحاولة الأسد ومن معه في لبنان بإحداث بلبلة أمنية يسعى من خلالها إلى ابتزاز الدول العربية والغربية تتضمن إما أن ترفعوا العقوبات وتعطوني الأموال، أو يتحول بعض الداخلين الجدد إلى ما يشبه القنابل الموقوتة”.

ومضت تقول: “والمؤسف أن من هم ضد النظام السوري في لبنان، ومن حيث لا يدرون، يهيئون الأرضية المناسبة للفتنة بين اللبناني والسوري، وهو ما يصب في مصلحة بشار الأسد”.

وتابعت: “يظنون أن خطابهم المنطلق من أساس طائفي سيمكنهم من الحفاظ على قواعدهم الشعبية أو حتى كسب مؤيدين جدد، ولكن ما نفع هذا التحريض ضد اللاجئين المهجرين إن كان لبنان كل لبنان سيدفع الثمن”.

وراحت منصور تقول: “ملف اللجوء السوري بحاجة إلى معالجة جدية وحقيقية، ولبنان تحمل الكثير من الأعباء، ولكن هذا التحريض والخطاب العنصري لن ينتج حلا، وما هكذا تسن القوانين”.

بل تستمر القوى الأمنية والجيش اللبناني بحملات لتوقيف عمليات التهريب غير الشرعية إلى داخل لبنان حيث يعلن بشكل يومي عن توقيف العشرات منهم.

كما كان هناك قرارات حكومية لضبط الحدود البرية والبحرية وإجراء مسح فوري للنازحين السوريين القاطنين في النطاق البلدي، وتكوين قاعدة بيانات عنهم، وإزالة التعديات والمخالفات على البنى التحتية الموجودة في أماكن إقامة النازحين.

تضييق ممنهج

وفي هذا الإطار عكفت بعض البلديات في لبنان أخيرا على مداهمة التجمعات السكنية للنازحين السوريين للتأكد من امتلاكهم المستندات القانونية المطلوبة، وذلك في محاولة لحصر الموجودين هناك.

وتؤكد وسائل إعلام لبنانية أنه في محافظة بعلبك الهرمل تشكل النسبة الأكبر من توزع اللاجئين بنحو 315 ألف نازح وتشير إلى تجاوز هذا الرقم أعداد المواطنين اللبنانيين هناك البالغ 250 ألفا.

وفي تصريح لقناة الجديد بتاريخ 29 سبتمبر/أيلول 2023 قال مصطفى الشل رئيس بلدية بعلبك: “إن هذا الرقم يشكل عبئا على البنى التحتية والصرف الصحي وشبكات المياه”.

وهناك مخيمات أقامها اللاجئون السوريون بدون إذن من السلطات المحلية لكنهم مدعومون من منظمات دولية ومحلية غير حكومية.

مقالات ذات صلة