سكان غزة يلوحون بالأعلام البيضاء.. هل تستجيب إسرائيل لهدنة إنسانية؟

جثة طفل تحت الأنقاض.. طفل آخر يصرخ من هول الكارثة.. أب كليم يحمل جثث أبنائه على يديه لدفنهم، وأم تصرخ وتولول على أبنائها الذين قتلتهم إسرائيل، ولم تكتف بذلك بل دمرت بيتها وشردت أسرتها وتحاول تهجيرهم خارج بلادهم.. هكذا هو المشهد الذي نراه يوميا على شاشات التلفزيون وصفحات السوشيال، فلا أصف ذلك إلا بالكارثة التي تتوسع وتدمر كل ما حولها.

في رأيي بل وأمام العامة، إسرائيل لا تفرق بين الطفل والشيخ، والأم والعجوز، فتضرب بالقنابل والدبابات دون رحمة من أجل إبادة الشعب الفلسطيني واغتصاب أرضهم في خرق صارخ للقوانين الدولية ومواثيق حقوق الإنسان!

شاهدنا جميعا سكان شمال غزة وهم يلوحون بالأعلام البيضاء ويحملون أوراق هوية عاليا، وهم يفرون جنوبا خلال نافذة مدتها أربع ساعات خصصها الجيش الإسرائيلي للمدنيين للهروب، بما في ذلك الأطفال والنساء وكبار السن.

لن تنسى ذاكرتي هذا المشهد، فشاهدت في مقطع فيديو، عبور الأطفال والنساء نقطة تفتيش للجيش الإسرائيلي في شارع صلاح الدين، وهو أحد الطريقين السريعين الرئيسيين بين الشمال والجنوب في غزة، وهم لا يحملون سوى زجاجات المياه، بينما حمل آخرون أعلامًا بيضاء، مما يشير إلى أملهم في المرور الآمن.. فعل تستجيب إسرائيل لهدنة إنسانية في غزة ترحم المدنيين من ويلات الحرب؟!

رأيت أم تسافر الأم مع ابنها الصغير، مسافة 8 إلى 9 كيلومترات، أي حوالي 5 أميال من منزلها على ساحل غزة من أجل الاحتماء، ورأيت فلسطينيون يحملون أمتعتهم أثناء فرارهم من منازلهم وسط الصراع المستمر بين إسرائيل وحركة حماس في غزة، ورأيت عربة يجرها حصان تحمل أطفالا رأوا الموت بعينها، فلا منزل ولا طعام ولا ماء.. فيصارعون الموت من كل الاتجاهات.. رأيت ورأيت ورأيت.

وسط كل هذا، ادعى الجيش الإسرائيلي للإعلام العربي، إنه تم السماح بالمرور الآمن في شارع صلاح الدين من الساعة 10 صباحًا حتى 2 ظهرًا بالتوقيت المحلي، في مغالطة حقيقة للواقع، فمن أين يضربون المدنيين ويهدمون بيوتهم فوق رؤوسهم ويقصفون المستشفيات، ومن أين يحمون المدنيين؟!!

وسط المعارك المستمرة بين إسرائيل وحركة حماس، التي قُتل فيها آلاف المدنيين من الفلسطينيين، منذ 7 أكتوبر الماضي.. فمازالت إسرائيل تطبق سياسة العقاب الجماعي لأهل غزة والذي خلف حوالي 12 ألف شهيد بينهم أطفال وآلالاف الجرحى حتى الآن.. ألم تكتف إسرائيل من تصفية دن الفلسطينيين وإبادتهم؟!

وسط احتجاجات على الأضرار التي لحقت بالمناطق السكنية والمرافق الطبية والمدارس التي تديرها الأمم المتحدة والتي تستخدم كملاجئ في غزة، قال الجيش الإسرائيلي، إنه مستعد لضرب حماس “حيثما كان ذلك ضروريا”، بما في ذلك البنية التحتية المدنية، فمازالت الأوضاع في تنذر بكارثة إنسانية ستلقي بظلالها على الجميع.

الآن، يلوح أهالي غزة بالأعلام البيضاء بحثا عن السلام.. فهل تستجيب إسرائيل؟!

مقالات ذات صلة