المغرب العربي

سر التقارب التركي الإيطالي في الملف الليبي

خلال زيارته للعاصمة التركية، أنقرة، قال نائب رئيس الوزراء الإيطالي، أنطونيو تاياني: “بلدانا من بين الشركاء الاقتصاديين الرئيسيين لليبيا، وكلانا يريد أن يرى ليبيا مستقرة ومزدهرة أخيراً”. لافتاً إلى أنّ “لدى إيطاليا وتركيا رؤية مشتركة حول ليبيا”، وهو التصريح الذي طرح العديد من التساؤلات حول الغاية الحقيقية من الإهتمام التركي الإيطالي بالملف الليبي.

تركيا و إيطاليا

خلال 13 من كانون الثاني (يناير) زار نائب رئيس الوزراء، وزير الخارجية الإيطالي، أنطونيو تاياني، أنقرة في ، والتقى  نظيره وزير الخارجية التركي مولود تشاووش أوغلو، وبحثا العلاقات الثنائية وقضية الهجرة والأزمة الليبية، بحسب ما أعلنته الخارجية الإيطالية.

وهي الزيارة التي تأتي في الوقت الذي تشهد فيه الجهود الأممية والدولية والمصرية زخماً غير مسبوقٍ للدفع نحو الخروج من الانسداد السياسي في ليبيا. شهدت القاهرة لقاءً ثنائياً بين رئيس مجلس النواب عقيلة صالح، ورئيس المجلس الأعلى للدولة خالد المشري، اتفقا فيه على صياغة خريطة طريق تشمل حسم ملف المناصب السيادية، والتوصل لأساس دستوري تُجرى الانتخابات وفقاً له، مع اللجوء إلى الاستفتاء لحسم النقاط الخلافية، وتوحيد السلطة التنفيذية.

من جهة اخرى احتضنت العاصمة المصرية لقاءين مهمين بين رئيس المجلس الرئاسي، القائد الأعلى للقوات المسلحة الليبية محمد المنفي، والقائد العام للقوات المسلحة الليبية المشير خليفة حفتر. كما شهدت مدينة سرت الليبية عودة لقاءات اللجنة العسكرية المشتركة (5 + 5) بعد توقف لأشهر، بحضور ممثل الأمين العام للأمم المتحدة ورئيس البعثة الأممية في ليبيا، عبد الله باتيلي، لبحث التهدئة العسكرية وملف التواجد العسكري الأجنبي والمرتزقة.

يرى رئيس حزب السيادة الوطنية الليبية، إبراهيم محمد بن عمران، بأنّ الغرب الليبي محتل من البلدين، عبر التواجد العسكري والاستخباراتي، بينما ذلك التواجد مرفوض في شرق وجنوب ليبيا. وأضاف: بأنّ تواجد تركيا وإيطاليا يعتمد على حكومة الدبيبة المنتهية الولاية، والذي يعتبره الليبيون “خائناً”، بعد التفريط في السيادة الوطنية وتسليمه مواطن ليبي مشتبه به في قضية لوكربي.

ملفات مهمة

ووفقا لعدة تحاليل في الصحف الإيطالية، فنحو 400 عسكري في مدينة مصراتة، وتتمتع بعلاقات وطيدة مع المجتمع المحلي في المدينة، عبر تقديم خدمات صحية عن طريق المستشفى العسكري الإيطالي، وغير ذلك من الخدمات والعلاقات الوثيقة بين الطرفين.

تتولى القوات الإيطالية مسؤولية تدريب قوات أمنية وعسكرية ليبية خاضعة لرئيس حكومة الوحدة الوطنية، منتهية الولاية، عبد الحميد الدبيبة، وتعمل بتناغم مع الوجود العسكري التركي المهيمن على طرابلس وغرب البلاد.

اقتصادياً، تصدرت إيطاليا قائمة شركاء ليبيا التجاريين بقيمة 10.17 مليار يورو خلال الأشهر العشرة الأولى من العام 2022، بنسبة نمو تبلغ 75% عن الفترة نفسها من العام 2021، وبحصة سوقية نسبتها 23.5%، بحسب بيانات نشرتها السفارة الإيطالية لدى ليبيا.

وصدّرت ليبيا نحو 2.5 مليار متر مكعب من الغاز إلى إيطاليا في العام الماضي، تمثّل نحو 40% من إنتاجها، عبر خط نقل الغاز البحري “غرين ستريم” الذي يربط بين مدينة زوارة في غرب ليبيا وجزيرة صقلية الإيطالية.

إلى جانب الطاقة، عقدت إيطاليا اتفاقيات غير مُعلنة مع ميليشيات في غرب ليبيا لمنع تدفق المهاجرين غير الشرعيين عبر البحر إلى أراضيها. وتعرضت إيطاليا لانتقادات حقوقية واسعة بسبب تعرض المهاجرين غير الشرعيين لانتهاكات جسيمة في السجون التي تديرها ميليشيات مدعومة من روما.

عرقلة الانتخابات

ويعتبر التواجد العسكري التركي سواء المباشر بقوات تركية وغير المباشر عبر المرتزقة الذين جندتهم العائق الأكبر أمام إنهاء الانقسام في ليبيا، وتهيئة الظروف المناسبة لعقد الانتخابات العامة؛ الرئاسية والبرلمانية. ورغم تأكيد إيطاليا على دعم الانتخابات، كما في تصريحات وزير خارجيتها، الذي وجه دعوة إلى المبعوث الأممي عبد الله باتيلي، لزيارة إلى روما، إلا أنّ اصطفافها في جانب تركيا، والتأكيد على اتساق مواقفهما من الأزمة، يشي بأنّ روما يناسبها الوضع القائم.

تحصل روما على 40% من الغاز الليبي، وهي الحصة التي تريد ليبيا تقليصها لتنامي حاجتها الداخلية في إنتاج الكهرباء والصناعة، ولهذا ربما تساوم روما لاستمرار هذه الحصة كاملةً، مقابل توفير الدعم لحكومة الدبيبة.

يقول رئيس حزب السيادة الوطنية الليبية، بأنّ تركيا حاولت إعادة هيمنة العثمانيين على شمال إفريقيا والشرق الأوسط لكنها أخفقت، ونجحت في ذلك في غرب ليبيا، وكذلك إيطاليا بحكومتها اليمينية الحالية تحاول التواجد في الغرب الليبي، وهمها إيقاف اجتياح الهجرة غير الشرعية واستمرار ضخ الغاز. وأضاف “كلاهما يريدان المال باسم إعادة الإعمار والتجارة”.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى