حلقة مفرغة.. 3 أسباب وراء تعنت النظام السوري في تنفيذ “المبادرة العربية”

عادت بعض الدول العربية التي لعبت دورا كبيرا في إعادة نظام بشار الأسد لشغل مقعد سوريا في الجامعة العربية خلال مايو/أيار 2023، لوضع أصبعها في عين النظام وتذكيره بضرورة تنفيذ التزامات وافق عليها “كعربون أولي” لإعادته إلى محيطه العربي من جديد.
وخلال الفترة الأخيرة، بدا واضحا ارتفاع اللهجة العربية التي تنتقد النظام السوري لعدم تحقيق أي تقدم واضح في الملفات الأساسية التي حملتها المبادرة العربية الجديدة لإعادة تطبيع العلاقات معه، والتي تتضمن مكافحة تهريب المخدرات وصناعته، وعودة اللاجئين، والانخراط في الحل السياسي.
قلق من الأسد
وعلى ضوء ذلك، قال المستشار الدبلوماسي لرئيس الإمارات، أنور قرقاش، إن عودة النظام السوري إلى جامعة الدول العربية “قرار صائب، لكن في المقابل لا بد أن نرى من دمشق توجها لمعالجات قضايا تهم جيرانها كاللاجئين ومخدر الكبتاغون”.
وخلال ندوة ضمن فعاليات منتدى الإعلام العربي بدبي في 27 سبتمبر/أيلول 2023، أفاد قرقاش: “بينما القرار السوري يحتاج إلى دعم من القرار العربي، إلا أنه في المقابل يجب أن نرى توجها من النظام لمعالجة مثل هذه القضايا، وهذا لن يكون إلا بدور وقرار عربي”.
وأضاف: “ما زال لدينا قلق خاص بموضوع الكبتاغون والوضع فيما يتعلق بلبنان والأردن وعودة اللاجئين”.
وتزامن كلام قرقاش، مع تأكيد وزير الخارجية الأردني أيمن الصفدي، أن عمليات تهريب المخدرات من سوريا إلى بلاده زادت بعد محادثات التطبيع العربي التي حدثت في جدة وعمان مع النظام السوري.
ولفت الصفدي في مقابلة مع “منتدى الشرق الأوسط وشمال إفريقيا” في 27 سبتمبر 2023 على قناة “الشرق” السعودية، إلى أن “الأردن سيفعل ما يتوجب عليه لحماية مصالحه، خصوصا بما يتعلق بتهريب المخدرات، لأنه بعد 12 عاما من النزاعات والصراعات المعروفة للجميع فنظام (الأسد) لا يسيطر على كامل أراضي سوريا”.
وقبيل إعادة نظام الأسد إلى الجامعة العربية جرى طرح “المبادرة الأردنية” للحل في سوريا والتي أطلق عليها “المبادرة العربية” والتي تدعم مقاربة “خطوة مقابل خطوة” التي طرحها سابقا مبعوث الأمين العام للأمم المتحدة الخاص إلى سوريا، غير بيدرسون.
وفي حوار مطول أجرته معه صحيفة “الشرق الأوسط” السعودية في 19 مايو/أيار 2023، ذكر بيدرسون أن “هناك إجماعا دوليا متفقا عليه بأن القرار 2254 هو قاعدة الوصول إلى حل سياسي للأزمة السورية”.
والقرار 2254 صدر عن مجلس الأمن الدولي عام 2015، وهو يمهد للحل السياسي بسوريا والبدء بمرحلة انتقالية، إلا أن نظام الاسد ماطل في تنفيذه بل وأفشل جميع مراحله.
وعلى مدى السنوات الماضية، لجأ نظام الأسد لمنع تحقيق أي تقدم يذكر في سلال العملية السياسية السورية الأربع، وهي: الحكم الانتقالي، والدستور، والانتخابات، ومكافحة الإرهاب.
وتؤكد المملكة الأردنية أن 85 بالمئة من المخدرات التي تضبط قادمة من سوريا، معدة للتهريب إلى السعودية ودول الخليج حصرا.
وتشكل محافظتا السويداء ودرعا جنوب سوريا، معقل طرق تهريب أساسية لحبوب الكبتاغون نحو الأردن.
أسباب جوهرية
ولهذا فإن المبادرة العربية، حاولت أن ترمي ببالون اختبار للنظام السوري، حول وقف عمليات تهريب المخدرات التي ما تزال سارية رغم التقارب العربي معه.
وفي السياق، أوضح الباحث في مركز “الحوار السوري”، أحمد قربي، أن “النظام في الأساس لا يستطيع أن يقدم للدول العربية شيئا في الملفين الأساسيين الذين في الظاهر أنها طبعت علاقتها مع الأسد وهما ملفا اللاجئين والمخدرات”.
وأوضح القربي أنه “بالنسبة للاجئين فإن النظام ليس لديه بنية تحتية صالحة لعودتهم في الوقت الراهن، وبالمقابل فإن النظام لا يريد الانخراط في الحل السياسي لكون السبب الرئيس لخروج اللاجئين هي أسباب أمنية وسياسية”.
وتابع: “بالنسبة لملف المخدرات فإن نظام الأسد بعد 12 سنة من حربه ضد الشعب السوري انهارت البنية التحتية والخدمات، تحول إلى اقتصاد عصابات يقوم ليس على المؤسسات وتطوير الصناعة والتجارة والسياحة، بل اعتمد على أساليب المليشيات والعصابات، مما يعني أنه لا يستطيع التخلي عن أساليبه كونها المورد الأساسي لاقتصاده”.
وكشفت مصادر دبلوماسية عربية لـ”تلفزيون سوريا” المعارض، أن لجنة الاتصال العربية أبلغت نظام الأسد بإيقاف الاتصال معه، إلى حين تقديمه ردا على المبادرة العربية للحل في سوريا.
وقالت المصادر بشرط عدم الكشف عن هويتها، حسبما نقل التلفزيون في 26 سبتمبر 2023 إن “توقف الاتصالات مع النظام لا يعني قطع العلاقات معه، وإنما توقف مسار الحل المقترح من الجامعة العربية”.
وأضافت أن اللجنة “قد تعقد اجتماعا لتقييم عملها خلال الفترة المقبلة من دون مشاركة وزير خارجية النظام فيصل المقداد”.
خيوط الحلفاء
وحول إعلان فشل المبادرة العربية للحل في سوريا، ذكرت المصادر أن الأمر ليس مطروحا حاليا.
وكشفت مصادر دبلوماسية عربية ، أن “النظام السوري لم يقدم التسهيلات الأمنية والسياسية المطلوبة لوقف تصدير الممنوعات، وعلى رأسها الكبتاغون، إلى دول الجوار من جهة، وامتناعه عن التجاوب مع المتطلبات المؤدية للانتقال بدمشق تدريجيا إلى مرحلة الدخول في الحل السياسي لإنهاء الحرب في سوريا”.
ولفتت المصادر نفسها إلى أن النظام السوري يسعى باستمرار إلى رمي مسؤولية عدم استقباله للنازحين على عاتق المجتمع الدولي بذريعة عدم تجاوبه مع دعوته للمساهمة في إعمار سوريا، حسبما ذكر تقرير للصحيفة نشر في 17 سبتمبر 2023.
وضمن هذه الجزئية، يرى مدير البحوث بمركز عمران للدراسات الإستراتيجية، معن طلاع، أن تعنت النظام السوري في تنفيذ بنود المبادرة العربية تجاهه لها ثلاثة أسباب.