توتر سياسي جديد بين تونس والاتحاد الأوروبي يعرقل التعاون الاقتصادي

خيم التوتر من جديد على العلاقات بين تونس والاتحاد الأوروبي بعد تجدد أزمة المهاجرين غير النظاميين من تونس وليبيا باتجاه السواحل، إذ رفضت تونس استقبال وفد من الاتحاد الأوروبي كان سيزور البلاد في الأسابيع الماضية ليدخل الطرفان في أزمة سياسية جديدة.

وقال الرئيس التونسي قيس سعيد في 18 سبتمبر (أيلول) الجاري، خلال اجتماعه مع كل من رئيس الحكومة أحمد الحشاني ووزير الداخلية كمال الفقي، إن “من سيأتينا من الخارج ليراقبنا، غير مرغوب فيه، ولن يدخل أرضنا”، مضيفاً “لن نقبل أن يتدخل أي أحد في سيادتنا، وليكفوا عن التدخل في شؤوننا”، مؤكداً “نحن نعمل في نطاق الشفافية أكثر منهم بكثير”.

وكان البرلمان الأوروبي قد أعلن، الأربعاء الماضي، عن زيارة لجنة الشؤون الخارجية تونس للنظر في الوضع السياسي، إضافة إلى دعم حوار وطني شامل بعد الانتخابات الأخيرة وتقييم مذكرة التفاهم بين الاتحاد الأوروبي وتونس الموقعة في الآونة الأخيرة.

أضافت وزارة الشؤون الخارجية “على إثر تلقي السلطات التونسية للتركيبة المقترحة للوفد البرلماني، تبين أنها تضم برلمانيين عرفوا بمواقفهم المناوئة والسلبية وبتصريحاتهم المتكررة المنحازة وغير الموضوعية تجاه تونس وخيارات الشعب التونسي ومؤسساته”،

وقالت إن “السلطات التونسية عبرت عن رفضها لهذه الزيارة بالتركيبة المقترحة”، لذا سعت سواء لدى بعثة الاتحاد الأوروبي بتونس أو من طريق سفارة تونس ببروكسل، إلى إقناع الجانب الأوروبي بتغييرها حتى تضم برلمانيين أكثر موضوعية.

إلى ذلك، أوضحت الخارجية التونسية في تصريحات إعلامية أن “تونس ترفض زيارة وفد برلماني أوروبي لتجاوزه الأعراف الدبلوماسية”.

شريك اقتصاد متميز ولكن

وتربط تونس بالاتحاد الأوروبي علاقات اقتصادية ومالية ضاربة في التاريخ تعود إلى سبعينيات القرن الماضي توجت في سنة 1995 بتوقيع اتفاق للتبادل التجاري الحر بين الطرفين انتفعت من خلالها تونس بتمويلات عدة لمساعدة نسيجها الصناعي وتأهيله لرفع صادرات البلاد الصناعية، ونتج من هذه الاتفاقات توسع العلاقات الاقتصادية والتجارية بين الطرفين وتدشين مئات المؤسسات الأوروبية في تونس، خصوصاً في صناعة النسيج والملابس ومكونات السيارات والأسلاك والمكونات الكهربائية،

وسجلت الصادرات التونسية مع الاتحاد الأوروبي نحو 71 في المئة من إجمالي قيمة الصادرات، وشهدت تطوراً إيجابياً إلى نهاية أغسطس (آب) الماضي،

وارتفعت الصادرات مع عديد من الشركاء الأوروبيين خلال العام الحالي منها فرنسا بنسبة 9.3 في المئة، وإيطاليا بنسبة 21 في المئة، وألمانيا بزيادة بنسبة 14.2 في المئة، وإسبانيا بنحو 33.6 في المئة.

وتعثر مسار وصول تونس إلى تلك المرتبة التي تمنحها مزايا عدة، خصوصاً تسهيل حرية تنقل الأشخاص (فئة رجال الأعمال والطلبة والمستثمرين) بسبب الأوضاع السياسية التي تمر بها البلاد في العقد الأخير وتعطل نجاح الانتقال الديمقراطي.

لا تأثير في المدى القصير

من جانبه، قال المتخصص في القطاع المالي بسام النيفر إن “الموقف السياسي لتونس على علاقة بملفات عدة مع الاتحاد الأوروبي قد لا تروق للأخير”، معتبراً أن هناك شبه انسداد بين الطرفين، لافتاً إلى أن “الاتحاد الأوروبي لم يتعود على هذا الموقف التونسي”.

وأشار النيفر إلى أنه “على المدى القصير من الصعب ملاحظة تغير العلاقات الاقتصادية بين تونس وأوروبا، خصوصاً التجارية منها”، مرجعاً ذلك إلى أن الصادرات التونسية تصل إلى أوروبا من خلال شركات أوروبية قائمة في تونس، قائلاً “تتمتع تلك النوعية من الصادرات بالمتانة”، مستشهداً بالعقوبات الأوروبية ضد روسيا بعد عدة أشهر من اندلاع النزاع الروسي – الأوكراني.

في الأثناء، تكشف أرقام وبنود الموازنة التونسية حتى منتصف العام الحالي عن أنها لم تحصل على هبات ومساعدات مالية من أية جهة، خصوصاً الاتحاد الأوروبي، إذ إن الإحصاءات الرسمية الصادرة عن وزارة المالية تشير إلى أن تونس حصلت على “صفر هبات” مقابل تقديرات سابقة حددت قيمة الهبات بـ 354 مليون دينار (118 مليون دولار) خلال العام الحالي، في حين أنها توقعت تعبئة منح وهبات ومساعدات سنة 2022 بقيمة 1378 مليون دينار (459.3 مليون دولار).

مقالات ذات صلة