تقارب أميركي-تركي قبل أيام من لقاء بوتين وأردوغان.. ما الأسباب والدلالات؟

قبل أيام من اللقاء المرتقب بين الرئيسين التركي رجب طيب أردوغان، والروسي فلاديمير بوتين، وصلت أكبر حاملة طائرات تابعة للبحرية الأميركية إلى مدينة “أنطاليا” التركية، في 27 أغسطس/ آب 2023.
وأثار هذا التطور تساؤلات خاصة أنه يأتي قبل أيام من اللقاء المرتقب بين أردوغان وبوتين، المقرر عقده في 4 سبتمبر/أيلول 2023 في مدينة “سوتشي”، الروسية، بحسب ما أعلن الكرملين.
إشارات التقارب
وقال موقع المونيتور الأميركي إن وصول حاملة الطائرات الضخمة “يو إس إس جيرالد آر فورد” إلى تركيا، يمثل “أحدث إشارة على التقارب بين البلدين العضوين في حلف شمال الأطلسي (الناتو)”.
وفي إشارة أخرى على هذا التقارب، أضاف جيف فليك، السفير الأميركي لدى تركيا، سلجوق بيرقدار، الرئيس التنفيذي لشركة صناعة الطائرات التركية المسيرة “بايكار” وصهر الرئيس رجب طيب أردوغان، على متن حاملة الطائرات.
وذلك قبل أن ترسو حاملة الطائرات الأميركية قبالة أنطاليا، حيث “أضافت مرة أخرى مسؤولين محليين وقادة عسكريين لتناول العشاء”.
بدورها، قالت البحرية الأميركية إن هذه الخطوات تأتي “احتفاءً بالتحالف القوي والواسع بين الولايات المتحدة وتركيا”.
وأضاف “المونيتور” أن “أحد أعضاء مجموعة حاملة الطائرات الأميركية فورد، توجه إلى الميناء في قاعدة أكساز البحرية في “مرمريس” التركية، في 26 أغسطس/ آب 2023، بعد ما يقرب من شهر من التدريب إلى جانب البحرية التركية”.
ولفت الموقع إلى أن ذلك جرى خلال عرض مشترك، مع السفينة الرائدة، التي تملكها البحرية التركية “تي سي جي أناضولو”.
وأوضح أن حاملة الطائرات الأميركية “فورد” ارتبطت أيضا بسرب من السفن الحربية التركية وطائرات إف 16 وناقلات التزود بالوقود KC-135 وطائرات P-72.
دبلوماسية ودية
وخلال الشهر نفسه، أضاف السفير فليك وقائد الأسطول السادس الأميركي الأدميرال، توماس إيشي، مسؤولين أتراك، على متن سفينة القيادة والسيطرة “يو إس إس ماونت ويتني”، بعد وصولها إلى الميناء في 18 أغسطس 2023.
وفق المونيتور، فإن آخر زيارة للسفينة “ويتني” إلى تركيا في أواخر عام 2021، أثارت انتقادات من بوتين، في الفترة التي سبقت غزو بلاده لأوكرانيا.
وأشار إلى أن “موجة الدبلوماسية البحرية الودية التي تنتهجها واشنطن، تأتي وسط ما يعده المسؤولون على جانبي المحيط الأطلسي فرصة لإصلاح العلاقات بين حليفي الناتو”.
وذكرت صحيفة “حريات” التركية، أن “مجموعة من المشرعين من الحزبين الجمهوري والديمقراطي التقت مع رئيس لجنة الشؤون الخارجية بالبرلمان التركي، فؤاد أوقطاي، أخيرا في أنقرة”.
وأفاد الموقع الأميركي بأن “الغزل في العلاقات بين روسيا وتركيا قد تزايد بشكل كبير، منذ إخراج واشنطن لأنقرة من برنامج صناعة طائرات إف 35، في عام 2019.
وقد اتخذت واشنطن هذه الخطوة بعد أن اشترت أنقرة نظام الدفاع الصاروخي “إس 400” من موسكو، على الرغم من التحذيرات الأميركية.
وأضاف المونيتور أنه “قبل مغادرتها للبيت الأبيض، وكرد على الخطوة التركية، فرضت إدارة الرئيس السابق، دونالد ترامب، عقوبات اقتصادية محدودة -ولكنها مع ذلك غير مسبوقة- على هيئة الصناعات الدفاعية في تركيا”. وأكد أن العلاقات بين البلدين ظلت متوترة منذ ذلك الحين.
منع الأسلحة
وقال إن “الاتهامات العلنية المريرة التي أطلقتها حكومة أردوغان ردا على السياسات الأميركية، لم تساعد تركيا داخل أروقة الكونغرس، حيث أوقف النواب البارزون مبيعات أسلحة كبيرة لأنقرة خلال السنوات الأخيرة”.
ومن هذه الاتهامات التي عبرت عنها الحكومة التركية، تقديم الولايات المتحدة دعما عسكريا للتنظيمات الكردية الانفصالية، بزعم أنها في معركة ضد تنظيم الدولة، على الحدود الجنوبية الشرقية لتركيا.
وأفاد الموقع بأن “رئيس لجنة العلاقات الخارجية بمجلس الشيوخ، السيناتور بوب مينينديز، وهو ديمقراطي من ولاية نيوجيرسي، تعهد بمنع اقتراح إدارة بايدن لبيع طائرات إف 16 لتركيا”.
“لكن من جانب آخر، فإن عمليات تعليق مبيعات الأسلحة الأميركية الكبرى إلى تركيا، شجعت حكومة أردوغان على تعزيز صناعة الدفاع المحلية في البلاد”، وفق المونيتور.
وبرزت تركيا بسرعة كدولة رائدة في صادرات الطائرات المسيّرة المسلحة خلال السنوات الأخيرة، حيث أثبتت المسيرات التي تنتجها شركة “بايكار”، دورها المحوري في الصراعات من إقليم قره باغ الأذربيجاني إلى ليبيا.
وفي الوقت نفسه، فإن الحرب العدوانية التي شنتها روسيا على أوكرانيا قادت إلى تضخيم أهمية تركيا الإستراتيجية بالنسبة لواشنطن، التي لم تنشر قواتها البحرية في البحر الأسود منذ ما قبل الحرب، تاركة حليفتها في الناتو في طليعة المواجهة الجيواستراتيجية.
لكن من جانبها، استغلت أنقرة موقفها بين الغرب وروسيا للتفاوض، في عام 2022، على اتفاق تسمح موسكو بموجبه للسفن الأوكرانية بتصدير الحبوب الضرورية إلى الخارج، عبر البحر الأسود.
لكن انسحب الكرملين من تلك الاتفاقية، في يوليو/تموز 2023، قبل أن يشن سلسلة من الضربات على صوامع الحبوب الأوكرانية على نهر الدانوب، ما أثار مخاوف من حدوث تقلبات في أسعار الغذاء عالميا.
وأكد المونيتور على أن بوادر حسن النية من واشنطن تجاه تركيا، تهدف إلى استمالة أنقرة، لدفعها إلى إقناع موسكو بتجديد اتفاقية الحبوب، مع قرب عقد لقاء بين بوتين وأردوغان.