“تغيير جذري”.. ماذا يعني إقالة الحوثيين حكومة ابن حبتور بمناطق سيطرتهم باليمن؟

أثارت خطوة مليشيا الحوثي، إقالة حكومة عبد العزيز بن حبتور في صنعاء التي تفرض سيطرتها عليها من 9 سنوات، تساؤلات عدة عن الهدف من ورائها، خصوصا أنها جاءت مباشرة بعد حديث عبدالملك الحوثي، زعيم الجماعة عن عزمه إجراء “تغيير جذري” في مؤسسات الدولة.

حكومة ابن حبتور غير المعترف بها دوليا، التي أقالها ما يسمى بـ”مجلس الدفاع الوطني” التابع للحوثيين في 27 سبتمبر/ أيلول 2023، كانت قد تشكلت في نوفمبر 2016، باتفاق بين الحوثي وحزب المؤتمر الشعبي، بقيادة الرئيس اليمني المخلوع علي عبد الله صالح.

ويشمل الاتفاق آنذاك بين الحوثي والمؤتمر، تشكيل مجلس سياسي يتقاسم فيه الجانبان رئاسته، ويكون بمثابة الحاكم الفعلي للمناطق التي تقع تحت سيطرتهم منذ عام 2014، قبل أن ينقلب الحوثيون على علي صالح، في ديسمبر/ كانون الأول 2017، ويقتلونه بتهمه الخيانة.

“مرحلة ثالثة”

الشخصيات القريبة من الحوثيين، فسرت خطوة إقالة ابن حبتور، بأنها امتداد لما تطلق عليها “ثورة 21 سبتمبر عام 2014” (انقلاب الحوثيين على الحكومة الشرعية المعترف بها دوليا)، وأنها تأتي في إطار “إدراك ضرورة بناء وإصلاح الدولة وتحسين أداء مؤسسات الدولة”.

ونقل موقع قناة “العالم” الإيرانية في 29 سبتمبر، عن الإعلامي اليمني، حميد رزق، قوله إن “إقالة حكومة ابن حبتور، هي امتداد لثورة 21 سبتمبر 2014، إذ كانت على ثلاث مراحل، الأولى الهبة الشعبية، والثانية مواجهة العدوان، والثالثة تغيير أوضاع الحكومة في الداخل إلى ما يرضي الشعب”.

وبيّن الإعلامي القريب من الحوثيين أن “إقالة الحكومة بهذا التوقيت جاء في إطار دخول الثورة في مرحلتها الثالثة بعد ما استطاع اليمن الخروج من مرحلة مواجهة العدوان، ليدخل مرحلة جديدة من المواجهة على المستوى الداخلي والخارجي، وهي ذات طابع سياسي تنموي اقتصادي خدمي”.

وزعم رزق أن “الحكومة الجديدة ستكون حكومة كفاءات بعيدة عن سلبية المحاصصة وعلى أساس قاعدة الشراكة الوطنية، كما ستكون حكومة كفاءات مصغرة وسريعة الاستجابة والتناغم مع الأوضاع المحلية والداخلية بحيث تصبح تجسيدا لإرادة الشعب”.

ولفت إلى أن “إقالة حكومة ابن حبتور هي بداية التغيير الجذري حيث سيليها التغيير الهيكلي في مؤسسات الدولة بشكل عام، وكذلك التركيز على الإصلاحات في منظومة القوانين والسياسيات وفق سلسة مراحل بحيث كل مرحلة تجني ثمارها وتنضج بهدوء للانتقال إلى مرحلة تالية”.

من جهته، قال رئيس مجلس شورى سلطة الحوثيين في صنعاء، فضل الله رسام، إن عملية إقالة حكومة حبتور والبدء بمرحلة التغيير الجذري جاءت على مبدأ الكفاءة وليس فك الارتباط مع حزب المؤتمر الشعبي أو عزل جهة معينة أو إدخال جهة ثانية في الحكم.

ونقلت إذاعة “طهران” العربية عن رسام في 30 سبتمبر، قوله إن “عملية التغيير لا تستهدف أشخاصا وإنما تستهدف تغييرا شاملا سواء في الأنظمة أو في القوانين والسياسيات وكتابة الدستور اليمني”.

“سلام مبدئي”

وبخصوص دلالات خطوة الحوثيين والتغيير الجذري الذي يتحدثون عنه، قال الكاتب والمحلل السياسي اليمني، ياسين التميمي: “كان يمكن أن تكون هذه الخطوة اعتيادية، لو لا سياقها غير الطبيعي، فقد جاءت بعد موجة من الانتقادات التي وجهها رئيس المؤتمر الشعبي العام (صادق أبوراس) للحوثيين”.

وأوضح التميمي قائلا: “معلوم أن “المؤتمر (الشعبي) هو الذي يرأس حكومة الأمر الواقع في صنعاء، ويستحوذ على نصف الحقائب فيها، والإقالة جاءت بعد فترة وجيزة من إعلان قائد الحوثيين إجراء تغييرات إستراتيجية”.

وفي 5 سبتمبر، اتهم رئيس حزب المؤتمر جناح صنعاء صادق أبوراس مليشيا الحوثي بالفساد في قضية رواتب الموظفين، بالقول: “للمواطنين الحق في أن يتكلموا عن مرتباتهم لأنها حق، ويجب أن نفكر بأن نضع للموظف شيكا في يده بقيمة مرتباته خلال السنوات الماضية، ومتى ما توفرت الموارد يتسلمها”.

ورأى الكاتب اليمني أنه “من الواضح أن الحوثيين يعيدون صياغة الشراكة بما يتفق مع طبيعة المرحلة الراهنة التي تشهد حالة من السلام المبدئي الذي وفر للجماعة الحوثية فرصة لإعادة فرض هيمنتها والتحلل من الشراكة التي انتجها انقلاب 2014”.

وأشار التميمي إلى أن “التغييرات في ظل غياب ضغوط عسكرية على جماعة الحوثي قد يشجعها على تجريف الإرث السياسي للعهد الجمهوري، وهو أمر سيضعها أمام تحدي انتفاضة شاملة من اليمنيين”.

وفي هذه النقطة تحديدا، قال عضو بالمكتب السياسي، علي القحوم، في 30 سبتمبر، إن إقالة الحكومة، غير المعترف بها دوليا، برئاسة عبد العزيز بن حبتور وتشكيل حكومة “كفاءات”، “ضرورة وطنية ملحة ومطلب شعبي”.

وأضاف القحوم في لقاء مع “وكالة أنباء العالم العربي” أن هذه الخطوة “تأتي في إطار إدراك ضرورة بناء وإصلاح الدولة وتحسين أداء مؤسسات الدولة، وهي خطوة أولى من التغييرات الجذرية المطلوبة في هذه المرحلة التي أعلنها زعيم الحوثيين عبد الملك الحوثي”.

وأضاف عضو المكتب السياسي للحوثيين أن هذه التغييرات تمثل المرحلة الأولى للتغيير الجذري بعموم البلاد وتتضمن الخطوات القادمة إصلاح بقية المؤسسات والقضاء بهدف تأسيس دولة جامعة لكل اليمنيين.

وأردف قائلا إن “الخطوات القادمة تستهدف استعادة اللحمة الوطنية وتحقيق المصالحة والسلام، فضلا عن تقديم التطمينات على المستوى المحلي والدولي مع دول الجوار خصوصا السعودية”.

“سيناريو جديد”

وفي قراءة مغايرة لما طرحه التميمي، قال الكاتب والباحث السياسي اليمني، صالح أبو عوذل إن “عبد العزيز بن حبتور، سيذهب إلى مسقط أو عمان، بذريعة إجراء فحوصات طبية، ومنها إلى الرياض، وسيتحوّل بعدها إلى بطل، ويخرج ليقول: حاولنا إصلاح المليشيات الحوثية، ولكننا فشلنا”.

وأضاف أبو عوذل خلال تدوينة نشرها على منصة “إكس” (تويتر سابقا) في 27 سبتمبر، أنه “نتيجة لإقراره (ابن حبتور) بالفشل، سيتم تعيينه رئيسا لحكومة مجلس القيادة الرئاسي (المعترف به دوليا)”.

ولفت إلى أن “سفير السعودية لدى اليمن (محمد بن سعيد الجابر) سيقوم بتعميم وسم #حبتور_رجل_المرحلة، وسيقول عادل موفجة (عضو المجلس العسكري في جنوب اليمن) إن الأخير رجل توافقي – جنوبي ومحسوب على الحوثيين – لأن يكون رئيسا لحكومة وحدة وطنية”.

وتابع: “وفي غفلة من احتفال اليمنيين بتصريحات ابن حبتور، ستكون الأذرع الإيرانية قد أحكمت قبضتها على صافر (سفينة عائمة لتخزين وتفريغ النفط، ترسو في البحر الأحمر شمال مدينة الحديدة اليمنية) ومأرب، بذريعة هذه موارد الشعب اليمني”.

وخلص أبو عوذل إلى أنه “سيخرج متحدث التحالف العربي (تركي بن صالح المالكي) يعلن أن بعض العناصر الحوثية تسللت للسيطرة على “صافر”، وسيطالب المجتمع الدولي بالضغط على المليشيات للانسحاب منها. مشاهد متخيلة ولكنها قريبة إلى فيلم أحمد عبيد بن دغر (رئيس الحكومة اليمنية السابق)”.

وبعد 8 سنوات من الحرب، رعت الأمم المتحدة هدنة بين الجيش اليمني المدعوم من التحالف العربي، ومليشيا الحوثي لمدة ستة أشهر، انتهت في أكتوبر/تشرين الأول 2022، ليدخل اليمن بعدها في وضع يشبه الهدنة من دون إعلان رسمي عن ذلك.

 

مقالات ذات صلة