تزامنا مع إعلان قصفها إسرائيل.. لماذا تصعد “الحوثي” هجماتها في اليمن؟

في الوقت الذي تعلن فيه مليشيا الحوثي اليمنية وقوفها إلى جانب الشعب الفلسطيني في غزة، وتطلق الصواريخ والمسيرات على إسرائيل -والتي لم يسمع لها أثر في إصاباتها- فإن المليشيا المدعومة من إيران صعّدت من عملياتها العسكري على أرض اليمن.

آخر ما أعلنته “الحوثي” في هذا الصدد، هو ما نشره المتحدث باسم قواتها يحيى سريع على منصة “تليغرام” في 14 نوفمبر/ تشرين الثاني 2023، من أنه “جرى إطلاق دفعة صواريخ باليستية على أهداف مختلفة لإسرائيل في الأراضي الفلسطينية المحتلة”.

تزامن هجمات الحوثيين على إسرائيل، مع تصعيدها ضد مواقع عسكرية تابعة للجيش اليمني في مدن سيطرته، أثار تساؤلات عدة عما إذا كان هناك ربط متعمّد بين الحدثين، ومدى تأثير ذلك على محادثات الحوثي مع السعودية الدافعة حاليا نحو إيجاد حل سياسي باليمن.

تصعيد خطير

على ضوء الهجمات التي تقوم به مليشيا الحوثي في العديد من المحاور اليمنية، أجرى وزير الدفاع اليمني محسن الداعري، مباحثات مع قيادة التحالف السعودي الإماراتي، تركزت حول تعزيز التعاون العسكري ودعم الجيش اليمني، بالتزامن مع تصعيد الحوثيين.

وأفادت وكالة الأنباء اليمنية الرسمية “سبأ” في 12 نوفمبر بأن “وزير الدفاع الداعري، زار قيادة القوات المشتركة لتحالف دعم الشرعية في الرياض وكان في استقباله قائد القوات المشتركة الفريق أول ركن مطلق بن سالم الأزيمع”.

ووفق الوكالة، فقد جرى خلال اللقاء، بحث أوجه التعاون المشترك والدعم المتواصل من قيادة “القوات المشتركة” إلى الجيش اليمني لتحقيق الأمن والاستقرار.

وفي 6 نوفمبر، صعّدت مليشيا الحوثيين عسكريا في محاور عدة بجبهة محافظة مأرب الغنية بالنفط، وكذلك في محافظة تعز جنوب غربي البلاد، رغم الهدنة الإنسانية التي رعتها الأمم المتحدة في أبريل/ نيسان 2022.

وجرّاء هذه الهجمات الحوثية، أعلن الجيش الوطني اليمني المعترف به دوليا خلال بيان رسمي له، في 8 نوفمبر، مقتل 11 عنصرا من أفراده في جبهات القتال بمحافظة مأرب (شرق).

وأضاف الإرياني: “كما استهدفت مليشيا الحوثي خلال الـ48 ساعة الماضية مواقع الجيش اليمني في الكسارة بمأرب، وجبل هان، والسفأه، وأكمة تعلى والمقبابة، والصياحي في تعز، وجبهتي الأحكوم والصلو”.

وأكد الوزير أنه جرى أيضا “استهداف مواقع الزنوج في الجبهة الشمالية في تعز، ومعسكر المطار القديم وتبة الخزان والغارب في الجبهة الشمالية الغربية من المحافظة نفسها والصرمين في الجبهة الشرقية، والمناطق المأهولة بالسكان في حي شارع الثلاثين، ونفذت عملية تسلل فاشلة في جبهة مقبنة”.

بيدق إيراني

وبخصوص الربط بين هجمات مليشيا الحوثي على إسرائيل وتصعيدها الداخلي ضد الجيش الوطني، قال الكاتب والمحلل السياسي ياسين التميمي إن “مليشيا الحوثي بيدق بيد إيران، وإن الصواريخ التي أطلقتها باتجاه فلسطين المحتلة، لا تعبر بدقة عن التوجهات الحقيقية لهذه المليشيا الطائفية”.

وأوضح التميمي  أن “مليشيا الحوثي تمثل إحدى الأدوات الأميركية الفتاكة بالدولة اليمنية، وهي منشغلة بتثبيت وجودها وسلطتها الطائفية كأولوية تقتضي منها مواصلة الجهد الحربي باتجاه الداخل”.

وتابع: “في حين أثبتت المليشيا أن لا فاعلية لصواريخها ولا تأثير، فإنها أرادت العبور بواسطة هذه الصواريخ نحو تحقيق أهداف سياسية وعسكرية متسلقة بالادعاء بأنها جزء من المعركة المحتدمة ضد العدو الصهيوني”.

وأشار التميمي إلى أن “ردود الأفعال الأميركية لا تعكس أي مستوى من القلق إزاء نشاط الحوثيين وصواريخهم، وبالمثل الصهاينة الذين كانوا يذكرون صواريخ الأخيرة كجزء من الإيجاز الصحفي قبل أن يغيب ذكر هذه الصواريخ”.

مصير المحادثات

وبشأن تأثير التصعيد الحوثي الداخلي على سير المحادثات مع السعودية بخصوص التوصل إلى حل سياسي للأزمة اليمنية، قال التميمي: “لا شك أن الهجمات بالصواريخ باتجاه فلسطين المحتلة ستغريهم للتصرف كقوة منفصلة عن التفاهمات السعودية الإيرانية”.

وفي 10 مارس/ آذار 2023، أعلنت السعودية وإيران استئناف علاقاتهما الدبلوماسية وإعادة فتح السفارات، عقب مباحثات برعاية صينية في بكين، والتي كانت سببا في حصول محادثات مباشرة بين الرياض والحوثيين لأول مرة منذ انقلاب الأخيرة على الحكومة الشرعية في اليمن عام 2014.

وأوضح التميمي أن “ذلك سيدفع الحوثيين للضغط باتجاه إنجاز تسوية مع الرياض وليس مع الحكومة الشرعية تحت طائلة التلويح باستئناف قصف العمق السعودي”.

وتابع: “غير أن السعودية قد تكون متحررة هذه المرة من ضغوط التعامل الخشن مع الحوثيين إذا ما فكروا بمعاودة استهدافها، ومع ذلك لا يمكن التنبؤ بما إذا كان سيطرأ أي تغيير في الموقف الأميركي نحو الحوثيين بالاتجاه السلبي”.

من جهته، رأى الباحث السياسي اليمني، عادل دشيلة، أن هناك معوقات عدة أدت إلى جمود في المحادثات، وتتمثل في إصرار الحوثيين على مطالبهم، وفي المقابل محاولة السعودية الخروج من المأزق اليمني بأقل الخسائر، بينما يريد الحوثيون تسليم المرتبات من خلال اقتسام الثروات ممثلة في عائدات النفط والغاز، وغيرها من الشروط”.

ويواجه الحوثيون احتقانا شعبيا في المناطق الواقعة تحت سلطته، وذلك بسبب توقف صرف الرواتب لموظفي القطاع الإداري منذ أواخر عام 2016، لذلك يسعى إلى اقتسام الثروات في المدن التي تسيطر عليها الحكومة اليمنية المعترف بها دوليا.

وأوضح دشيلة لصحيفة “القدس العربي” في 11 نوفمبر، أنه “في حال تحققت بعض التقاربات بالإمكان أن تنعكس إيجابا على المشهد اليمني، معنى ذلك أنه قد يحصل تقارب إقليمي، ويحدث ضغط على القوى المحلية للقبول بتسوية، لكن المشهد المحلي غير مهيأ للدخول في تسوية سياسية عادلة وشاملة”.

بدورها، أعلنت الخارجية السعودية خلال بيان لها في 20 سبتمبر، ترحيبها بـ”النتائج الإيجابية” للنقاشات مع وفد صنعاء لاستكمال جهود مسار السلام، مشيدة بمضامين لقاء وزير الدفاع السعودي، خالد بن سلمان بن عبد العزيز، بالوفد.

ولفتت الوزارة إلى أن النقاشات جاءت “استكمالا للقاءات الفريق السعودي التي أجراها في فترة سابقة مع رئيس وأعضاء مجلس القيادة الرئاسي اليمني وفي صنعاء خلال الفترة من 8 إلى 13 أبريل 2023، وتم التوصل فيها إلى العديد من الأفكار والخيارات؛ لتطوير خارطة طريق تتفق عليها الأطراف اليمنية كافة”.

مقالات ذات صلة