تداعيات خطيرة.. لماذا ألغى العراق اتفاقية خور عبدالله البحرية مع الكويت؟

في قرار مفاجئ جاء بعد مضي 10 سنوات على إبرامها، أصدرت المحكمة الاتحادية العراقية (أعلى سلطة قضائية) قرارا بإلغاء اتفاقية خور عبدالله بين بغداد والكويت، المعنية بترسيم الحدود البحرية المشتركة، والتي تعتبر من أكثر الاتفاقيات إثارة للجدل في العراق.

وانقسم الجدل إلى قسمين، بين من رأى أن رئيس الوزراء العراقي آنذاك نوري المالكي والبرلمان تنازلا عن جزء من خور عبدالله، وهو الممر الوحيد المؤدي إلى معظم الموانئ العراقية، وأن التقسيم جاء بالتنصيف، وليس بناء على خط التالوك (أعمق نقطة بحرية).

وفريق آخر دافع عنها كونها استكمالا لترسيم الحدود بين البلدين بناء على قرار دولي رقم 833، أدى على أرض الواقع إلى إنشاء ميناء مبارك الكبير الكويتي على الشاطئ الغربي لخور عبدالله في جزيرة بوبيان الكويتية، والذي من المُفترض أن يُربط بسكة حديد مع العراق مُستقبلا.

وفي عام 1993 صدر قرار رقم 833 من مجلس الأمن بتثبيت الحدود الدولية بين العراق والكويت، التي رسمتها لجنة من الأمم المتحدة جرى تشكيلها في 1991، وأعلنت بغداد في حينها امتثالها لهذا القرار الأممي.

قرار أحادي

قرار المحكمة الاتحادية الذي صدر في 4 سبتمبر/أيلول 2023، يقضي بعدم دستورية قانون تصديق اتفاقية تنظيم الملاحة البحرية في خور عبدالله، التي جرى المصادقة عليها من البرلمان العراقي بالقانون رقم 42 لعام 2013.

وقالت المحكمة في بيان لها نشرته وكالة الأنبار العراقية (واع): إنها “قررت في جلستها ال

وبحسب البيان، فإن قرار المحكمة العراقية جاء بناء على شكوى أقامها عدد من نواب البرلمان على اتفاقية خور عبدالله عام 2023، دون الكشف عن مزيد من التفاصيل.

وظهر سعود الساعدي النائب في البرلمان العراقي، عن كتلة “حقوق” التابعة لمليشيا “كتائب حزب الله” في العراق، في مقطع فيديو نشره على حسابه بمنصة “إكس” (تويتر سابقا) في 4 سبتمبر، يقول فيه إنه كسب دعوى قضائية رفعها لإبطال اتفاقية خور عبدالله مع الكويت.

القرار ألغى هذه الاتفاقية، بمعنى أنها قد ألغيت من جانب واحد (من طرف العراق فقط)، وفي هذه الحالة سيتم اللجوء إلى محكمة البحار، وهي محكمة دولية وأي قرار يصدر منها سيكون ملزما للعراق والكويت معا”.

و”بهذا القرار، خرج العراق من اتفاقية خور عبدالله، وأصبح غير ملزم بها، وهنا يحق للكويت اللجوء إلى محكمة البحار، وكذلك بغداد ممكن أن تلجأ للجهة نفسها، ليكون قرارها هو النافذ على الطرفين”.

تداعيات محتملة

وبخصوص تداعيات إلغاء هذه الاتفاقية على العلاقات الثنائية للبلدين الجارين، قال الباحث في الشأن السياسي العراقي، لطيف المهداوي إن “قرار المحكمة الاتحادية وضع حكومة محمد شياع السوداني في حرج، وهذا يضعفها أمام دول المنطقة”.

 لم يستبعد المهداوي أن “يكون قرار المحكمة الاتحادية في الوقت الحالي جاء بدفع من جهات سياسية عراقية لضرب حكومة السوداني، لأنه جاء تزامنا مع قرار آخر أصدرته الجهة ذاتها قبل أيام يتعلق بتأجيل إعادة أحد مقار الحزب الديمقراطي الكردستاني في كركوك”.

وفي 4 سبتمبر 2023، أصدرت المحكمة الاتحادية أمرا يوقف إجراءات تسليم مقر العمليات المشتركة (تابع للجيش العراقي) للحزب الديمقراطي في كركوك، والذي كان سببا رئيسا باندلاع الاحتجاجات في المدينة سقط خلالها عدد من الضحايا.

وشهدت مدينة كركوك في 2 سبتمبر 2023، توترا أمنيا بسبب قرار للسوداني يقضي بإعادة المقر المذكور إلى الحزب الديمقراطي الكردستاني، الأمر الذي رفضه المكونان العربي والتركماني، ونتج عنه صدام بين الطرفين سقط خلاله 4 قتلى وثلاثة مصابين من الأكراد.

و أن “الحكومة (العراقية) التي وقعت على الاتفاقية جاءت مع دبابات الاحتلال الأميركي لبغداد عام 2003، وأن المضي بالاتفاقية يعني إبقاء حالة دائمة من القلق وعدم الاستقرار في المنطقة من العراق، الذي يستشعر أن أرضه ومياهه قد نهبت بأمور غير قانونية”.

ردود متبادلة

على الصعيد الرسمي، نشرت وكالة “كونا” الكويتية الرسمية في 5 سبتمبر، خبرا مقتضبا عن اتصال هاتفي أجراه وزير الخارجية الكويتي سالم عبدالله الجابر الصباح مع نظيره العراقي، فؤاد حسين.

وقالت الوكالة، إن الاتصال بين الطرفين “تناول خلاله العلاقات الثنائية الوثيقة التي تربط البلدين الشقيقين ومناقشة آخر المستجدات الإقليمية والتطورات الراهنة في المنطقة، دون كشف مزيد من التفاصيل”.

ولم يختلف كثيرا بيان وزارة الخارجية العراقية الذي نشر في اليوم نفسه على مواقعها الإلكتروني بخصوص الاتصال بين حسين والصباح، بقوله إنه “جرى بحث عدد من الموضوعات محل الاهتمام الثنائيّ وكل ما من شأنه أن يحقق المصالح المُشترَكة للبلدين والشعبين الشقيقين”.

مقالات ذات صلة