تأخر مليشيات إيران بسوريا ولبنان في دعم غزة.. هل يثبت زيف “وحدة الساحات”؟

عد نجاح مقاتلي “كتائب عز الدين القسام” الجناح العسكري لحركة المقاومة الإسلامية “حماس“، بتنفيذ عملية “طوفان الأقصى”، ركزت إسرائيل على توسيع قصفها على القطاع المحاصر منذ 17 عاما.

العملية الاستثنائية للمقاومة الفلسطينية التي انطلقت في 7 أكتوبر/تشرين الأول 2023 داخل المستوطنات المحاذية لقطاع غزة تمكنت من قتل وأسر المئات من جنود جيش الاحتلال والمستوطنين، ما شكل ضربة قاسية للكيان.

وعقب ذلك، اتجهت إسرائيل للرد عبر التهديد بتحويل قطاع غزة إلى “مكان لا يمكن العيش به مجددا”.

وأمام هذه المعادلة، بدأت تتعالى أصوات بضرورة فتح جبهات جديدة ضد إسرائيل في دول تمتلك فيها إيران التي تزعم قيادة ما يُعرف باسم “محور المقاومة” قرار الحرب سواء بسوريا عبر نظام بشار الأسد أو في لبنان من خلال “حزب الله”.

ودعت تلك الأصوات “محور المقاومة” بقيادة إيران إلى تطبيق إستراتيجية مبدأ “وحدة الساحات” العسكرية من قبل الفصائل التي “تقاوم إسرائيل” على مختلف الجبهات.

لكن حتى 15 أكتوبر، لم يحدث انخراط كبير من قبل أي من مليشيات إيران في معركة غزة ضد إسرائيل، واقتصر الأمر على بعض المناوشات على الحدود اللبنانية مع الكيان الإسرائيلي.

واختلفت الآراء في هذا الشأن بين من يرى أن تأخر انخراط “حزب الله” اللبناني ومليشيات إيران في سوريا بالمعركة يعني زيف سردية “وحدة الساحات” التي طالما رددتها طهران ودافعت عنها.

وبين من يرى أن هذا التأخر “محسوب” لأسباب تتعلق بعدم توسع الصراع وتدخل دول كبرى مثل أميركا التي أرسلت حاملتي طائرات إلى شرق البحر المتوسط، وأن الأمر يتوقف على بدء إسرائيل عملية برية في غزة.

وحدة ساحات مزعومة

ومصطلح “وحدة الساحات”، تستخدمه بكثرة وسائل الإعلام المقربة من “حزب الله” وحركتي حماس والجهاد الإسلامي الفلسطينيتين.

وارتفع منسوب استخدام هذا التعبير بعد اللقاء الثلاثي الأخير بين حزب الله وحماس والجهاد الإسلامي في 2 سبتمبر/أيلول 2023.

وحينها تحدثت وسائل الإعلام عن استقبال حسن نصرالله زعيم حزب الله في بيروت القيادي في حماس صالح العاروري وزياد نخالة أمين عام الجهاد الإسلامي، لمناقشة الأوضاع الفلسطينية، لا سيما المواجهات في الضفة، والتأكيد على استمرار التنسيق.

وآنذاك أوضحت الوسائل الإعلامية المقربة من حزب الله وإيران، أن هذا الاجتماع تأكيد لمبدأ “وحدة الساحات” بين تلك الفصائل التي تواجه إسرائيل.

لكن على أرض الواقع بقيت جبهة سوريا حيث تتواجد المليشيات الإيرانية عند حدود الجولان المحتل من قبل إسرائيل منذ عام 1967، هادئة وكأن شيئا لم يحدث.

وفي لبنان حيث يشكل “حزب الله” ذراعا عسكريا لإيران وتدعمه بالمال والسلاح يهيمن به على الدولة، عمد الحزب لـ”حركة خجولة” عبر إطلاقه أعدادا من قذائف المدفعية والصواريخ الموجهة على مواقع إسرائيلية في مزارع شبعا المحتلة سقطت معظمها في أماكن خالية.

كما كشف عضو المكتب السياسي لحركة حماس موسى أبومرزوق في مقابلة مع قناة “تي آر تي” التركية، أن “هناك اتصالات مع ايران لكننا كنا نتوقع ان يكون التفاعل مع الحدث أكثر بكثير مما جرى”.

ودعا أبو مرزوق إيران في المقابلة إلى “مزيد من المشاركة في هذه المعركة التي وصفها بـ”المفتوحة”.

الاجتياح البري

وفي كلمته في 7 أكتوبر، أكد رئيس المكتب السياسي لحركة حماس، إسماعيل هنية، أن عملية “طوفان الأقصى” بدأت من غزة وستمتد إلى الضفة الغربية والقدس وأراضي الـ48 والخارج”.

وشدد هنية خلال كلمته على أن “هذه المعركة لا تتعلق بغزة وحدها، ولأنها تتعلق بالقدس وفلسطين فهي تتعلق بالأمة كلها”، موجها “نداء لأبناء الأمة أن ينخرطوا كل بطريقته في هذه المعركة”.

ثم عاد هنية للتذكير في ذات الأمر في بيان صحفي نشرته الحركة على “تلغرام” في 10 أكتوبر، مؤكدا أن “طوفان الأقصى” هي معركة فلسطينية القرار والتنفيذ، مضيفا بالقول: “هذا لا يقلل من قناعتنا بوجوب المشاركة والدخول في هذه المعركة من كل أبناء أمتنا وفي مقدمتها قوى المقاومة”.

وأضاف في 15 أكتوبر، أن أميركا لن تحصل على أي شيء على الإطلاق من عملية برية، ومن الممكن أن تشعل حرباً عالمية على أية حال، لقد حدث بالفعل التوحيد السريع للعالم الإسلامي على منصة مناهضة لأميركا (بسبب الدعم الكامل لإسرائيل)، الأمر الذي أدى إلى تغيير جذري.

ومضى يقول، إن بدء العملية البرية من شأنه أن يجعل الوضع لا رجعة فيه ولا يمكن السيطرة عليه، يمكن الافتراض أن الآراء القطبية حول هذه المسألة قد تطورت ليس فقط في إسرائيل، بل في الولايات المتحدة أيضًا.

فرص ومصالح

وضمن سياق عدم اقتناص إيران للفرصة وإسناد المقاومة الفلسطينية في هذا التوقيت الصعب، يقول المحلل والخبير العسكري السوري، إسماعيل أيوب: “أختلف مع كل الذين يقولون إن إيران تقف مع قضايانا المحقة والعادلة وخاصة القضية الفلسطينية”.

وأضاف: إن “طهران لديها علاقات ومصالح مشتركة مع إسرائيل حيث التقت هذه المصالح في العراق وسوريا وجرى تدمير النسيج الاجتماعي في هذين البلدين تحت أعين الولايات المتحدة حيث تنفذ طهران ما يطلب منها في العراق وسوريا على أكمل وجه”.

وتابع: “في موضوع التصعيد الإسرائيلي على غزة عقب عملية طوفان الأقصى نعلم أن كتائب القسام ليست فصيلا إيرانيا بل الفصيل الذي لديه علاقات قوية مع إيران هو الجهاد الإسلامي”.

مقالات ذات صلة