بين داعم للاحتلال ومؤيد للمقاومة.. هل يؤثر “طوفان الأقصى” على وحدة مجلس التعاون الخليجي؟

شهدت مواقف دول مجلس التعاون الخليجي اختلافا كبيرا حيال عملية “طوفان الأقصى” التي أطلقتها المقاومة الفلسطينية في 7 أكتوبر/تشرين الأول 2023، ضد الاحتلال الإسرائيلي ردا على الانتهاكات المتواصلة بحق الفلسطينيين والمسجد الأقصى المبارك.

وتمكنت المقاومة الفلسطينية بقيادة كتائب القسام الجناح العسكري لحركة المقاومة الإسلامية حماس، من إيقاع أكثر من 1300 قتيل ومئات الجرحى وعشرات الأسرى منذ بداية العملية.

فيما خلّف العدوان الإسرائيلي أكثر من 1200 شهيد وما يزيد على 5600 مصاب جراء العدوان على القطاع، وفق وزارة الصحة الفلسطينية في غزة.

تمايز المواقف

وبخصوص الاختلاف الحاصل في المواقف الخليجية، قال الكاتب والمحلل السياسي العراقي، المقيم في لندن، عماد الدين الجبوري إن “التباين تجاه عملية طوفان الأقصى واضح، فهناك دول طبعت مع إسرائيل مثل البحرين والإمارات”.

وأضاف الجبوريأن “هناك دولا لم تطبع مع إسرائيل، وأعلنت دعمها للقضية الفلسطينية، تحديدا دولة قطر، فهي لديها علاقتها مع حركة حماس وبقية فصائل المقاومة في غزة”.

ولفت إلى أنه “بشكل عام ما يزال النظام الرسمي العربي تحركه بطيء، خصوصا من الجانب المصري، وليس الخليجي فقط، فقد مضت ساعات طويلة ولا تزال إسرائيل تصب حمما بركانية من أطنان القنابل على غزة لتدميرها وتخريبها تمهيدا لاجتياحها بريا”.

وأوضح الجبوري: “السعودية كذلك لديها مفاوضات مع إسرائيل لتطبيع العلاقات، وأشار إلى ذلك ولي العهد السعودي محمد بن سلمان في لقائه أخيرا مع قناة (فوكس نيوز) الأميركية”.

ولذلك يرى أن “الموقف العربي فيه إرباك، والإرادة العربية ما تزال ضعيفة” في مواجهة العدوان الإسرائيلي على غزة.

ويعتقد المحلل السياسي أن “المقاومة الفلسطينية أثبت ضعف إسرائيل الداخلي، علاوة على أنها أقبرت جميع اتفاقيات تطبيع الدول العربية مع الاحتلال، لأن ما أخذ بالقوة لا يسترد إلا بها”.

وشدد على ضرورة أن “تميل الكفة في الحرب القائمة بشكل أكبر إلى الدول التي تدعم موقف المقاومة الفلسطينية ضد العدو الصهيوني، مثل قطر والجزائر ودول عربية أخرى”.

انقسام واضح

وأظهرت الأزمة الحالية، شبه انقسام بين مواقف الدول الخليجية، فقد حمّلت بيانات السعودية وسلطنة عمان ودولتي قطر والكويت، إسرائيل مسؤولية التصعيد الحاصل، كونه جاء نتيجة استمرار انتهاكات واعتداءات الاحتلال ضد الشعب الفلسطيني والمسجد الأقصى.

وقالت الخارجية السعودية خلال بيان لها في 7 أكتوبر، إن “المملكة تتابع عن كثب تطورات الأوضاع غير المسبوقة بين عدد من الفصائل الفلسطينية وقوات الاحتلال الإسرائيلي، مما نتج عنها ارتفاع مستوى العنف الدائر في عدد من الجبهات هناك”.

ودعت السعودية إلى “الوقف الفوري للتصعيد بين الجانبين، وحماية المدنيين وضبط النفس”، مجددة “دعوة المجتمع الدولي لتفعيل عملية سلمية ذات مصداقية تفضي إلى حل الدولتين”.

وأفادت بأنها سبق أن حذرت بشكل متكرر “من مخاطر انفجار الأوضاع نتيجة استمرار الاحتلال وحرمان الشعب الفلسطيني من حقوقه المشروعة وتكرار الاستفزازات الممنهجة ضد مقدساته”.

وفي السياق ذاته، قالت الخارجية العُمانية، إنها “تتابع باهتمام وقلق التصعيد الجاري بين الجانبين الفلسطيني والإسرائيلي، نتيجة استمرار الاحتلال الإسرائيلي اللا مشروع للأراضي الفلسطينية والاعتداءات الإسرائيلية المستمرة ضد المدن والقرى، والذي ينذر بتداعيات خطيرة وتصاعد حدة العنف”.

بدورها، أعربت الكويت عن “قلقها البالغ” من التصعيد  “الذي جاء نتيجة استمرار الانتهاكات والاعتداءات السافرة التي ارتكبتها سلطات الاحتلال الإسرائيلي ضد الشعب الفلسطيني الشقيق”.

ودعت الوزارة المجتمع الدولي إلى “الاضطلاع بمسؤولياته وإيقاف العنف، وتوفير الحماية للشعب الفلسطيني الشقيق، وإنهاء ممارسات سلطات الاحتلال الاستفزازية”.

دعم الاحتلال

وعلى عكس بيانات الدول الأربع سابقة الذكر، كان موقف مملكة البحرين ودولة الإمارات العربية المتحدة المطبعتان رسميا مع تل أبيب، مخيبا للآمال، بل إنهما تضامنا مع الاحتلال الإسرائيلي.

وقالت وزارة الخارجية البحرينية خلال بيان نشرته على موقعها الإلكتروني في 9 أكتوبر، إنها “تؤكد ضرورة الوقف الفوري للقتال الدائر بين حركة حماس الفلسطينية والقوات الإسرائيلية”.

وحذرت من أن “الهجمات التي شنتها حماس تشكل تصعيدا خطيرا يهدد حياة المدنيين”، معبرةً “عن أسفها البالغ للخسائر الكبيرة في الأرواح والممتلكات وعن تعازيها لأسر الضحايا، وتمنياتها للمصابين بالشفاء العاجل”.

كما أعربت الوزارة عن “استنكار مملكة البحرين لما ورد في بعض التقارير عن اختطاف المدنيين من منازلهم كرهائن”، مطالبةً بـ”وقف التصعيد وتجنب العنف الذي يهدد الأمن والاستقرار الإقليمي وينذر بعواقب وخيمة على المنطقة”.

وطالبت بضرورة تدخل المجتمع الدولي والقيام بمسؤولياته لوقف القتال وتوفير الحماية الكاملة للمدنيين الذين يجب ألا يكونوا هدفا للصراع بموجب القانون الإنساني الدولي، والدفع بجهود تحقيق السلام والاستقرار والأمن لجميع شعوب المنطقة.

وأكدت الوزارة أن “مملكة البحرين تدعم الجهود الرامية لوقف القتال والتصعيد، والتوصل إلى حل سياسي عبر الحوار والمفاوضات وتسوية سلمية نهائية للصراع وفقا لحل الدولتين وقرارات الشرعية الدولية”.

من جهتها، قالت وكالة الأنباء الإماراتية “وام” إن وزير الخارجية عبدالله بن زايد أجرى اتصالات هاتفية مع وزير خارجية “إسرائيل” إيلي كوهين، وزعيم المعارضة يائير لابيد، وناقش معهما جهود وقف التصعيد والتهدئة وأهمية حماية المدنيين من تداعيات الأزمة الراهنة.

ولفت ابن زايد إلى أن الوضع الراهن يتطلب تحركا عاجلا من جميع الأطراف الدولية الفاعلة من أجل تخفيف حدة التوتر والحيلولة دون خروج الوضع عن السيطرة، مشيرا إلى أن المنطقة بحاجة ماسة إلى الاستقرار وهو ما لم يتحقق دون تبني خيار السلام الشامل والعادل والأمن المستدام، بحسب قوله.

مقالات ذات صلة