بين حماس وإسرائيل.. ما فرص نجاح ألمانيا في التوسط بشأن الأسرى والتهدئة؟

بعد العدوان الإسرائيلي على غزة، كثفت وزيرة الخارجية الألمانية أنالينا بيربوك نشاطها في الشرق الأوسط لتدور تساؤلات عن إمكانية أن تصبح برلين وسيطا لإنهاء الحرب.
وأجرت أنالينا بيربوك جولة في الشرق الأوسط، شملت كلا من الأردن والاحتلال الإسرائيلي ولبنان ومصر بعد عملية “طوفان الأقصى”.
وشنت هذه العملية حركة المقاومة الإسلامية حماس في 7 أكتوبر/تشرين الأول 2023 ضد مستوطنات غلاف غزة وأسفرت عن مقتل 1400 إسرائيلي وأسر عدد آخر.
صراع مستعر
وحسب موقع “دويتشه فيله” الألماني، كثفت الوزيرة خلال الجولة من محادثاتها وأنشطتها الدبلوماسية، حيث كانت تهدف إلى منع الصراع من الانتشار والتوسع في المنطقة، وتخفيف الأزمة الإنسانية في قطاع غزة قدر الإمكان.
وفي محاولة لتعزيز دورها العالمي، يتساءل الموقع: “هل تستطيع ألمانيا أن تكون وسيطا موثوقا في ظل هذه الظروف؟”.
في كلمتها خلال “قمة القاهرة السلام”، التي انعقدت في العاصمة المصرية 24 أكتوبر 2023، أشارت وزيرة الخارجية الألمانية، إلى “المعاناة والمخاوف التي تنتجها الحرب على المستوى المحلي والعالمي”.
وبحسب الموقع الألماني، لخصت بيربوك الوضع قائلة: “إننا نشهد معاناة إنسانية رهيبة ونرى خوفا في كل مكان بالمنطقة”.
وخلف العدوان الإسرائيلي على غزة أكثر من 7000 شهيد وما يزيد على 19 ألف جريح، مع تدمير آلاف البنايات في القطاع المحاصر.
ومتغاضية عن كل جرائم الاحتلال الإسرائيلي، زعمت الوزيرة أن حركة “حماس” هي السبب في تلك المعاناة.
وصرحت بأن “حماس هي التي جلبت الرعب الرهيب إلى إسرائيل في السابع من أكتوبر 2023 وارتكبت جرائم بشعة”، وفق تعبيرها.
وادعى الموقع أنه “في المقابل، كان أحد أهداف الوزيرة من جولتها في المنطقة هو تخفيف المعاناة الشديدة في قطاع غزة على المدى القصير”.
وفي هذا الصدد، يشير إلى أن ألمانيا زادت مساعداتها الإنسانية لقطاع غزة بمقدار 50 مليون يورو.
خيارات محدودة
يجيب على هذا التساؤل بما قاله بيتر لينتل، الخبير الإسرائيلي في مؤسسة برلين للعلوم والسياسة: “سيتم قبول الوساطة الألمانية فيما يتعلق بالرهائن فقط، حيث يمكن لألمانيا أن تقدم الدعم في هذا الملف”.
وخلال عمليتها، أسرت كتائب القسام الجناح العسكري لحركة حماس ما بين 200 – 250 شخصا بينهم إسرائيليون وآخرون من جنسيات أجنبية.
ومن ناحية أخرى، استبعد الخبير أن تتمكن ألمانيا من تقديم المزيد من الدعم أو الوساطة، وعزا ذلك لعدم وجود أي تواصل مباشر بينها وبين حركة “حماس”.
ومع ذلك، كما ينقل الموقع عن لينتل، أنه يمكن لألمانيا أن تتوسط في تنظيم المساعدات الإنسانية، مضيفا أن “إسرائيل ستقبل بذلك أيضا”.
وتابع الخبير الإسرائيلي: “في عواصم العالم العربي، يُنظر إلى هذه السياسة بشيء من التحفظ”.
في المقابل، “ترى النخب في العواصم الغربية -وكذلك في برلين- أن إدانة حماس وضمان حق إسرائيل في الدفاع عن النفس شرط أساسي لجميع المفاوضات”، حسب “دويتشه فيله”.
وينوه إلى أن بيربوك واجهت ذلك بنفسها، حيث قوبل تصريحها بأن “إسرائيل كانت ضحية لإرهاب حماس وأن لها الحق في الدفاع عن نفسها” بتحفظ وحذر في عمان.
ورغم ذلك، يستدرك لينتل: “في الوقت نفسه، هناك أيضا استعداد واقعي عملي في المنطقة للعمل المشترك والتعاون حيثما كان ذلك ممكنا”.
تضامن كبير
ولفت الموقع إلى أن المحادثات التي أجرتها بيربوك في العواصم العربية جرت في غضون خروج الآلاف من الشعوب العربية رافعين شعارات تضامنية مع شعب قطاع غزة، ومناهضة لإسرائيل.
على سبيل المثال، خرج عشرات الآلاف من المصريين في 20 أكتوبر 2023، إلى الشوارع في مصر للتعبير عن دعمهم لقطاع غزة. كما أعرب الآلاف في عمان أيضا عن تضامنهم مع الفلسطينيين.
وهنا يصف الموقع المظاهرات بأنها “مؤشر على الطريقة التي تنظر بها قطاعات واسعة من سكان المنطقة العربية إلى إسرائيل”.
إضافة إلى ذلك، هناك رأي يسود في أجزاء كبيرة من العالم العربي يفيد بأن “الدول الغربية تقف إلى جانب إسرائيل دون قيد أو شرط على أي حال”.
كما أنهم يقولون إن “صيغة أن لإسرائيل حق الدفاع عن نفسها يرددونها (في الغرب) دون أن تُصحب بانتقاد لانتهاكاتها وجرائمها”.
ولفت الموقع إلى أن هذا الاتهام يوجه إلى الغرب بشكل عام، بما يشمل ذلك ألمانيا. وقد ذُكرت برلين صراحة في تقرير نقدي نشرته صحيفة “الأيام” الفلسطينية أخيرا.
وقال في مقابلة مع الموقع الألماني: “في العديد من الأماكن، يتعرض السياسيون الذين يعملون بشكل وثيق مع الدول الغربية الآن لضغوط شديدة”.
ويوضح الخبير الإسرائيلي، أن “إسرائيل نفسها لا تريد أي محاولات للوساطة، ومن المحتمل أن يرفضوا أي مفاوضات في الوقت الحالي”.
وعزا الموقع ذلك إلى أن إسرائيل تهدف إلى إنهاء حركة “حماس”، لافتا إلى أن “الوساطة تتعارض مع هذا الهدف”.
كما يؤكد أن “الوساطة قد تكون أمرا مرغوبا فيه فيما يتعلق الأمر بإطلاق سراح الرهائن، لكنها غير مرجحة فيما يتعلق بأمور أبعد من ذلك”.