
بعد طوفان الأقصى وتعطيلها لسنوات.. لماذا تسرع أميركا تشريع “مكافحة الإسلاموفوبيا”؟
بعد تعطيل صدروها لفترة، ومع تصاعد “جرائم الكراهية” التي يقودها تيار “المسيحية الصهيونية” الإنجيلي، ضد المسلمين بسبب حرب غزة، أعلنت إدارة الرئيس الأميركي، جو بايدن، أنها ستضع إستراتيجية لمكافحة الإسلاموفوبيا.
البيت الأبيض، أوضح في بيان مطلع نوفمبر/تشرين الثاني 2023 أن الإستراتيجية، التي يعدها مجلسا السياسة الداخلية والأمن القومي، ستضع خطة لحماية المسلمين من التمييز ضدهم بسبب الدين أو العرق، والكراهية والتعصب والعنف.
لكن السكرتيرة الصحفية للبيت الأبيض، كارين جان بيير، لم تقدم، وهي تعلن هذه الإستراتيجية، أي تفاصيل محددة حول إنشائها، مكتفية بالقول إنه “سيتم العمل مع قادة المجتمع والدعاة والمسؤولين، وأعضاء الكونغرس لصياغته”.
تداعيات العدوان
وعد إدارة بايدن باتخاذ خطوة لحماية الجالية المسلمة “ليس جديدا”، وسبق طرح خطط سابقة، لكنها “ظلت ضعيفة”.
إلا أن حرب غزة التي خلقت أجواء مشحونة بالتوتر داخل المجتمع الأميركي، وزادت الكراهية للمسلمين، ربما عجل بهذه “الإستراتيجية”، وفقا لـ”وكالة الأنباء الفرنسية” مطلع نوفمبر 2023.
وكان إطلاق إستراتيجية مكافحة الإسلاموفوبيا متوقعا منذ أشهر، بعدما أصدرت الإدارة الأميركية في مايو/آيار 2023 إستراتيجية وطنية لمكافحة معاداة السامية وجرى الحديث عن أخرى لمكافحة الكراهية ضد المسلمين.
لكن إستراتيجية مكافحة الإسلاموفوبيا تأخرت، حتى تم الإعلان عنها بعد تداعيات حرب غزة على الداخل الأميركي وتصاعد العداء للمسلمين، وأيضا ضد اليهود، وفقا لوكالة “رويترز” البريطانية في 2 نوفمبر 2023.
فيما قال شخصان مطلعان على خطط إدارة بايدن بشأن هذه الإستراتيجية لوكالة “أسوشيتد برس” في 2 نوفمبر 2023 إن الإعلان عنها تأخر لما بعد لقاء بايدن مع زعماء مسلمين، بسبب مخاوف الأميركيين المسلمين من افتقار الإدارة إلى المصداقية بشأن هذه القضية نظرا لدعمها القوي للجيش الإسرائيلي.
ويعد هذا الاستطلاع الأولي منذ 26 عاما الذي يجريه المعهد العربي الأميركي والذي لا يختار فيه أغلبية من العرب والمسلمين بايدن أو الحزب الديمقراطي، بحسب موقع “ذا هيل” في 31 أكتوبر/تشرين الأول 2023.
وعقب “طوفان الأقصى”، استغلت الدعاية الصهيونية وأبواق التيار المسيحي الصهيوني الإنجيلي الذي يدعم الاحتلال ما جرى بصورة تشوه المقاومة وأنها “مجموعة إرهابية قتلت وخطفت أطفالا ونساء إسرائيليين”، ما انعكس على تزايد الكراهية ضد المسلمين.
ورغم وضوح الصورة عقب بدء المجازر الصهيونية في غزة وأن هذه الدعاية كان هدفها التمهيد لإبادة الفلسطينيين، استمرت حملات الكراهية واضطهاد مسلمين.
عداء متصاعد
وتُظهر دراسة أصدرها “مركز دراسة الكراهية والتطرف” صيف 2022، أن الصراعات في الشرق الأوسط والاحتلال الإسرائيلي للأرض الفلسطينية وراء كثير من جرائم الكراهية في أميركا، وأنها تشهد قفزات في هذا العداء.
وما أغضب المسلمين أن إدارة بايدن أنشأت “إستراتيجية لمواجهة معاداة السامية” لحماية اليهود من العداء لهم في أميركا في 2 يونيو/ حزيران 2023.
كما قامت بتوسيع قانون الحقوق المدنية لعام 1964 ليحظر معاداة السامية وكراهية الإسلام، لكنها لم تصدر إستراتيجية مماثلة لمكافحة الإسلاموفوبيا.
لكن واقعة قيام أميركي متطرف بذبح طفل أميركي فلسطيني يبلغ من العمر 6 سنوات بطعنة 26 مرة بسكين وطعن والدته أيضا بدعوى أنهم مسلمون وأغضبه خطف “حماس” أطفال إسرائيليين وقتلهم، وفق ما روجت وسال الإعلام الأميركية كذبا، حرك إدارة بايدن.
مظاهر الكراهية
لم تنعكس مظاهر الكراهية للمسلمين على سلوكيات بعض الأميركيين بسبب التغطية الإعلامية المنحازة لإسرائيل والتي تشيطن “حماس” والمسلمين، ولا بسبب الموقف الرسمي المنحاز لإسرائيل وتشجيعها على الإبادة للفلسطينيين فقط.
ولكنها انعكست على مزيد من العداء وممارسات الكراهية ضد المسلمين لمجرد دعمه غزة ضد الإبادة الصهيونية، لحد طرد جهات إعلامية مذيعين مسلمين، وفصل جامعات أستاذة مسلمين.
أيضا واجه الطلاب الأميركيون سواء المسلمون أو غيرهم من الرافضين لقصف غزة والمؤيدين لحقوق الشعب الفلسطيني اتهامات بمعاداة السامية، وتم استهدافهم بسبب تحدثهم علنا ضد الاحتلال الإسرائيلي منذ بدء الحرب الأخيرة.
ووصل الأمر للبصق على المسلمات ونزع للحجاب بالقوة وفصل لطلاب من مواقعهم النقابية، ومذبحة للحريات الأكاديمية والسياسية تشهدها الجامعات الأميركية المرموقة تستهدف الحركة المؤيدة لحقوق الشعب الفلسطيني بشكل غير مسبوق.
وهو ما يؤشر إلى وجود خطة ممنهجة وراء هذه الحملة، حسبما ورد في تقرير لموقع “ميدل إيست آي” البريطاني مطلع نوفمبر 2023.
هجوم مقزز
ومطلع نوفمبر 2023، شهدت حلقة برنامج “ذا فايف” التي بثتها قناة “فوكس نيوز” وتحظى بشعبية عالية، تحريضا على الأميركيين من أصول عربية، حيث قال مقدم البرنامج، جيسي واترز، إنه “سئم من العرب الأميركيين والعالم الإسلامي برمته!”.
وكان كل ذلك وراء تحرك إدارة بايدن لإعلان نية إصدار أول إستراتيجية وطنية لمكافحة الإسلاموفوبيا”، بحسب “الغارديان” و”سي إن إن” في 2 نوفمبر 2023.
وضمن التضييق على داعمي غزة، صادق مجلس النواب الأميركي، في 2 نوفمبر 2023، على قرار من شأنه أن يدين كل مظاهر التضامن مع حماس أو حزب الله أو أي منظمة إرهابية أخرى داخل الجامعات الأميركية، وصوت بالموافقة على هذا القرار 396 عضوا وعارضه 23 آخرون.