انخفاض شعبية الائتلاف الحاكم.. لماذا قد يدعم المسلمون الألمان اليمين المتطرف؟

منذ انتخابات البوندستاغ (البرلمان الألماني) عام 2021، انخفضت شعبية الائتلاف الحاكم في ألمانيا إلى الحد الأدنى لتصل إلى نسبة 38 بالمئة.

وبحسب الخبراء، فإن انخفاض الدعم للائتلاف يرجع في المقام الأول إلى الوضع الاقتصادي، الذي يخشى أكثر من نصف الألمان من ضعفه، وفق موقع روسيا اليوم.

وفي نفس الوقت، يشير الموقع إلى أن كتلة المعارضة تصدرت بنسبة 27 بالمئة، بينما يحتل حزب “البديل من أجل ألمانيا” اليميني المتطرف المرتبة الثانية بنسبة 21 بالمئة.

وحسب تقارير صحفية، هناك توقع شعبي بأن يكون حزب البديل من أجل ألمانيا قادرا على “إعادة ترتيب الأمور في البلاد”، على عكس “الأحزاب التقليدية” التي لم تعد جديرة بالثقة.

ويقود المستشار الألماني أولاف شولتز ائتلافا من ثلاثة أحزاب ليبرالية اشتراكية وهي الحزب الاشتراكي الديمقراطي وحزب الخضر والديمقراطيون الأحرار.

اليمين يتصدر

وانخفض تصنيف شعبية الائتلاف الحاكم في ألمانيا إلى أدنى مستوياته منذ انتخابات البوندستاغ عام 2021، ويتجلى ذلك من خلال بيانات الاستطلاع التي أجراها معهد علم الاجتماع “إنسا” بتكليف من موقع “بيلد أم زونتاج”.

ووفقا لموقع “روسيا اليوم”، يعزو الخبراء انخفاض الدعم للائتلاف إلى الوضع الاقتصادي الذي يخشى أكثر من نصف الألمان ضعفه وتدهوره.

ويشير إلى أن هذه الإحصائيات لن ترضي المستشار الألماني أولاف شولتز وحكومته على الإطلاق.

وينقل عن الإحصاءات أنه “إذا أجريت الانتخابات البرلمانية في ألمانيا اليوم، فإن الحزب الديمقراطي الاشتراكي الألماني الحاكم سيحصل على 18 بالمئة فقط من الناخبين، بينما سيحصل حزب الخضر، الذي يشكل جزءا من الحكومة الائتلافية، على 13 بالمئة فقط”.

في الوقت نفسه، ووفقا لذات الإحصاءات، تتصدر كتلة المعارضة المكونة من حزب “الاتحاد الديمقراطي المسيحي” و”الاتحاد الاجتماعي المسيحي”، بنسبة 27 بالمئة، ويحتل حزب “البديل من أجل ألمانيا” المرتبة الثانية بنسبة 21 بالمئة من المشاركين في الاستطلاع.

علاوة على ذلك، يذكر “روسيا اليوم” أن الاستطلاعات أشارت إلى أن بعض المهاجرين في ألمانيا سيصوتون لصالح حزب “البديل من أجل ألمانيا”.

ويوضح موقع روسيا اليوم أن هذه التوقعات مغايرة لما حدث آنفا، حيث أفادت دراسة قيمت السلوك الانتخابي للمهاجرين في الانتخابات الفيدرالية الألمانية لعام 2017، بأن ممثلي الجالية المسلمة لم يصوتوا تقريبا لصالح حزب “البديل من أجل ألمانيا” اليميني المتطرف.

وهنا يشير إلى أن هذا التوجه، أي انتقال المسلمين لدعم حزب “البديل من أجل ألمانيا”، يُنظر إليه من قبل أحزاب الوسط على أنه “تهديد”.

سلوك الحكومة

وينقل الموقع الروسي عن الخبراء أن “الشعبية المنخفضة للائتلاف الحاكم في ألمانيا ترتبط في المقام الأول بالوضع الاقتصادي في البلاد”.

ووفقا للدراسات الاجتماعية الأخيرة، فإن أكثر من نصف الألمان يخشون انهيار الاقتصاد.

ويقول الموقع: “وفقا لاستطلاع جديد، تراجعت ثقة الألمان في قوة البلاد بشكل حاد أخيرا، حيث أظهرت دراسة أجراها معهد ديموسكوبي ألنساخ أن 50 بالمئة من الألمان يعتقدون أنه خلال 10 إلى 15 عاما، لن تكون ألمانيا واحدة من أكبر دول العالم”. 

وفي الوقت نفسه، فإن 76 بالمئة ممن شملهم الاستطلاع في المناصب القيادية لديهم أيضا مخاوف مؤكدة بشأن “التكاليف الكبيرة للكهرباء، والتي ستؤدي إلى تراجع مستويات التصنيع”.

كذلك لفت الموقع إلى أن 55 بالمئة من الألمان يعتقدون أن “السياسات الحكومية تزيد من إضعاف ألمانيا كمركز للأعمال، ويعتقد 10 بالمئة فقط أنها تعززها”.

ويحذر الموقع الروسي من أن أحد الأسباب الرئيسة لعدم رضا جزء من الألمان عن الوضع في البلاد هي “سياسة الائتلاف الحاكم في ألمانيا”.

فبسبب الإجراءات التي اتخذتها الحكومة، تتزايد التكاليف المفروضة على السكان، كما يتراجع النشاط التجاري ومستوى المعيشة بشكل عام. 

وبحسب الموقع، تأثر الوضع الاقتصادي، بالمقام الأول في قطاع الطاقة، بشكل كبير بسبب العقوبات المناهضة لروسيا، والتي حرمت قطاعات الإنتاج الألمانية من موارد الطاقة المتاحة.

وحسب فلاديمير أولينتشينكو، كبير الباحثين في مركز الدراسات الأوروبية في “IMEMO RAS”، خلال مقابلة مع موقع “روسيا اليوم”، فإن “واشنطن هي التي دفعت برلين بطريقة ما إلى فرض قيود على موسكو”.

انكماش اقتصادي

ووفقا للتقديرات الخارجية، من قبل صندوق النقد الدولي نفسه على سبيل المثال، قد تصبح ألمانيا الدولة الوحيدة من دول مجموعة السبع التي سينكمش اقتصادها عام 2023. 

ويقول الموقع الروسي إن “قلق السكان الألمان يبدو مبررا تماما”، موضحا أنه عندما يتحدث سكان ألمانيا عن انهيار الاقتصاد، فإنهم يقصدون في المقام الأول تدهور وضعهم الاقتصادي وانخفاض الاستهلاك وارتفاع أسعار الإسكان والخدمات المجتمعية.

بدوره، يرى نيكولاي ميزيفيتش، كبير الباحثين في معهد أوروبا التابع لأكاديمية العلوم الروسية، أن “تقييمات الائتلاف الحاكم في ألمانيا، بالنظر إلى سياسته غير الناجحة، مبالغ فيها إلى حد ما”.

وفي نهاية الأمر، يذهب الموقع إلى أنه “في الائتلاف الحاكم، بدا للكثيرين على ما يبدو -في بادئ الأمر- أن الاقتصاد الألماني يتمتع بهامش كبير من الأمان”.

واستدرك الموقع الروسي: “ولكن كما اتضح فيما بعد، فإن هذا ليس هو الحال على الإطلاق”. 

ويؤكد أولينتشينكو أن نتائج استطلاعات الرأي، والتي تفيد بأن شعبية حزبي المعارضة أعلى من قوى الائتلاف الحاكم، تظهر “فشل سياسة الديمقراطيين الاشتراكيين وحزب الخضر والديمقراطيين الأحرار”.

ويتفق مع هذا الرأي ميزيفيتش كذلك، فمن وجهة نظره، “العديد من الألمان على استعداد لمساعدة النظام في كييف، شريطة ألا يؤثر ذلك بشكل كبير على وضعهم المالي”.

مقالات ذات صلة