انحباس الأمطار يفاقم أزمة المياه في غزة

يعاني قطاع غزة منذ نحو أسبوعين من انحباس في الأمطارن مع انعدام في مؤشرات الذالة على انفراجة قريبة، ما يشكل ضغطاً كبيراً على الخزان الجوفي للقطاع، ويفاقم مجموعة من الأزمات المائية والزراعية والصحية.
ومنذ سنوات طويلة يشكو قطاع غزة من تفاقم أزمة المياه وتلوث وملوحة الخزان الجوفي المتصاعدة، حيث يعد موسم الأمطار الحالي هو الأسوأ منذ سنوات وفق خبراء ومختصين في شؤون المياه والأمطار.
وتعد أزمة المياه التي يعاني منها سكان القطاع الأكثر خطورة لما لها من تداعيات على الصحة والزراعة، لكنها أزمة تصدم بغياب الحلول الجذرية لمشاكل تتلخص في ضيق المساحة الجغرافية ونمو السكان المضطرد اللذين أدّيا إلى زيادة في عجز المياه، رغم الجهود المبذولة محليا ودوليا لتطويقها وإيجاد البدائل المناسبة.
وبات مشهد لشاحنات صغيرة تحمل المياه الصالحة للشرب يتكرر كثيرا في شوارع القطاع،- تبيع تلك الشاحنات المياه للمواطنين لسد احتياجاتهم، مشهد قد يعبر عن الزيادة الحاصلة في نقص المياه لدى السكان.
وفي هذا الصدد أكّد الخبير في شؤون المياه والتربة نزار الوحيدي، أنّ انحباس الأمطار حتماً سيخلق حالة من الأزمة على صعيد المياه والزراعة والإنسان، وسيمنح فرصة لتكاثر الآفات والحشرات التي تضر بالتربة والمحاصيل الزراعية.
وأوضح الوحيدي أن انحباس الأمطار لما يزيد عن أسبوعين يعني فقدان أهم الموارد المغذية للخزان الجوفي، ويضاعف الضغط على الخزان الجوفي؛ حيث يضطر المزارعون للاستعانة بالري التكميلي لمحاصيلهم التي انقطعت عنها الأمطار.
ويعد الخزان الجوفي المصدر الوحيد للمياه في قطاع غزة والذي يعتمد عليه السكان لتلبية احتياجاتهم المائية للأغراض المختلفة؛ سواء كانت الآدمية أو الزراعية أو الصناعية، ومصدرها من الخزان الساحلي فقط والذي يقع على كامل مساحة قطاع غزة؛ حيث تتراوح سمك طبقته الحاملة للمياه ما بين عدة أمتار في الشرق والجنوب الشرقي من القطاع إلى حوالي 120-150 مترًا في المناطق الغربية وعلى طول الشريط الساحلي.
الري يستنزف الخزان الجوفي
بدوره؛ أكّد المهندس ماهر الجمل مهندس المياه بوزارة الزراعة، أنّ انحباس الأمطار يعاني منه قطاع غزة خاصة، مما يدفع المزارع إلى عمليات الري التكميلي، والتي تؤثر وتستنزف الخزان الجوفي، والذي تعد مياه الأمطار المغذي الرئيس والوحيد له.
وأوضح الجمل أنّ عمليات الري التكميلي يحتاج فيها المزارع للدونم الواحد لما يزيد عن خمسة متر مكعب من المياه لاستكمال عمليات الأيض والنمو، وهو ما يضغط على الخزان الجوفي، ويزيد من استهلاك المياه.
وبين أنّ انحباس الأمطار هو فرصة للآفات والحشرات الضارة لاستعادة نشاطها في التربة والمحاصيل، حيث ترتفع درجات الحرارة، والتي تعد بيئة خصبة لانتشارها ومضاعفة عملها، مما يضر بالمحاصيل والتربة، ويثقل كاهل المزارع ويزيد عليه التكاليف؛ حيث سيضطر إلى استخدام المبيدات لمعالجة هذه الأضرار.
وأوضح المهندس الجمل، أنّ الانحباس بصفة عامة يعمل على زيادة تراكم الأملاح في نطاقات واسعة من التربة، نظرا لأن الري التكميلي بالمياه الجوفية يزيد من الأملاح في التربة، لأن أغلبها مرتفعة الملوحة، وهذا ما يؤثر على عمليات مراحل النمو.
وأشار مهندس المياه الفلسطيني، أنّ انحباس الأمطار يعني انقطاع التغذية للخزان الجوفي، وحتى عندما تصل بعض الأمطار فإنها تصل بكثافة غير متوقعة، مما يسارع تبخر المياه في الطبقات العليا للتربة قبل وصولها للخزان الجوفي.