المغرب يحصل على وضع شريك في “آسيان”.. ما التداعيات على ملف الصحراء؟

يسعى المغرب لتنويع شركائه الاقتصاديين، ومن ذلك توجهه إلى آسيا وإفريقيا وأميركا الجنوبية، بما يحقق نتائج اقتصادية إيجابية بالنسبة له وأيضا أهدافا سياسية مهمة.
وتريد المملكة المغربية تحقيق إنجازات دولية لاسيما على مستوى قضية الصحراء الغربية المتنازع عليها مع جبهة “البوليساريو” المدعومة من الجارة الجزائر.
وفي هذا الاتجاه، أفادت وزارة الشؤون الخارجية والتعاون الإفريقي والمغاربة المقيمين بالخارج، بأن وزراء الشؤون الخارجية ببلدان رابطة دول جنوب شرق آسيا (آسيان) أكدوا وبشكل رسمي، خلال اجتماعهم في 4 سبتمبر/أيلول 2023 بجاكارتا، منح المملكة المغربية “وضع شريك الحوار القطاعي” لدى هذا التجمع.
وأوضحت الوزارة، وفق “وكالة المغرب العربي للأنباء”، 4 سبتمبر 2023، أن المملكة أصبحت بهذا القرار أول بلد في شمال إفريقيا يحظى بهذا الوضع، وهو بذلك يعزز موقعه كمحاور مفضل لهذا التجمع الجيوسياسي والاقتصادي ذي الأهمية الكبيرة.
وذكر البلاغ بأنه جرى الإعلان عن الاتفاق المبدئي لمنح “وضع شريك الحوار القطاعي” للمغرب خلال الاجتماع الـ56 لوزراء الشؤون الخارجية ببلدان الآسيان والمنعقد يومي 11 و12 يوليو/تموز 2023 بجاكارتا.
تجدر الإشارة إلى أنه جرى في الاجتماع منح الوضع نفسه لجنوب إفريقيا والإمارات، فيما تمت هذه الخطوة لصالح خمس دول أخرى في فترات سابقة، ويتعلق الأمر بتركيا والبرازيل والنرويج وباكستان وسويسرا.
أهمية سياسية
وتعد رابطة دول جنوب شرق آسيا سابع أكبر اقتصاد في العالم، وتأسست عام 1967 في بانكوك ومقرها جاكرتا.
وتضم حاليا في عضويتها 10 دول آسيوية هي: ماليزيا، وإندونيسيا وسنغافورة، وبروناي، وكمبوديا، ولاوس، وميانمار، والفلبين، وتايلاند، وفيتنام.
كما تعد بمثابة القوة الاقتصادية الثالثة في آسيا بناتج إجمالي محلي يناهز 2.6 تريليون دولار، وتحقق نسب نمو عند 5 بالمئة متجاوزة المعدل العالمي البالغ 3 بالمئة، بالإضافة إلى أنها تشكل تجمعا اقتصاديا كبيرا يضم أكثر من 664 مليون مستهلك.
ووقعت الرباط سنة 2017 و2022 مذكرتي تفاهم مع “لجنة نهر الميكونغ” التي تضم كمبوديا ولاوس وتايلاند وفيتنام.
وفي 2020 حصل المغرب على صفة “مراقب” لدى الجمعية البرلمانية لرابطة دول جنوب شرق آسيا، وعلى صفة “عضو شريك” لدى جمعية وزراء التربية بآسيان سنة 2021.
في قراءة عدد من الباحثين في العلوم السياسية والقانون الدولي لهذه الخطوة، أكدوا على أهميتها الإستراتيجية لصالح الرباط.
وأضاف معتضد لموقع “العرب” الإماراتي، 7 سبتمبر 2023، أن “تعزيز الرباط لمكانتها كمحاور مفضل لدى آسيان يشكل اعترافا بدور المملكة كمنصة للاستقرار في إفريقيا والعالم العربي”.
واسترسل: “وهو مناسبة للعديد من الشركات المنضوية تحت هذا التكتل للانفتاح على الفضاء المغربي الإستراتيجي ومنطقته العربية والقارية، من أجل المزيد من الاستثمارات التجارية والصناعية”.
من جانبه، ذكر المحلل السياسي، محمد شقير، أن منح المغرب وضع شريك الحوار القطاعي يأتي في سياق ذي أهمية كبيرة، بعيد انعقاد مجموعة “بريكس” الاقتصادية في شهر أغسطس/آب 2023 بجنوب إفريقيا.
وأوضح شقير لموقع “أشكاين” المحلي، 5 سبتمبر 2023، أن هذه الموافقة على جعل المغرب “شريكا للحوار القطاعي” ستمكنه من أن يحظى بإشعاع وثقل اقتصادي مهم.
وأضاف شقير أن منح رابطة دول جنوب شرق آسيا (آسيان) المغرب وضع شريك الحوار القطاعي يدعم أيضا التموقع الاقتصادي للمملكة، ويسهل عليها التعامل مع جميع التكتلات، مؤكدا أن للمسألة أهمية كبرى.
قضية الصحراء
وأكد أن قضية الصحراء هي المرآة والمنظار الذي يرى به العالم، ويقيم على أساسه علاقاته الثنائية مع مختلف الدول، مما يجعل تحركه السياسي والاقتصادي بآسيا، يخدم هذه الرؤية المؤطرة.
وفي هذا الصدد، قال نبيل الأندلوسي، رئيس المركز المغاربي للأبحاث والدراسات الإستراتيجية، ونائب رئيس لجنة الخارجية بمجلس المستشارين سابقا، إن حصول المغرب على “وضع شريك الحوار القطاعي” لرابطة آسيان، “انتصار دبلوماسي واقتصادي وسياسي للمملكة”.
وأضاف الأندلوسي، أن المغرب لم يعد يقتصر في اتفاقيات الشراكة والتعاون على شركائه التقليديين فقط، وإنما بدأ يتجه بعد إفريقيا، إلى دول القارة الآسيوية، في إطار هذه الرؤية الملكية التي سبق وأعلن عنها الملك محمد السادس بعدما حدد ركائزها، على أساسٍ قوامُه الندية والوضوح.
واسترسل، أن من ركائزها “الموقف الإيجابي من قضية الوحدة الترابية للمملكة المغربية” و”الاعتراف بسيادتها على الصحراء،” في إطار عام عنوانه خدمة المصالح المشتركة وفق قاعدة رابح-رابح التي تخدم التعاون جنوب-جنوب.
وفي نهاية أكتوبر/تشرين الأول 2022 دعا مجلس الأمن الدولي أطراف النزاع حول الصحراء، أي المغرب وجبهة “البوليساريو” المطالبة بالانفصال، إلى “استئناف المفاوضات” للتوصل إلى حل “دائم ومقبول من الطرفين”.
وبخصوص دول مجموعة “آسيان”، فعبرت ماليزيا وبروناي وكمبوديا والفلبين وتايلاند عن دعمهم للوحدة الترابية للمغرب وسيادته على الصحراء.
أبعاد اقتصادية
وقال الخبير الاقتصادي محمد جدري، إن المغرب أكد بهذه الخطوة أنه أصبح شريكا إستراتيجيا لمجموعة من الدول الآسيوية، معززا موقعه كمحاور مفضل لهذا التجمع الجيوسياسي والاقتصادي ذي الأهمية الكبيرة.
وشدد جدري لـ لموقع “إحاطة” المحلي، 6 سبتمبر 2023، أن الأمر “سيجعل المغرب يتبوأ مكانة اقتصادية مهمة وتفاوضية بين هذه الدول، وستساهم في تقوية الاقتصاد الوطني، بفضل مجموعة من الشركاء والمستثمرين، وبفضل تعزيز وزيادة الصادرات والواردات”.
وأضاف: “اليوم نرى هذا الأمر يأتي في إطار تعزيز مكانة المغرب على المستوى العالمي، وريادته على مستوى شمال إفريقيا، وعلى مستوى كذلك بعض الدول العربية”.
واسترسل: “أظن أن هذا الاتجاه هو أمر مهم جدا في تنويع شركاء المملكة، ولا قدر الله إبان الأزمات سيكون لدى المغرب مجموعة من الحلول الاقتصادية”.
وتوقع فقير تحقيق العديد من المنافع الاقتصادية للمملكة من هذه الشراكة، مشيرا إلى حدوث زخم جديد خصوصا في القطاعات التي يعول عليها المغرب، خاصة على مستوى القطاع الصناعي، وأيضا الاستفادة من نقل الخبرات والتكنولوجيا الآسيوية، ورفع تدفق الاستثمارات الأجنبية المباشرة وغير المباشرة.
تعزيز النفوذ
قال أمين سامي، خبير الإستراتيجية وقيادة التغيير وعضو خبير ضمن لجنة الأمم المتحدة الاقتصادية والاجتماعية لغرب آسيا، إن “منح المغرب صفة “وضع شريك الحوار القطاعي” لدى هذا التجمع، سيسمح للرباط من الاستفادة من المعرفة والخبرات والاستثمارات الأجنبية.
وأوضح سامي لموقع “بناصا” المحلي، 6 سبتمبر 2023، أن “وضع شريك حوار إستراتيجي قطاعي” يجري اختياره بعناية للمشاركة في مناقشة وتبادل الأفكار والمعلومات، بخصوص قضايا استراتيجية، تتعلق بمجال معين من الأعمال أو القطاع الاقتصادي.
وأبرز المتحدث ذاته أن الخطوة تعني أن “المغرب قد تم اختياره ليكون شريكا إستراتيجيا لهذه المجموعة، في إطار مناقشة وتبادل الأفكار والمعلومات، حول القضايا والمسائل ذات الصلة بالقطاع الذي تعنى به آسيان”.
وبالتالي، أردف سامي، “هذا يمكن أن يشمل مجموعة متنوعة من المجالات الاقتصادية أو السياسية أو الثقافية أو غيرها، حسب توجهات المجموعة”.