اللجوء للتحكيم الملكي في غلاء الوقود بالمغرب.. هل يكبح جشع الشركات؟

وبي المحروقات في المغرب مازال يبسط هيمنته على الأسعار، حيث يشتري المواطنون البنزين بثمن لا يتلاءم مع انخفاض سعر البرميل في السوق الدولية، مما دفع المعارضة البرلمانية إلى التهديد بـ”اللجوء إلى الملك” لطلب تحكيمه.

التهديد باللجوء إلى التحكيم الملكي جاء على لسان رئيس المجموعة البرلمانية لحزب العدالة والتنمية المعارض، عبد الله بووانو، وذلك لوقف الغلاء الذي تشهده أسعار المحروقات، وعدم اتخاذ الحكومة لأي إجراء للضغط على الشركات، وحماية القدرة الشرائية للمواطنين.

إشكالات كبيرة

وفي كلمته خلال اجتماع لجنة المالية والتنمية الاقتصادية بالبرلمان، انتقد بووانو عدم إقدام شركة المحروقات الوطنية، ويقصد “شركة إفريقيا” المملوكة لرئيس الحكومة عزيز أخنوش، على اتخاذ أي مبادرة للمساهمة في خفض الأسعار في محطات التوزيع، أسوة بشركات المحروقات في فرنسا وبريطانيا.

وسجل رئيس المجموعة البرلمانية، خلال الاجتماع في 10 نوفمبر/ تشرين الثاني 2023، عرقلة العديد من المبادرات البرلمانية المتعلقة بموضوع المحروقات، متسائلا “عما إذا كان ضروريا اللجوء للتحكيم الملكي في هذه القضية”.

ورأى مجلس المنافسة أن “هذه المداخيل المستخلصة من هــذه التدابيـر، ستمكن من تعزيز البرامج الاجتماعية التي تقررها الحكومة”.

افتراس وهيمنة

تفاعلا مع ما دعت إليه مجموعة العدالة والتنمية بمجلس النواب، قال الأستاذ الجامعي وعضو لجنة المالية والتنمية الاقتصادية بمجلس النواب السابق، عبد العزيز أفتاتي، إن “كل الخطوات التي قد تبادر لها مختلف الهيئات والمؤسسات لمواجهة الافتراس القائم في ملف المحروقات هي أمور محمودة”.

وأوضح أفتاتي ، أن “من بين الخطوات أيضا، التظاهر والاحتجاجات الشعبية الوطنية والمحلية والضغط بكل السبل المتاحة لإيقاف هذا الكابوس والكارتل (مجموعة شركات أو دول تعمل معا للتأثير في سعر سلعة معيّنة وتسويقها) المتمترس في الأعمال والمؤسسات”.

وعاد أفتاتي إلى “بدايات هذا الافتراس” وفق تعبيره، قائلا إن “عمليات الشفط للمحروقات الجارية منذ 2016، يقودها الكمبرادور (البورجوازي) أخنوش بنفسه، بوصفه المفترس والمهيمن على سوق المحروقات، بما في ذلك في هذه الأيام وضدا على أي منطق مقبول”.

احتكار ومضاربة

عدد من الخبراء أكدوا أن أسعار المحروقات في المغرب لا تتلاءم مع سعر الخام في السوق الدولية، محملين الحكومة مسؤولية هذا التناقض الماس بالقدرة الشرائية للمواطنين.

وفي هذا الصدد، قال رئيس الجبهة الوطنية لإنقاذ المصفاة المغربية للبترول “سامير”، الحسين اليماني، إنه و”منذ زلزال الحوز (8 سبتمبر 2023) تراجع ثمن برميل النفط الخام بحوالي 10 دولار، لكن بقيت أسعار الغازوال (السولار) مثبتة في حوالي 14 درهما للتر (1.4 دولار)، وأسعار البنزين في حوالي 15.5 دراهما (1.5 دولار)”.

أزمة خانقة

وزيرة الانتقال الطاقي والتنمية المستدامة، ليلى بنعلي، رفضت الإجابة عن أسئلة أعضاء “لجنة البنيات الأساسية والطاقة والمعادن والبيئة” بالبرلمان، حول أسعار المحروقات في السوق الوطنية، وذلك خلال مناقشة الميزانية الفرعية لوزارتها لسنة 2024. 

وبحسب موقع “الأول” المحلي، في 11 نوفمبر 2023، عللت بنعلي رفضها التفاعل مع أسئلة النواب في اجتماع اللجنة المذكورة، بكونها لا يمكن أن تقدم أجوبة شفوية في موضوع المحروقات، لأن ذلك “يثير عليها المشاكل”.

ورفض عدد من أعضاء اللجنة تبرير الوزيرة، مطالبين بضرورة الإجابة عن أسئلتهم، خاصة أن “الرأي العام الوطني يتابع موضوع أسعار المحروقات المرتفعة”.

وكشف مصدر من داخل الاجتماع لموقع “الأول” أن الوزيرة بنعلي أسرت لبعض البرلمانيين أنها “لا يمكن أن تتحدث في أسعار المحروقات إلا بعد استشارة رئيس الحكومة”.

وعيّن ملك المغرب في اللجنة رئيسي مجلسي البرلمان (بغرفتيه النواب والمستشارين)، ورئيس المحكمة الدستورية، ورئيس المجلس الأعلى للحسابات، ومحافظ بنك المغرب، ورئيس الهيئة الوطنية للنزاهة والوقاية من الرشوة ومحاربتها، على أن يضطلع الأمين العام للحكومة بمهمة التنسيق بينهم.

غير أن شيئا لم يصدر عن اللجنة التي كُلفت بالتحقيق، سوى تغيير رئيس مجلس المنافسة الكراوي واستبداله بأحمد رحو في 22 مارس/آذار 2021.

مقالات ذات صلة